الرأي

عاداوي – لا أغرقكم الله

هل كان من اللازم أن تلتهم السيول كل ذلك العدد من المواطنين جنوب المملكة ؟ ، وهل كل تلك الفاجعة تدخل في خانة القضاء والقدر ؟ وهل إيماننا بالقضاء والقدر يصل بنا الى درجة التغاضي عن أعمال الغش في بناء قناطرنا و سبل الإهمال لصيانة مرافقنا ، والصفقات المشبوهة في إنشاء طرقنا ،وعدم الحزم في التعامل مع التيارات المحملة بالسحب ؟ ألا يتحمل مسؤولونا قسطا وافرا من المسؤولية ؟ ، أليس مسؤولونا شركاء في جرائم الإغراق الجماعي للبشر والمتاع ؟ ، أليس هناك وزراء ، يثقلون كاهل الخزينة العامة برواتب سمينة ، ويتمتعون الى درجة اللهو بالسلطة والنفوذ ، اليس هناك مستشارون جماعيون لهم رئيس كبيرهم يتحكمون في مداخيل ضخمة ، اليس هناك رجال سلطة من ولاة وعمال وباشوات وقياد ومخازنية ؟ ، ثم تأتي قطرات مطرية لتهدم بيوتا من الوحل ، وتنسف قناطر منخورة ، وتتحرك الشعاب السائبة لتغدر بالناس الآمنين ، وتجرفهم لتحولهم الى أرقام في المأساة ، فكيف يمكن ان يصدق عقل أننا أمام دولة بمؤسسات ووزارات ، ، اين زيارة رئيس الحكومة الى الدواوير المنكوبة ، واين تلك المخططات الاستعجالية التي تمنح المنكوبين حيزا من الأمل ، فما أقسى المصيبة إذا رافقها إهمال المسؤولين ، أما كان على وزراء الداخلية والنقل والتجهيز والصحة و ممثلو الدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المساعدة أن يكونوا في الصفوف الاولى لمواجهة الكارثة ؟ ، وإلا كيف أمكن أن ينال وزير الداخلية او النقل او التجهيز او الصحة هذه الصفة ؟ ، كيف أمكن لهم أن يختفوا خلف حواسيبهم ويبعثوا بعبارات التودد والحسرة على مقاطع الفيديوهات وهي تؤرخ لنكبة ممزوجة بلامبالاة ، فلا يعقل ان تجرف السيول العباد والعتاد ، وتهدم البيوت وتحرم القوت ، ونحن نشاهد تلفزاتنا وإداعاتنا ترقص وتمرح وتغني …

في انتظار ان يمر فصل شتائنا بلطف ، نقول ان اقتصادنا وحياتنا مرتبطة بشكل كبير بالمطر ، ونقول ما أحوجنا الى الأمطار ، ونقول بأنه ليس قدرا أن يرتبط هطول الامطار بالفيضانات والقتلى ، ونقول إننا لا نتوفر على خلايا حقيقة لمواجهة مجمل الكوارث ، ونقول ان حاجتنا الى المطر لا تقل عن حاجتنا الى تكوين مسؤولين قادرين على التدخل في الوقت المناسب وبالشكل المناسب ، لتخفيف حجم الخسائر ، ولا نحتاج إلى من يكتفي بإحصاء موتانا ، ونقول الى ان يتحقق لنا هذا المطلب البسيط ، لا أغرقكم الله ، لانه إذا أغرقكم فلا منقذ لكم ، قالقبر أمامكم ومن لا ينقذكم خلفكم ، وقد تتهمكم حكومتكم وأنتم تلاقون ربكم في مثواكم الأخير ، بأنكم أنتم من تحرش بالموت غرقا ، فأنتم من اعتديتم على السيول بحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة ، أنتم من ظلم الوادي ، اعود لأجدد دعائي : لا أغرقكم الله ، وكفى بالله شهيدا ، و”كية اللي جات فيه ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى