
منذ الوهلة الأولى التي يتم فيها تعيين عون السلطة من طرف السادة العمال،باقتراح من القائد أو الباشا أو ادماجه مباشرة من طرف قسم الشؤون الداخلية بالعمالة فإنه يتفاجئ براتب شهري الهزيل لا يتعدى [1000,00] ألف درهم اضافة الى بعض التعويضات،لكن مع قساوة العيش و نسبة البطالة المرتفعة خصوصا في السنوات الاخيرة،يوقع قرار تعيينه لينتقل إلى عالم آخر لم يكن يعلم عنه شيئا .
عندما دخل صديقنا عالم أعوان السلطة فإنه ودع شيئا إسمه الحرية ودخل حياة كلها عمل وتعب ليلا ونهارا،صيفا و شتاء.فأصبح مكلفا بتسليم الشواهد الإدارية للمواطنين ومراقبة السكان الجدد والأجانب ومراقبة كل حادث ممكن أن يقع داخل القطاع الذي أصبح مشرفا عليه كالحرائق والسرقات وحوادث السير والنظافة و الانارة ومراقبة مخالفات التعمير وتنظيم الباعة الجائلين وتحرير الملك العام الجماعي والمتشردين و الحمقى….. كل شيء حدث أو يحدث في السيكتور “الشادة والفادة” يجب أن يخبر بها سواء باليل أو النهار و طيلة أيام الأسبوع بما فيها يومي السبت والأحد، الى درجة نسي شيء اسمه الويكاند و عطلة الأعياد .
وكل هاته المهام التي يجب أن يقوم بها على متن دراجة نارية مسلمة له من مصالح العمالة و دون أن يصرفوا له حصته من البنزين، إلا في بعض الاستثناءات القليلة،ليكون مضطرا أن يشتري البنزين من ماله الخاص لقضاء الأغراض الإدارية و ما طلب منه.
ولا ننسى أن الدور الكبير الذي يلعبه أعوان السلطة خاصة في الظروف الصعبة كالكوارت الطبيعية زلزال الحسيمة و الحوز كمثال وجائحة كورونا والإحصاء العام للسكان والسكنى التي ابان فيها عون السلطة عن روح وطنية عالية ومهنية كبيرة في التعامل مع الاوضاع الطارئة ،وكذالك حضوره القوي في الاستحقاقات الوطنية كالانتخابات الجماعية والبرلمانية والمهنية ولا يفوتني التذكير بحريق سوق المسيرة بتراب مقاطعة مولاي رشيد وحريق قسارية شطيبة بتراب مقاطعة سيدي عثمان وسرقة مضخات حديقة المختار السوسي”شطيبة”.
وكل هذه المهام يقوم بها عون السلطة بواسطة تعليمات شفوية من طرف رؤسائه رغم أنهم يعلمون أن بعض المهام ليس من اختصاص الأعوان بل من اختصاص ادارات أخرى مستغلين في ذلك الفراغ القانوني الذي يعاني منه هذا الجهاز المهم في بلدنا،وفي بعض الأحيان يجد نفسه مكلفا بقضاء أغراض خاصة الخارجة عن نطاق العمل و قد يؤمر بشراء معدات أو أجهزة للإدارة أو تمويل بعض عمال الإنعاش مثلا بالأكل والشرب أو شراء الصباغة وجلب عمال خاصين،خاصة في فترة الانتخابات حيث يقوم الأعوان بكل الاشغال الخاصة بتجهيز مكاتب التصويت وكل هذا من ماله الخاص الذي لا يكفي في الأغلب الشهور حتى مصاريف أسرته الصغيرة.
ويبقى صديقنا عون السلطة لا حول ولا قوة له حيث يقوم بتنفيذ جميع الأوامر والتعليمات خوفا من غضب بعض المسؤولين واتهامه بعدم الجدية في تأدية مهامه وفقدانه لروح التعاون مع الادارة وقد يجد نفسه معروضا على أنظار المجلس التأديبي الذي يمكن ان يفصله عن العمل أو توقيفه لمدة قد تصل إلى ثلاث أشهر بدون أجرة أو توبيخ …
وعندما وصل صديقنا عون السلطة الى مقدم حضري بعد عشرة سنوات من العمل جاد وبدون أي ملاحظة أو استفسار اداري يصبح له الحق أن يترقى لمنصب شيخ حضري وبما أن هذه الترقية لا تنبني على معايير موضوعية كالكفاءة العملية والأقدمية والجدية أو المستوى الثقافي والتعليمي،بل تبقى حسب مزاجية رجال السلطة،وقد يكون عامل نسبة الثقة و القرب من القائد محددان لنيل هذا المنصب.
والغريب أن عند صديقنا عون السلطة هو حينما يترقى إلى منصب شيخ حضري فتصبح هي آخر ترقية له في مساره المهني رغم الكفاءة في العمل ورغم الشواهد العليا المتحصل عليها كالإجازة والماستر و غيرها لأنه يصطدم بمشكلة واهية وهو عامل السن لأن عون السلطة لا يجب أن يتجاوز سن الأربعين لكي يسمح له بالترشح لمنصب خليفة قائد،رغم أنها ترقية وليست توظيفا جديدا عكس الموظفين الأخرين للدولة فيسمح لهم بالترشح لهذا المنصب حتى لو بلغوا من الكبر عتيا شريطة توفرهم على السلم 8 المحصل عليه في وقت وجيز بعدما حذفت السلاليم الدنيا.
والمشكلة الكبرى هي عندما يصل صديقنا عون السلطة الى سن التقاعد يجد نفسه أمام تعويض بئيس عن التقاعد يتراوح بين 1000 درهم و 1500 درهم على أبعد تقدير والتي لن تكفيه حتى في شراء الأدوية لأنه في الغالب ما يصل الى التقاعد بنفسية محطمة وصحة مضرورة.وهنا أسأل نفسي دائما بهذا التقاعد كيف سيغطي صديقنا تكاليف العيش اليومية خصوصا مع ارتفاع كلفة العيشة في بلذنا؟
وهنا أتذكر و أدعو الله أن فرج عن الإطار القانوني المنظم لفئة أعوان السلطة الذي وعد به السيد المحترم معالي وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت بمجلس النواب بعد جائحة كورونا و ادراج جميع الزيادات و التعويضات في الراتب الأساسي من أجل الاستفادة منها في معاشهم بعد وصولهم الى سن التقاعد.
وجهة نظري هذه بنيت من خلال التتبع كوطني و الهدف منها تسليط الضوء على ظهور علامات القلق والغضب على وجه شريحة مهمة من أعوان السلطة بعد نشر خبر الزيادة الأخيرة لجهاز السلطة المحلية؛في نظري لم تكن تلك الزيادة منصفة لأعوان السلطة،1000 درهم مقسمة على سنتين،بالمقارنة من الزيادات الاخرى لرجال السلطة وهنا أؤكد و بإيمان كبير أن جهاز السلطة من ألفه إلى ياءه يستحق أكثر لأنه يضحى بوطنية كبيرة ومهنية جادة وهادفة وكمثال على ذلك بقاء السيد عامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد و جميع مكونات السلطة المحلية حتى الثالثة صباحا أثناء نشوب حريق سوق المسيرة،وفي النفس اليوم كان الكل حاضرا في مكتبه ابتداءا من الساعة الثامنة ونصف صباحا.