” ولا تقف ما ليس لك به علم “

يلفت الله سبحانه أنظار خلقه لآيات وعلامات ليقتبسوا منها
العبرة والعظة ، وهي كثيرة بعدد حبات الرمل ، وقد تكون خاصة للفرد ، وقد تكون عامة للأمة والإنسانية جمعاء ؛ مثل واقعة الطفل ريان ، أو أيقونة القدس وشهيدة الكلمة في فلسطين “شيرين أبو عاقلة ؛ التي أثرت في العالم بأسره ؛ وكيفية اغتيالها برصاصة الغدر من الكيان الغاصب ، والذي لا يفرق بين مسلم أو غيره من الديانات ، أو عربي وغيره من الجنسيات ، وهي دلالة على عدواة ثابتة لا تتغير عند الصهاينة الحاقدين ، مما يجعلنا نأتلف ونتوحد ونتضامن سواء بالمواساة والتآزر ، أو فتح آفاق التسامح والتقارب ، لأننا ذات الرسائل الموحدة ، ولا يكفي التنديد والإستنكار ، بل التضحية بالمال والنفس ، كما علمتنا الصحافية التي لم تغتر بجنسيتها الأمريكية أو ديانتها المسيحية أو مكانتها الإعتبارية ، أن تسكت أو تتخلى أو تهاجر وتعيش حياتها !! ، بل أن تكون حجرة عثراء تخنق الأهداف الاسرائلية وتفضح جرائمهم ، بقلمها ولسانها وأخيرا بحياتها وجسدها ، في أرض المعركة والمبارزة ..
مما يجعل من البعض أن يركنوا إلى حظوة جناتهم الدنيوية ؛ قضاة للتصنيف !! ، بعد ما وهب غيرهم حياتهم للقضايا العادلة ، نعم هناك أمور عقدية فيها التوقيف ، وهي بيده سبحانه ، ولا نقول: ” قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار !! “، وقد سئل أحدهم عن اقتتال الصحابة فأجاب : ” تلك دماء طهَّر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني” ،
وقال غيره : ” تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا “وقد اكتفى غيره واستشهد بقوله سبحانه : ” تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”
ومن باب اليقين أن دخول الجنة ليس بأعمالنا ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يدخل أحدا عمله الجنة . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ”
وهو واضح بعكسه في قوله تعالى : ” هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة ..تصلى نارا حامية ”
ولا يعلم أحد بخاتمته وقد قال : “إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها ” والظاهر أن فرعون أجابه الله عند غرقه لقوله :” الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ”
كما نعلم علم اليقين لقوله سبحانه :” كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ ۖ وقوله ايضا :”ورحمتي وسعت كل شيء”
وقوله على رسالة نبيه :” إنا أرسلناك رحمة للعاملين ”
وأما قصة نبينا إبراهيم مع أبيه ، ونوح مع إبنه ، إنما هو طلبهم الإستغفار لهم وأنهم من أهليهم وهم منعيين عنه ، والعبرة أن الجاحدين من أبناء جلدتنا والملحدين من أبناء ديننا أخطر على أمة من المدافعين والصامدين من ديانات غير ديننا ؛ في قضايا أمتنا المحورية ، إذ ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ، ولم يخرجوكم من دياركم ؛ ان تبروهم وتقسطوا إليهم ، إن الله يحب المقسطين ”
وبالأمس القريب ، قد قيل إن العمليات الفدائية والاستشهادية في فلسطين ، ضد العدو الغاصب ؛ انتحار لا جدوى منها ، وهي والله شهادة .. واليوم ننقاش الترحم على غير المسلم ؛ وهو إحجام على قضايا الأمة في الجزئيات ، وتعثر في الملهيات ، وانشغال بالتفرقة التي يسعى إليها العدو الغاصب ،
فكفوا ألسنتكم ؛ واجمعوا شملكم بتوءدة ، ووحدوا كلمتكم بالرحمة ، واهتموا بقضايا أمتكم ، وألعنوا التبخيس والتنقيص ، ولا تركنوا إلى التجريح والتعديل ، ودعوا الخلق للخالق .. ورحم الله شهيدة الرأي والكلمة ، وأيقونة النضال الفلسطيني