الرأي

هذه مدينة الوليدية تغرق … أينكم يا فاسدين

اكتب عمودي هذا من مدينة وهبها الله كل شيء جميل ، موقع يتوسط مدينتان تاريخيتان ، الجديدة وآسفي ، وتصميم تضاريسي عبارة عن تلة مترفعة تطل على البحر بأنفة ، شاطئ برمال ذهبية متلألئة ، وحزام من الصخور تتصدى لهجمات الموج المتمرد المتكبر، فتحمي المصطافين من طغيانه ، بعدما اختفى المنقذون ولم يظهر لهم أثر تاركين المصطافين يسبحون في فم بحر هائج ، دون ادراك منهم انهم كمن يلعب بأنياب الضبع ، مياه بحر نقية لا يعكر نقائها سوى طحالب متناثرة هنا وهناك ، تدل على الساحل لا زال لم تغزه المدنية الحديثة بملوثاتها ، أناس طيبون يعرضون خدماتهم بشكل بدائي وتقليدي ، منهم من يتوسط في كراء شقة خلال يوم او يومين في جولة سياحية ، ومنهم من يحرس سيارات المصطافين ، ومنهم من يمتهن التجارة بحثا عن “طريف ديال الخبز ” وسط جموع الزوار .

لكن إذا ما تجاوزنا هذه الخصال الربانية التي منحها الله للوليدية ، فإن المسؤولين عن الوليدية لم يقوموا بواجبهم في حق هذه المدينة الصغيرة مساحة والكبيرة صيتا ، يوجد في مدينة الوليدية شارع رئيسي وحيد ، هو عنوان التهميش ، شارع أزباله المتناثرة على جنباته أكثر من عدد المارة الذين يعبرونه ، روائح تلك الازبال تجعل ضيف المدينة يندم على زيارتها ، وعلى طول ذلك الشارع يتجسد مهرجان البؤس ، حفر وأتربة وما تبقى من عشب حديقة صار قشا ، وسخافة في مخطط تهيئة المدينة على مستوى سداجة تصاميم البناء ، حيث تبدو البنايات من خلال تصاميمها بئيسة وكئيبة ، شبيهة بحانات أفلام “الويستيرن” ، بأزقة متربة ومحفرة ، لا ينقصها سوى نصب خيام لتبدو مثل مخيم للاجئين ، لا رقابة على الوجبات الغذائية المعروضة لضيوف المدينة ، الكل يطبخ ما يحلو له ، ويقدمه بالشكل الذي يريده هو ، فوق موائد لا تصلح لتناول وجبة فوقها كما لا يصلح اولئك المسؤولين لاصلاح حال تلك المدينة ، كراسي مهشمة تقف على ثلاث ارجل ، و هندام ولباس “مول الماكلا” يوحي أنه لم يعرف في حياته شيء اسمه النظافة ، عدد رجال الدرك على رؤوس الاصابع متفرقين على ممرات المدينة وهم مغلوبون على امرهم لانهم غارقون وسط تلك الجحافل من السيارات والدرجات ، ناس الواليدية طيبون للغاية ، سماهم على وجوههم من أثر الهشاشة والاقصاء ، يعتقدون أنه لا دخل للمسؤولين في حال مدينتهم ، فحتى صنابير مياه الشرب ضعيفة الصبيب ، في مدينة تجاور واد او الربيع ، وشبكة التغطية على مستوى الهاتف الخلوي ومعه الانترنت تصدق عليها مقولة ” هاهو كيشعل ….هاهو كيطفا ” ، الريزو هناك للمعتمدين الثلاثة يشتغل على مزاجه ، إن شاء جاء وإن شاء مشى ، وأما الليل في مدينة الوليدية فهو رتيب في غياب برنامج ترفيهي هادف ، وحده نسيم البحر العليل الذي ينعش الصدور والقلوب ، يمكنه أن يُنسي الزائر هذه ” الحكرة” ، معرض تجاري بدائي الشكل والمضمون ، وترفيه ب”لافوار” متهالك والأكيد انه غير خاضع للتأمين .

ماذا لو أن الوليدية هي بدون مسؤولين ؟ ، كيف كان سيكون حالها ؟ ، وهل ثمة حال هو اسوأ مماه عليه ؟ ، يقينا لا ، فدرجة التهميش والاهمال التي تعيشها الوليدية قد خرقت الحضيض وباتت أسفله ، لذلك كان حريا بعامل العمالة التي تنتمي اليها الوليدية سواء كان عامل آسفي أو عامل الجديدة ، كان حريا به أن “يخجل ويحشم ” ، وأما رئيس الجماعة القروية للوليدية فالواجب يقضي بتقديم شكاية ضده هو ومكتبه ، حول ما اقترفوه في حق هذا المنتجع .

قال جلالة الملك في خطاب العرش الاخير “ان عدم القيام بالواجب هو نوع من انواع الفساد “، ونعتقد انها رسالة بليغة ، تقول ل” مكيحشمش” نوض تخدم راه لفانت ديالك والسليت ديالك هو نوع من انواع الفساد ، بل هو أشد انواع الفساد فتكا بالمجتمعات ” ، أليس إهمال الوليدية من طرف المسؤولين عن تسيير شؤونها هو صورة بشعة ورهيبة من صورالفساد ؟ ،أليس من الواجب ربط مسؤولية المسؤولين هناك بالمحاسبة ؟ ، الحصول ، الى أن يدرك المسؤول الغشاش أن غشه وتهربه وإهماله وتقصيره في مهامه هو شعبة من شعب الفساد ، نقول بحشرجة وألم ” إذا لم تخش خطاب الملك ولم تخش القانون ، فأنت حتما لا تخشى حتى الله ، والعياذ بالله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى