خطب فينا إمام في إحدى المساجد بعمالة مقاطعات مولاي رشيد بالدارالبيضاء ، يوم الجمعة 30 دجنبر 2016 وقال الخطيب إن معاداتنا نحن المسلمون لليهود والمسيحيين وكرهنا لهم واجب ديني ، وزاد الخطيب أنه يتوجب على كل مسلم أن يكره المسيحي واليهودي والشيعي والمجوسي لأنهم بحسب الخطيب أعداء الله ، وأن المحبة والبغض إنما يكونان لله وفي الله ، وقال إمامنا يومها أن الأوربيين والغرب يتمتعون بحس إنساني وليس أخلاقي ، وزاد الإمام ذو اللحية البيضاء والقامة الطويلة والعمر الضارب في الوجود قرابة الثمانين سنة وما يزيد ، أن البرنامج التعليمي للصغار يهدف إلى شحن أوقات الأطفال بالدروس واللغات والهدف هو عدم ترك حيز زمني للطفل قصد حفظ القرآن والحديث .
وضرب لنا مثالا عن ابنته التي تدرس في السنة الرابعة ابتدائي وكيف أنه يبيت الليلة يساعدها في حل تمارين دراستها حتى الساعة الحادية عشر ليلا ، ودعا الامام الآباء الى هجر المقاهي والالتحاق الفوري ببيوتهم للاقتراب اكثر من ابنائهم ، وندد الخطيب بظاهرة تناسل المقاهي ، وأخبرنا أنه عاين افتتاح مقهيين جديدتين في الحي الذي يقطن فيه ، ثم قفز إمامنا الى التذكير بحرمة لبس الرجل للحرير والذهب ، وقال إن ذلك يجعل الرجل مخنثا لا يقوى على الجهاد ، وزاد في قوله أن كلمة بابا تنويل تعني “ابونا الاله” ، وحرم الاحتفال بهذه المناسبة ، وسخر الخطيب من الفنانين والنجوم والمشاهير ، ووصفهم بأهل العفن ، وأنهم قدوات سيئة للأجيال الصاعدة ، باعتبارهم لا يرتدون الزي الاسلامي الشرعي ، ودعا الامام كل مسلم إلى هجر لباس النصارى ، وارتداء لباس الاسلام .
ثم استوقف الخطيب خطبته وصاح في وجه احد المصلين دخل المسجد يبحث له عن مكان ، ونهر الإمام ذلك المصلي بقوله له ” اجلس حيث أنت لا تتجاوز الصفوف ، أجلس حضرت متأخرا وتسعى الى تخطي المصلين ..” فانهار المصلي جالسا بعد أن استدارت العيون صوبه ، وعاد خطيبنا يحذرنا من حب غير المسلم ، وأخبرنا أن الاخلاق العالية هي اخلاقنا نحن المسلمين ، وأن الغرب إن تفوق علينا في الصناعات والاختراعات ، فإننا نتفوق عليه بديننا وقيمنا ، ثم ختم الخطيب خطبته بالدعاء لسكان حلب السورية ، كما دعا الله ان ينجي المغرب من الارهابيين والتكفيريين ، ودعا للملك بطول العمر وسداد الخطى ، وأمرنا أن نقوم للصلاة ، فهبت الجموع في وقفة رجل واحد خشية غضبة الأمام ، انتهت الخطوط العريضة لخطبة الخطيب ، وأعود الآن الى التعليق .
كانت خطبة الخطيب في حالة تسلل فكري ، فالرجل لم يخطب فينا بقرآن أو حديث ، بل خطب فينا بوجهة نظره هو ، هو الذي يحمل فيروس الكراهية لكل العالم ، هو الذي يحمل كما من الحقد والغل لكل العالم ، لكنه وفي تقية مكشوفة وحفاظا منه على التعويضات المالية الممنوحة له من المجلس العلمي ، يحاول تليين كراهيته بأن يجعلها ضد كل من هو غير مسلم ، والواضح أن هذا الخطيب يكره حتى اولئك المصلين الذين يستمعون الى خطبته لأنهم لا يرتدون اللباس الشرعي الذي يروج له ، ومنهم من يرتدي ـ وأنا واحد من هؤلاء ـ ربطة عنق وبدلة نصرانية ، في تلك الخطبة زرع ذلك الامام بذور البغضاء في نفوس مصلين غالبيتهم أميون يعتقدون أن الرجل يتحدث نيابة عن الله ورسوله ، إذا لم يكن للمصلي ذرة عقل فإنه سيخرج من ذلك المسجد كارها لكل مسيحي ولكل يهودي ولكل من هو غير مسلم .
من تلك الخطبة أمكن لضعاف النفوس وما أكثرهم الاعتقاد أن جحافل داعش وطالبان والقاعدة هم أهل الاخلاق والعلم ، وتناسى إمامنا أن مكبر الصوت الذي كان يخطب فيه هو من صنع غير المسلم ، وأن المسجد الذي يخطب فيه كل مواد بنائه ونقشه وتصميمه هي من صنع غير المسلمين ، وتناسى إمامنا انه حتى اللباس الشرعي الذي يتغنى به ، غير المسلمين هو من ينسج خيوطه ، وتناسى الخطيب أن المطابع التي تطبع القرآن الكريم ومعها كتب الفقه والحديث هي من صنع هؤلاء الذين علينا أن نكرههم كرها نتقرب به الى الله تعالى .
إمامنا الذي قطع الخطبة ونهر مصليا من فوق المنبر ، تناسى الحديث الذي استهل به خطبته والذي مفاده أنك إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت ، وان من لغا فلاج جمعة له ، فكيف إذا كان من لغا هو الإمام ، وكيف إذا كان اللغو في شكل عنف لفظي وتهديد معنوي ، وفظة وغلظ وقمع ، من إمام يفترض فيه التبشير لا التنفير والتيسير لا التعسير ، وأين هو من اخلاق رسول الله الذي تعامل بنبل ويسر مع مصل تبول في بيت الله ،خرجت بخلاصة أن هذا الامام ذا الثمانين سنة والذي أكد أن له بنتا في سن العاشرة بمعنى أنه تزوج وعمره 70 سنة ، ربما اصيب بخرف خريف العمر ، وأنه لم يعد يصلح للإمامة والخطبة ، وأنه إن كان من محتاج الى التوبة .
فالاولى بها هذا الرجل الذي ينتحل صفة إمام وخطيب ، ليزرع الفتنة والحقد بين الناس ، فالله هو خالق كل الخلق بمؤمنيهم وملاحدتهم وبمسلميهم ومسيحييهم ويهودييهم وشيعتهم وسنتهم ومجوسييهم ، وقد سبق في علم الله تعالى أن سيكون بين خلقه كل هذا التنوع في الفكر والاختيار ، والله تعالى يبسط الرزق للمؤمن والكافر ، ويهب نعمته لكل خلقه ، ولو شاء الله لما خلق من سيكفر به ، وهذه مشيئة الله ، والله تعالى في غنى عن عباد يدعمونه ضد عباد آخرين ، فالعبد الكافر الجاحد هو من يتخذ من الله عدوا ، أما الله فرحمته وسعت كل شيء ، ولا يغنيه تعالى إيمان أو كفر عبد من عباده فهو في نهاية المطاف واحد من خلق الله ، لذلك فإن الأمام أقحم نفسه طرفا في علاقة بين الله وفئة من عباده ، الله تعالى أقدرو أعلم على تدبيرها ، وإمامنا مجرد فضولي ومتطفل لما بين الله وباقي عباده ، بل الامام مطالب قبل كل شيء بأن يبرز قيم الدين الاسلامي حق إبراز ، فإذا كان الله تعالى قد كرم بني الانسان مسلمه وكافره ، فمن يكون هذا الذي يحاول تقسيم بني الانسان الى مغضوب عليه في الدينا والاخرة ، والى أمة ناجية ، وإذا كان هناك من دخل الجنة في قطة فكيف نبغض انسانا كرم الله وننتظر ثوابا من الله على هذا البغض.
خلاصة تلك الخطبة أن الامام ختمها بدعائه على الارهابيين والتكفيريين ، حينها فقط قلت آمين من أعماق قلبي ، لعل الله تعالى يتسجيب الدعاء فينجينا من هذا الفكر الارهابي الهدام ، الذي يصورنا نحن المسلمين نود أن نوجد وحدنا في هذا الكون ، لا يقاسمنا فيه سوى من يلبس مثلنا ويفكر مثلنا ويمشي مثلنا ، ولغيرنا ممن يخالفنا العقيدة والفكر والمنهج القتل والكره والحقد ، فعلا لغا إمامنا في تلك الجمعة ، فهل صلاتنا خلفه جائزة ؟ .