لعلها ليست صدفة ان يتزامن عيد الاضحى بالانتخابات ، صحيح أنه لا علاقة لا للعفاريت ولا للتماسيح بهذه المصادفة ، وصحيح كذلك انه لا علاقة حتى للتحكم بالأمر ، وقد وجدت بين العيد الكبير والانتخابات كثير من نقط الالتقاء ، ففي العيد الكبير يتم فتح كراجات كانت أقفالها قد تآكلت بالصدأ ، ويتم غزوها من طرف تجار الخرفان والجديان والضروبات ، كذلك الشأن خلال الانتخابات حيث تستفيق الأحزاب من سباتها وتكتري كراجات وتكتب إسمها مقرونا برمزها من حشرات وحيوانات و اعشاب وسائل نقل و آلات اخرى على يافطات تعلقها بمدخل الباب تذكر المارة بأنها عادت من غيبوبتها.
في عيد الاضحى لا يكون الحديث الا ان ثمن الاضاحي ونوعيتها من صردي وتيمحضيت وبوميا وغيرها من السلالات ، وعن سنها من سنان لحليب والثني والرباعي وغيرها ، وتكاليفها خلال موسم التسمين والعلف ، وفي الانتخابات يكون ذات الحديث عن اصناف الكتلة الناخبة ، في سوق الانتخابات وداخل رحبتها وبين شناقتها وسماسرتها ، ولا يتحدث هؤلاء سوى عن ثمن الصوت في دائرة معينة ، وأن سعر الصوت يتحدد بحسب العرض والطلب وقوة المنافسين ، وطريقة تدبيرهم لحملتهم ،فتظهر المآثم والاعراس بمثابة فرصة تقديم العلف للقطيع ، وتظهر الازمات اللاحقة بالمواطنين مثل موعد مع طبيب في مستشفى عمومي ، أو مشكل لدى دائرة امنية او في المحكمة او في دار الضريبة ، بمثابة فرصة ترويض الصوت الانتخابي واستمالته قصد صيده ، وكما لرحبة عيد الاضحى سماسرتها وخرفانها ، فكذلك الشأن في الانتخابات ، فلها كذلك سماسرتها ، فهناك “الجمال” وهو سمسار كبير له معارف من الحجم السمين ، وصاحب سوابق في إقامة المآدب والزرود ، وله فضائل على اهل السلطة فكان يوظفهم لاستغلال سلطتهم من اجل اعطاء حق لصاحبه .
هؤلاء هم كبار السحرة الذين يعلفون حصة الاسد عفوا حصة القرد ، إنهم يبيعون الاصوات بالجملة ، ثم يأتي صغار السماسرة ممن ابتلاهم الله بلسان طويل لا ينطق الا نفاقا ورياء ، يعرفون متى وكيف يزرعون الفتن ومتى يجنون الغلة ومتى يرمون شباك الصيد ، هؤلاء يبيعون بالتقسيط ، و في عيد الاضحى يرتفع مؤشر الكذب والنصب في سوق الحوالا ، حيث يقوم حرايفية العيد بنصب الكمائن للمواطنين الراغبين في اقتناء اضحية عيدهم ، هذا ينفخ كبشه من ابطه فيبدو الكبش الهزيل اضخم من الفيل ، وهذا يعمل على تشذيب صوف خروفه ومشطها فيما يشبه عملية التجميل ، ليوقع بمن تستهويه الصورة المنمقة ، وثالث يخفي مرض كبشه و”يعطيها عا لحلوف والزفيط ” حتى يصدقه المشتري ، وفي الانتخابات لا صوت يعلو فوق صوت الكذب والبهتان والوعود الخاوية ، المرشح لقبة البرلمان يعد المواطنين ببناء قنطرة او توسيع طريق او فك عزلة او تبليط زقاق ، وهو يعلم انه يخوض في مهام ليست من اختصاصه ، ومنهم من ينسى حجمه فتراه يتطاول ويعد بحل القضية الفلسطينية او تحقيق الوحدة العربية ، ومنهم من يخاطب الدائرين به وكأنه كان دوما وابدا الى جانبهم ، فيلتقي العيد الكبير والانتخابات في نقطة قسوحية الوجه عند من يقتاتون من المناسبتين معا ، وفي العيد الكبير تكثر الازبال والعفن وروائح الاحشاء ومشاهد الهيادر وحطام القرون والعظام ، وفي الانتخابات تتراكم مطبواعات برامج الاحزاب ، وحتى تلك الاحزاب التي تتبجح بحماية البيئة تكون هي اول من قصف البيئة بمخلفاتها التي تجتاح الطريق العام ، وتختم المناسبتان علاقتهما ببعضهما في يوم النحر ، حيث ينحر المواطن المسلم كبشه بعد صلاة العيد ، في حين ينحر الحزب الفائز خصمه بعد فرز الاصوات ، ثم ينحر ذات المرشح الاصوات التي صدقته ويختفي عنها تاركا اياها تتحسر ، تنتظر خمس سنوات قادمة لتثأر منه .
يبقى فقط الاشارة الى انه لا فرق بين الانتخابات وعيد الاضحى في ارتفاع صوت التبعبيع هنا وهناك ، ولا فرق بين المناسبتين في أن العيد الاضحى يضحي المسلم باضحيته لله ، لكن في الانتخابات يضحي المرشح بقيمه واخلاقه وضميره كما يضحي المصوت بوطنه ويضعه بين يدي من لا يخاف لا القانون ولا الله ، ويبقى العيد الكبير وهو يتزامن من الانتخابات قد ساعد سماسرة الانتخابات “باش يعيدو على المواطن الغلبان ” فقد تم شراء خرفان العيد للغلابا كعربون لبيع الصوت الانتخابي مقدما ، والله يجعل الغفلة بين البايع والشاري .