مجتمع

ندوة علمية تسلط الضوء على “البعد الإفريقي لإمارة المؤمنين”

نظمها المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعة عين الشق بالدارالبيضاء

في إطار الاهتمام المتواصل بالدور الريادي للمملكة المغربية في القارة الإفريقية، وبمناسبة  الذكرى  26 لتربع  جلالة الملك محمد السادس  على عرش أسلافه المنعمين، نظم المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعة عين الشق بالدار البيضاء، يوم الأربعاء 23 يوليوز 2025، ندوة علمية هامة تحت عنوان: “البعد الإفريقي لإمارة المؤمنين”، وذلك بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين والمتخصصين في الشأن الديني والسياسي والفكري.

وألقى الأستاذ المصطفى فوزي، رئيس المجلس العلمي المحلي لعين الشق بالدار البيضاء، مداخلة وُصفت بالجامعة والمعبّرة، تناول فيها موضوعًا محوريًا يحمل عنوان “يُمن المسلمين في إمارة المؤمنين”، مؤكدًا أن هذه المؤسسة العريقة ليست فقط عنصرًا من عناصر التاريخ المغربي، بل هي نعمة ربانية، ومرجعية دينية وروحية ذات امتداد وطني وقاري.

وأكد  الأستاذ فوزي، في مداخلته، أن إمارة المؤمنين بالمغرب لا تُختزل في بُعد دستوري أو سياسي، بل هي مؤسسة ذات جذور شرعية راسخة تعود إلى البيعة الشرعية، وتستمد  أيضا مشروعيتها من نصوص الوحي – القرآن والسنة – ومن التجربة التاريخية للأمة الإسلامية، مشيرًا إلى قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُون الله”، وقول النبي ﷺ: “من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية”.

وسلط رئيس المجلس الضوء على الدور الريادي الذي يضطلع به أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بصفته الجامع بين السلطة السياسية والمرجعية الدينية، وفق ما ينص عليه الفصل 41 من الدستور المغربي لسنة 2011، والذي يجعل من جلالته الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.

وفي إطار هذا التوجّه، أوضح الأستاذ فوزي، أن المنظومة الدينية المغربية ترتكزعلى ثوابت كبرى، وهي المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني، وهي ركائز أسهمت في بناء نموذج ديني مغربي متوازن ومعتدل يُحتذى به دوليًا.

وأشار إلى أن من ثمار إمارة المؤمنين:

توحيد المرجعية الدينية للمغاربة.

الاستقرار المجتمعي وسط اضطرابات طائفية عالمية.

الحصانة ضد الفكر المتطرف والغلو.

توازن الأصالة والمعاصرة في معالجة القضايا الدينية.

إشعاع روحاني يتجاوز حدود المغرب.

كما أبرز الأستاذ فوزي البعد الإفريقي لإمارة المؤمنين، باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لدور المغرب التاريخي في القارة، من خلال التجارة والتعليم والدعوة، مؤكدًا أن العلاقة لم تكن استعمارية، بل علمية وروحية، وهو ما تجسده اليوم مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي تم إنشاؤها سنة 2015 بمبادرة ملكية سامية، وأصبحت تضم فروعًا في أزيد من 30 دولة إفريقية، وتعمل على تأهيل العلماء، ومحاربة التطرف، وترسيخ المرجعية السنية المالكية المشتركة.

 

ومن صور هذا الامتداد – يضيف الأستاذ فوزي – الدور الكبير الذي تقوم به معاهد تكوين الأئمة والمرشدين، وبرامج استضافة الطلبة الأفارقة، وبناء المساجد والمراكز العلمية في دول الساحل والصحراء، مما يجعل من إمارة المؤمنين صمام أمان ديني لإفريقيا.

وفي ختام كلمته، شدد الأستاذ فوزي على أن الحفاظ على هذه النعمة الربانية مسؤولية جماعية، تتطلب وعيًا من العلماء والأساتذة ورجال الإعلام والمجتمع المدني، من أجل تعزيز الوعي بمكانة إمارة المؤمنين في صون الدين والأمن الروحي، ومواجهة الدعوات الهدّامة التي تستهدف ثوابت الأمة، وترسيخ قيم الولاء والإجماع حول المؤسسة الضامنة لوحدة المغاربة.

وأكد الأستاذ فوزي أن إمارة المؤمنين ليست فقط ضمانة سياسية، بل هي رحمة ربانية وهُوية حضارية تستحق الشكر والصيانة، لا بالخطاب فقط، بل بالفعل والسلوك والالتفاف الواعي.

كما عرفت الجلسة العلمية للندوة، مشاركة مجموعة من الأساتذة، حيث قُدمت عدة  مداخلات رئيسية، من ضمنها مداخلة  الدكتور  خالد الشكراوي في موضوع “إمارة المؤمنين حكامة  الشأن الديني والشأن السياسي”، ومداخلة  الدكتور  الشيخ خالد سيف الإسلام  في موضوع ” أبعاد إمارة المؤمنين في السياق الإفريقي”، ثم مداخلة الدكتور  عبد المغيث بصير  رئيس المجلس العلمي المحلي لبرشيد  في موضوع ” إمارة المؤمنين بالمملكة المغربية وعلاقاتها الروحية بدول إفريقيا”

واختتمت الندوة بتدخلات وتعقيبات الحضور، حيث أجمع المشاركون على أهمية تكريس هذا البعد الإفريقي في الخطاب العلمي والديني، واستحضار عمق العلاقات الروحية التي تجمع المغرب بعدد من دول القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم هذه الندوة يعكس حرص المجالس العلمية المحلية على تسليط الضوء على الأدوار الحضارية والروحية لإمارة المؤمنين، باعتبارها مرجعية دينية سامية، ومكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية المتجذرة في عمق إفريقيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى