الرأي

إضاءة :كورونا وتداعياتها على العلاقات الدولية

إن جائحةكورونا المستجد ستغير النظام العالمي وتداعياتها قد تستمر لأجيال عديدة. لقد سببت جائحة كورونا المستجد أضرارا جسيمة في كل القطاعات الحيوية والإنتاجية.
ما لم يحصل في ضوء نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي،سيحصل حتما بعد انتهاء الحرب ع الاولى على وباء كورونا المستجد. إنها حرب يبدو لي أنها ستطول اشهر اخرى. فبعد سقوط جدار برلين 1989م وانهيار الاتحاد السوفياتي رسميا في 1992م ساد انطباع ان العالم دخل مرحلة جديدة لا علاقة لها بتلك التي سادت بين مؤتمر يالطةyalta 1945 و تحطيم ألمانيا لجدار برلين.
انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة لكن انتصارها لم يكن من النوع الحاسم.اذ تبين ان قوى أخرى ستبرز وسيكون لها تأثيرها في مناطق معينة.
في الواقع تحررت دول أوربا الشرقية التي انظمت الى الاتحاد الاوربي لكن تحكم الولايات المتحدة الأمريكية بمصير العالم بشكل كلي لم يستمر طويلا خصوصا مع صعود نجم فلاديمير بوتين الذي مازال يحلم باستعادةروسيا لأمجاد الإتحاد السوفياتي ودوره العالمي.
في عصرنا بعد جائحة كورونا المستجد سيكون هناك نظام دولي قائم على فكرة اهتمام كل دولة من دول العالم كما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بتطويرنظامها الصحي. سيتوجب على دولة التأقلم مع احتمال إنتشار اوبئة من نوع جديد بعدما اخذ فيروس كورونا المستجد في الإنتشار خاصة في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. لقد اكتشفت اوربا انها لا تستطيع ان تكون كيانا موحدا حقيقيا مع مجيئ كورونا. وجدت ايطاليا نفسها في وضع من لا يستطيع الاتكال على الاتحاد الأوروبي،كان على نظامها الصحي الذي انهار فجأة مع جائحةكورونا المستجد لم تتصور يوما انها ستحل بها كما ستحل باسبانياوفرنسا..لا شك ان ايطاليا عاشت فوضى سياسية وصحية ، تجاذبات بين أحزاب يمينيةمتطرفة او انفصالية لا برامج سياسية واقتصادية واضحة.
حصل ذلك فيما الاتحاد الاوربي يعيش في ظل تجاذبات داخلية تعود إلى اسباب عديدة منها توسيع الإتحاد الأوروبي ليضم دولا فقيرة ذات اقتصاد هش من جهة وانسحاب بريطانيا من جهة أخرى ( بريكسيت). في كل الاحوال ،ستتغير العلاقات بين دول الإتحاد الأوروبي في اتجاه مزيد من الاستقلالية. الاكيد انه لن يكون هناك خطوات جديدة نحو مزيد من التكامل بين دول الإتحاد الأوروبي ..حلم اوربا الموحدة صار اليوم أبعد بكثير مما يعتقد.
اما الولايات المتحدة الأمريكية،فقد استطاعت ا رسال إنسان الى سطح القمر لكنها تقف اليوم عاجزة عن جائحةكورونا..وصارت معركة الرئاسة الامريكية مرتبطة بكورونا لا بالاقتصادولا بالسياسة ولا بالعلاقات مع الدول الاخرى.
ان فيروس كورونا المستجد والسياسةالامريكية كلاهما يهدد البشرية لكن على الرغم من كل ما اوقعه كورونا المستجد من ضحايا وما ألحقه بالاقتصاد العالمي من كوارث تصل حد الشلل، فان ما ارتكبه الفيروس لا يعادل عشر ما ارتكبته أمريكا من ابادة وجرائم ضد الإنسانية. لذا فالتصدي لارهابها لا يوازي بل يفوق اهمية مكافحة كورونا المستجد لأنه امر افضع وأشد فتكا.
ان التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقتالراهن وبناء المستقبل في آن واحد.وان الفشل في هذا التحدي قد يؤدي الى اشعال العالم وذلك ما لا نتمناه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى