كراطة الوزير لانقاذ الامير

كل العالم عاش لحظات غرق ملعب الامير مولاي عبد الله ، كل العالم تفرج على الفضيحة ، وكأن الأقدار ترصدت الى وزير الشباب والى حكومة بنكيران والى الدولة المغربية ، وكأن عدوا لذوذا حبك الخطة وأعد العدة ، وأراد أن تكون فضيحتنا بجلاجل ،هناك من زرع كتل السحب فوق سماء العاصمة في تلك الليلة ، ليعري سوءة جهاز بأكمله ، جهاز يتبجح ويتحسرف في تنظيم تظاهرات اكبر من حجمه ، فقد كانت ملاعبنا تغرق بيننا ومنا وإلينا ، ونحتج على بعضنا ونغضب ونثور ، ثم نعود لنواصل حياتنا في الوقت التي تظل فيه ملاعبنا غارقة ، الى أن تنشف لوحدها ، لكن أن يغرق ملعب يحمل اسم امير ، وملعب العاصمة الرباط ، وملعب يشاع انها صرفت عليه الملايير ، ومتى ؟ بمناسبة اجراء مباريات “غراف تادونيت” للاندية ، والعالم كله يتابع التظاهرة ، فهذا كثير على الصدف ، وفي اليوم الموالي يغرق ملعب الملك محمد الخامس بالدارالبيضاء وينقطع الكهرباء عنه ، لابد ان هناك جهات خارجية متواطئة في تزامن الحدثين او الفضيحتين ، تحولت رقعة ملعب الامير مولاي عبد الله الى ملعب لكرة الماء بالاقدام ، أو كرة القدم البرمائية ، وهي اول مرة يشاهد فيها جمهور كرة القدم رياضته المفضلة تلعب في الماء ، وحتى عشاق كرة الماء شاهدوا كيف ان كرة الماء يمكن ان تلعب بالاقدام ، وحتى مشهد ذلك اللاعب المكسيكي حين عبر عن فرحته بتسجيله هدفا كيف قفز وسط ضاية من الماء بدون ان يكون مرتديا للباس الغطس ، وجرت سيول في جنبات العشب ورسم نهر صغير وبات الملعب في حاجة الى سد لتجميع تلك المياه السائبة ، و صارت رقعة الملعب شبيهة بصهريج من صهاريج دبغ الجلود ،بل صارت مثل حقول الارز في ارياف الصين .
ما عسى حسادنا يقولون عنا ،وهم يتصيدون هفواتنا وما اكثرها من هفوات ، هل طالبنا الكاف بتأجيل تنظيم كاس افريقيا لاننا اكتشفنا اننا غير جاهزين بعد لتنظيم التظاهرة الافريقية ؟ ، ما عسانا نقول على انفسنا وعلى مبرمجينا ، من برمج ملعب الامير مولاي عبد لله لتظاهرة من حجم كاس العالم للاندية ؟ لماذا لم يتم اللجوء الى ملعبي اكادير ومراكش وهما ملعبان مجربان سابقا والفرجة فوق عشبيهما مضمونة ؟ من زج بمولاي عبد الله في هذه المتاهة وباي ضمانات ؟ ، غرقت سمعتنا الرياضية ، وغرقت كرتنا وغرق مسؤولونا وغرقنا جميعا في مياه ضحلة ، وباتت الشركات تتخذ من وطننا ورشا للتكوين والتعلم واكتساب التجارب ، وصرنا يتامى يتعلم فيهم الحلاقون المبتدؤون الحسانة ، ولا يهمنا ماذا قال وزير الرياضة وبماذا برر و ماذا سيتخذ من اجراءات ، ولا تعنينا نتائج تحقيقاته ، فقد تحققت الفضيحة ، فدول العالم التي شاهدت تلك المصيبة لن ترى ما سيقوم به الوزير من تحقيقات ، فقد كان حري بالوزير ان يسلم نفسه للنيابة العامة ويعترف بتقصيره ويدخل زنزانته من تلقاء نفسه ، ففي الجهة الاخرى تتناقل الفضائيات مشهد البؤس الذي عشناها في تلك الامسية السوداء ، تقول القنوات لمشاهديها ، هل أتاكم حديث دولة ، فلاحية وزراعية ، ومناخها متوسطي ، لكنها تتوفر على ملاعب تصلح لكرة القدم صيفا ولتصبين الغسيل شتاء ؟ كان مشهدا يبعث على الشفقة والحسرة ، ليس لان التيران غرق ، بل ومشهد رجال يدخلون الى الملعب حاملين سطلا لشركو صباغة ، وقطعا من الاسفنج ، وراحوا يعصرون ويعصرون ، وآخر يحمل مدراة وكأنه يجني حبات البطاطس ، أو حبات الجزر من فيرما ، والمساكين لا يعلمون ان العالم بأسره يتفرج على مهزلتهم ، إذا أنتم تعلمون ان رقعة الملعب لا تستحمل المياه ، وإلا من أين لكم بتلك البونجات وتلك المدرا وذلك السطل وتلك الكراطا ، لانقاذ ماء وجه حكومة ، ماء وجه وزارة وجامعة قيل عن جديتها كلام كثير ، لكن كل شيء تبخر مع اول رعدة .