عاداوي … وجبة “ماستر شاف” المسمومة

لا يمكن لمن كتب عليه ان يتابع الحلقة الاخيرة من برنامج ماستر شاف الذي تعرضه القناة الثانية ، أن يطمئن للنتيجة التي اسفرت عنها نتيجة المسابقة ، فطبخة الحلقة النهائية لم يتم طبخها على نار هادئة ، بل إن الطبخة ” تحرقات ” ليلتها ، و” عطات ريحتها ” ، فالثابت ان المشاركة حنان كانت متقدمة على المشارك محمد ، وليس في الامر الى حدود الساعة اية سوء فهم او خلاف ، فأن تفوز حنان مثل ان يفوز محمد ، العبرة ليست بالذكر أو الانثى ، ، لكن العبرة في من يطبخها جيدا ، والحقيقة أن البرنامج المذكور لم يكن مغربيا خالصا ، فربما كان يمثل شريحة من المغاربة ، ممن يفضلون تناول وجباتهم بالسكاكين والملاعق والفراشط ، والذين يحتاجون في وجباتهم ل ” كوزينا ” من “الماعن والطباسل ” ، وفي المحصلة لا يشبع الآكل ، ولا يفي الأكل بالغرض ، و” يتكرفص ” غاسل الأواني وحاملها ، لا اعرف هل كان من الضروري ان تكون مسابقات هذا البرنامج اجنبية عن مطبخ المغاربة وموائد أكلهم ، كان من باب الانصاف ان يتم تنظيم مسابقة للقوم ” هاي كلاص ” ، ومسابقة موازية لقوم الشعب ، ممن يتفنون في ” تعمار البرارد ديال اتاي ” ويطبخون ألذ الاطباق بابخس الاثمان ، وجبات لا تقدم للضيوف في كؤوس وصحون في حجم ” طفايات ” بل تقدم في “قصاري وقصاعي ” في حجم البرابولات ، يأكل الضيوف ومعهم “مالين الدار ” ويبقى للاطفال ، و ” ونذوق الجيران ” ،في الحقيقة أشتم رائحة ” إن ” في تقديم هذا البرنامج ، من يفرضه على القناة الثانية وبالتبعية على المغاربة ؟ ، من يقرر نيابة عن المغاربة ماذا يطبخون ؟ وبكم ” تطلع ” الحلقة ؟ ، ومن المنتج ومن المخرج ومن يطبخ ومن يأكل ومن يدفع الفاتورة في نهاية الوجبة ؟ .
شخصيا اعتبر هذا البرنامج الاجنبي عن المغاربة هو نوع من التغذية القصرية للمغاربة ، والتغدية القصرية تقنية يتم اللجوء اليها لتغدية المضرب عن الطعام ضدا في رغبته ، ولإفشال اضرابه عن الطعام والحيلولة دون موته بما يجلب العار على المتسببين في إضرابه ، فعلا نتعرض نحن معشر المغاربة لتغدية قصرية بمثل هذا البرنامج ، فهو لا يمثل مطبخ الشعب المغربي ، إنما يمثل مطابخ الفنادق خمس نجوم ، ومطابخ المطاعم المصنفة ، التي لا يدخلها إلا علية القوم ، فلماذا الاحتفاء بمأكل هذه الشريحة وإهمال مأكل دافعي الضرائب من عامة المغاربة ؟ ، هل كل المغاربة يأكلون “اللانكوص” وغيره من الحشرات البحرية ، وهل كل المغاربة يأكلون “الشامبينيون وغيره من الخضر النادرة ، التي لم اتشرف شخصيا بالتعرف عليها سوى في كتب الطبخ ؟ .
في الحلقة الاخيرة من هذا البرنامج الغريب عن ثقافة المغاربة ، كان الفوز من نصيب المتسابقة حنان ، فهذه المتسابقة كانت متقدمة على خصمها محمد ، وكل المؤشرات كانت تسير نحو تتويج السيدة حنان ، لكن لجنة التحكيم طبخت النتيجة النهائية ، و أراد أفراد هذه اللجنة وهم أناس كان المغاربة يجهلونهم ، وفرضهم عليهم هذا البرنامج فباتوا كمن جاء للدار “بلاعراضة ” ، كانت حنان متقدمة على محمد بثلاث نقط ، وفي المسابقة الاخيرة لم يهيء الحكام لمسرحيتهم الارضية ، فقد انتقدوا طبخة محمد ، واشادوا بطبخة حنان ، وكان المنطق السليم يتوج حنان ، باعتبارها صاحبة الافضلية ، وكذلك كان ، لكن الحكمة خديجة فاجأت الجميع وهي تمنح محمدا نقطة 17 في آخر عمر المسابقة ، علما انها انتقدت ما طبخه محمد ، وعلما ان نقطة ال 17 التي منحتها السيدة خديجة لمحمد جاءت نشازا وبعيدة عما منحه باقي الحكام لمحمد ، فاتضحت الرؤية وانكشفت اللعبة ، هؤلاء القوم يريدون زرع روح في برنامج ميت ، ارادوا خلق “الاثارة ” فصاروا موضع “سخرية ” ، رغبوا في جعل الحلقة الاخيرة حديث الناس ، فباتوا هم ومن خلفهم حديث الالسن .
لا يعنينا هاهنا فاز محمد او فازت حنان ، فطبخهم لا علاقة له بالمطبخ المغربي ، الكسكس المغربي ليس اخضرا، ولا يتم تحضيره بدون برمة وكسكاس ، ولا يوضع في كؤوس ، والطجين المغربي لا يطبخ خارج طجين الطين ، ما يهمنا أن طاقم البرنامج استحمر المغاربة استحمارا لا حدود له ، برنامج باكلات باسلة الذوق وقليلة الكمية وباهضة الثمن ، اراد ان يطبخ لنفسه وجبة في ذوق المغاربة لكن كل شيء ” اتحرق ” ليلة النهاية ، النهاية مخدومة ومغشوشة ، والوجبة التي طبخها ماستر شاف كانت بحق وجبة باردة وباسلة وحامضة والأخطر كانت وجبة مسمومة .