الرأي

الوطن أولا ..!!

تعيش العدالة والتنمية مخاضا عسيرا إبان الإنتخابات المقبلة؛ بصراع مع قوى ظاهرة وخفية ؛ وهي معارك ألِفها في كل موسم انتخابي منذ تأسيسه ، واعتاد عليها بمواجهة سياسية وتخطيط محكم ، رغم الإكراهات المتتالية والعقبات المضطربة ، قد تصل إلى حل الحزب واتهامه بالإرهاب ..!!!، ومقابل هذا لا ننكر أنه كسب تأييدا في الساحة السياسية وفي كثير من المحطات قلوب المواطنين ، وآزره الشرفاء المخلصين ، وسانده احيانا مخالفوه ومساندوه ، واعترف به اعداؤه قبل مؤيديه . وهو الآن يصارع الأحزاب السبعة الممثلة في البرلمان أغلبية ومعارضة وغيرها ؛ لتأكيدها عدم فوزها بالإستحقاقات المقبلة ، وإن كان هذا القاسم الإنتخابي بتعداد المواطنين وليس الناخبين بدعة محدثة وسابقة ما أنزلها أحد من العالمين ؛ ويفتح المجال للأحزاب الميتة أن تحيى من جديد ، وتنتعش بالريع البرلماني ، وتقتات بالقضاء على المكتسبات الديمقراطية المتوالدة ، وان لا يصل المصباح إلى سدة الحكم ..!!
ومن المعلوم آن العمل السياسي شد وجذب ، ومد وجزر ، وليست لأحد القدرة على الإكتساح في إطار التعددية الحزبية . وقد كان فوزه مبني على العزوف السائد والغالب كحزب قوي ومنافس ، وعلى التصويت العقابي ، إذ ان حصوله في الولاية التشريعية على المرتبة الأولى ب 125برلماني ؛ لم يتعدى 1.618.963 صوت ؛ من مجموع الأصوات الصحيحة المعبر عنها ؛ وهي 5.819.123 ، إضافة للملغاة ، وتقدر ب821.504 وهو مجموع المشاركين في التصويت ؛ يساوي 6.640.627 صوت ، إلا ان العازفين على التصويت وهم أكثر من ذلك يصل عددهم الى 9.061.965 ، اذ ان المسجلين في اللوائح الانتخابية هو فقط 15.702.592100 ، والممتنعين على التسجيل أكثر من عشرة مليون صوت أخرى ، وهذا لا يدل الإكتساح او الاختراق والتنثيلية القوية .
والذي اراه أن حزب المصباح أخذ حقه وفرصته ، ولن يستطيع تقديم اكثر مما قدمه سوى الخنوع والانبطاح على حسب مبادئه ؛ بتقديم تنازلات تلو التنازلات في التعريب والتطبيع والقنب الهندي وغيره .. رغم حصيلته الجيدة والعالية والمهمة ؛ لا تشفع له ولا تزكيه عند اولوياء الأمور بالإرتقاء الى ولاية ثالثة ؛ حيث ترأس الحكومة لولايتين اثنتين ، بعد الربيع العربي والتعديل الدستوري ، وأفنى قوته بحصيلة لم يقدمها غيره ، رغم العقبات والصعوبات والإنتقادات والإصطدامات ، وحديثه الآن طمعا وطموحا . والأولى ان يراجع نفسه ويجالسها مع اعضائه للتقييم والمحاسبة ويجمع شتاته ويرتب بيته ، وأن يبتعد عن الريع البرلماني ، وأن يميز بحنكته بين المضار والمنافع ، وأن يعيد فقهه للبلوكاج السابق ومعالمه الرسالية ، وأن يبحث عن حليف استراتيجي بشراكة وازنة ليكون شريكا في التسيير ؛ وليس رئيسا في التدبير ، ولعل اقتراح القيادي مصطفى الرميد بتقليص عدد المرشحين كانت رسالة واضحة المعنى لأهل الألباب والعقول . ويذهب بي الفكر إلى اقتراح آخر حكاه الزعيم بنكيران حول طلبه من ملك البلاد امير المؤمنين التوجه إلى مصر لحَثِ الإخوان المسلمون وحزب العدالة والحرية بنصحهم ؛ على عدم الترشح للرئاسة ، واقتراح بديل بشخصية توافقية ؛ عليها الإجماع كالسيد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ، ومثل هذا دفع بالقيادي راشد الغنوشي رفضه الترشح لرئاسة الجمهورية ورشحت النهضة السيد منصف المرزوقي رئيسا للدولة التونسية في المرحلة الانتقالية ، وبعده القائد السبسي المخالفان لحزب النهضة في التوجه …
إن الأولى أن تاتي البادرة من حزب العدالة والتنمية بتبني اخلاقيا عدم الرغبة في ولاية ثالثة وَحَدِّها لكل الأحزاب في ولايتين متتاليتين كباقي الدول الديمقراطية للتداول على الحكم والسلطة ، لضمان الاستمرارية والاستقرار ، والاعتماد على التحالف الاستراتيجي مع حزب او حزبين بكتلة قوية توافقية مع الانفتاح على أطر جادة واستقطاب فعاليات سياسية ممكنة
إن دور حزب العدالة والتنمية اليوم هو البحث والمساهمة في الحلول السياسية الراقية والمجدية ، دون ترك الآخر يعبث بالمكتسبات والإستحقاقات الديمقراطية ، وأن يبقى شعاره الوطن أولا والديمقراطية ثانيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى