نموذج تنموي يُخرِّف والثروة تنزف وصدى سؤال “أين الثروة؟”

0

•محمد الشمسي

غالبني القرف والقيء وأنا أكمل قراءة صفحات النموذج التنموي، فلغته ثقيلة شبيهة بوجبة متخمة بالدسم والشحم، وأشك انه صيغ بالفرنسية ووقع ترجمته إلى العربية، فجاء أسلوبه عسيرا نافرا من العربية….
في الختام أوجزت الحصيلة في كلمتين هما “لا شيء”…
“لا شيء” لأن النموذح التنموي لم يجرؤ على الإفتاء في أمر السياسيين من أصحاب السوابق في التدبير الفاشل للشأن العام وذلك بحضهم وحثهم جميعا على التنحي والمغادرة فورا إن طوعا أو كرها، لأن الإصلاحات لا يكون بالمتسببين في الاعطاب، فالسياسي سواء احتل منصب رئيس حكومة أو وزير أو رئيس جهة أو عمالة أو إقليم أو مجلس مدينة أو مقاطعة أو جماعة قروية أو عضو فيها يضع ثروة الوطن في جيبه، ويصبح مصيرها ومصير الشعب من خلفها رهينا بتوقيعه ومزاجه، مثلما يقرر في مصير الاجيال بقراراته وصفقاته…وفي غياب قوة المراقبة وشدة المعاقبة يتصرف في مال الشعب تصرف “العزري في ديال بوه”، لذلك غض النموذج التنموي البصر عن دور السياسيين الفاسدين الذين عقلوا الوطن بسلاسل التخلف، ولم يحرك ساكنا في شأن عقوبات صغيرة تصدرها المحاكم في حق هؤلاء، حيث يحاكم لص خطف هاتفا نقالا بسنوات طوال من الحبس، ويخلى سبيل سارق شعب بأكمله أو ينال عقوبة موقوفة التنفيذ وفي أفضل الأحوال عقوبة سالبة للحرية وهو ينعم بالسراح….
لم يوص النموذج التنموي بوجوب تحصين المال العام وتسييج تدبير الشأن العام بقانون حازم صارم، يجعل الجريمة في حق مال الشعب أو في حق تدبير الشأن العام جناية لا تختلف عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، كل ذلك لمحاربة السياسي “المرايقي” وطرده من العمل السياسي ، فيفسح المجال للسياسي النزيه الكفء المنتج الفعال المسؤول…
لم يُفتِ النموذج التنموي أنه على كل أمناء الأحزاب أن يخجلوا من التاريخ ومن الشعب ثم من أنفسهم فينسحبوا ثم يعتذروا، لأنهم قطع غيار “خاسرة”، وبقاؤهم قد يحرق المحرك، والوطن لم يجن في عهودهم غير الخيبات والأزمات…
لم يلحظ النموذج التنموي أنه منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نسمع أن المسؤولية مربوطة بالمحاسبة فإذا بنا نجد أن الحبل الذي يربط هذه بتلك مجرد خيوط واهنة تمزقها نسمة الريح…
ما لم يستعمل النموذج التنموي الصعقة الكهربائية كوسيلة للجواب على السؤال، ويضع الأصبع على الجرح محدثا ألما ووجعا، فكأنه لم يُنجز، وهنيئا لأعضاء اللجنة بما غنموه عن شخابيطهم من أموال، وهي شخابيط لا تعدو ان تكون تخاريف، وعقاقير مهدئة ومنومة سيزول مفعولها وسيلقى نموذجها مصير سابقيه من النماذج والبرامج الهيكلية والمخططات الاستعجالية… وستظل الثروة تنزف ومعها سؤال “أين ثروة المغرب؟” يرفرف، يدوي صداه في الأرجاء، فما دور السياسي إذا كان النموذج التنموي يرسم له خارطة طريق التنمية؟، وكيف للسياسي ان يحقق مضامين النموذج التنموي وهو لم يكن طرفا فيه؟، وماهي ضمانات نجاح مقترحات هذا النموذج وتأثيرها على السياسي؟…تلك أسئلة تنضاف لسؤال “اين الثروة؟”..

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.