برافو أخنوش : دجاج 2021 يتْكتّفْ في 2019

محمد الشمسي
يواصل رئيس الحزب “مول لحمامة” جولاته وصولاته بين ربوع المملكة ، الرجل يحشد القوى ويشحذ السكاكين استعدادا لمعركة 2021 ، ولا يجد السيد عزيز أخنوش أدنى حرج في لوم الحكومة وعتابها أمام عيون ومسامع شيعته ، و تناسى صاحبنا أنه واحد من تلك الحكومة ، بل إن الرجل يكاد يكون هو رئيسها الفعلي ، أليس هو من وضع للحكومة تصميمها الهندسي ، واستصدر لها “الرخصة ” وهو من انتقى تشكيلتها على نار هادئة دامت أشهرا في أشهر “بلوكاج” ؟ ، حتى كان له ما يريد ، حيث أزاح بنكيران وأحاله على تقاعد اختلف العلماء في وصفه.
في جميع جموعه ولقاءاته كان السيد عزيز أخنوش يقتات له من ثغرات وكبوات حكومة هو واحد منها ، ويقدم الحكومة إلى المحيطين به بأنها حكومة عاجزة عن تحقيق مطالب المغاربة ، ذكرني صاحبنا بالوزير الداودي عندما قاد مسيرة لعمال شركة تحركوا بإيعاز من الشركة نفسها للتعبير عن غضبهم من المقاطعة ، وصاح الداودي يومها ملء حنجرته ، داعما للشركة وعمالها ضد الحكومة الذي هو وزير فيها ، وضد فئة من الشعب قاطعت الشركة المعنية ، ثم التحق الوزير بالحكومة وكأن شيئا لم يقع.
يسعى السيد أخنوش ـ وهذا حقه المقدس ـ إلى تصدر الانتخابات التشريعية ولم لا البلدية كذلك المزمع عقدها في سنة 2021 ، لكن الرجل الذي يؤاخذ عليه خصومه أنه “رجل البيزنيس ” وليس رجل سياسة ، يجرب حظه ، فعلى الأقل إلم ينجح فهو يحاول ، ويظهر إلحاح السيد عزيز أخنوش في اعتلاء مقصورة قيادة الحكومة المقبلة ، من الطريقة التي وصل بها نحو قيادة حزب ” أحمد عصمان” ، ومن طريقة إخلاء المكان له من طرف صلاح الدين مزوار ، ومن التوقيت الذي جاء مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التي لم يشارك فيها السيد أخنوش ، ولم يختبر فيها شعبيته ، بل وجد نفسه فوق ” العمارية السياسية” بشكل مباشر ودون حاجة الى “صداع الراس” من حملات وخطابات وبرامج ومفاجآت صناديق الاقتراع.
الملاحظ أن السيد أخنوش يقع في شيء من المحظور عندما يحاول بناء صرحه السياسي بحجر عنصري يقوم على النبش في مخلفات “الظهير البربري” ، عن طريق تقديم نفسه وحزبه مناصرا ل”الأمازيغ ” ، في خرق واضح للقوانين التي تمنع على الأحزاب بناء البرامج السياسية على “الميز” ، وقد فشل غيره ممن عولوا على تلك القضية ووظفوها انتخابيا دون أن يجنوا منها ربحا سياسيا ، فالمغاربة مغاربة ينتمون للوطن الأم الذي هو المغرب ، ولا فرق بين أمازيغي وعربي إلا في حب الوطن ، حتى أننا لم نكن لننتبه إلى هذا التصنيف العنصري من ذي قبل ، لأننا لا نملك المعايير العلمية لفرز الأمازيغي عن العربي عن باقي السلالات ، فلا أحد منا نحن المغاربة يمكنه أن يجزم في شجرة نسبه ، في زمن نعتقد فيه أن العصبية القبلية والطائفية قد ولت بلا رجعة.
لذلك يحتاج السيد أخنوش إلى من يذكره بأحزاب سابقة حاولت الركوب على موجة القضية الأمازيغية ، فانتصرت القضية وانهزمت تلك الأحزاب ، فأنا مثلا وشأني شأن الملايين من أمثالي ، لا أعرف هل أنا أمازيغي أو عربي ؟ ، ثم إني لا أريد أن أعرف ، ليس لأنه يستحيل فرز الماء عن الماء ، بل لأني أجد متعة ما بعدها متعة في انتمائي للوطن المغرب ، بلا قيود ولا شروط عنصرية .
الأكيد أن السيد أخنوش عازم كل العزم على غزو رئاسة الحكومة في سنة 2021، ودخولها دخول الفاتحين الغانمين ، ومادام الرجل قد ألف وزارة الفلاحة بحقولها ودوابها ودواجنها ، فربما يعلم الرجل أن “دجاج الأربعاء يتكتف ( بمعنى يتم عقله وقيده ) ليلة الثلاثاء ” ، ولأن السياسة في وطني يتم فيها استعمال جميع الأسلحة بما فيها المحظورة والقذرة ، فلا عيب في أن يرى السياسيون الشعب بكونه مجرد سرب من الدجاج ، يتعين عقله وقيده في سنة 2019 استعدادا لبيعه في الرحبة سنة 2021 ، ولعل هذا ما يجعل الفعل السياسي يفقد أركانه وقواعد صرفه ونحوه وتحويله ، فيصبح الوزير مثلا وزيرا في مجلس حكومته مصوتا على ما يعرض عليه في مجلسه ، لكنه معارض شرس لما صادق عليه في لقائه مع أعضاء حزبه ، ويصبح الحزب الحامل لحقيبة الاقتصاد ، والمصوت على قانون المالية ، وصاحب الفريق البرلماني ، يصبح مناهضا لجميع ما تمت المصادقة عليه من وقوانين ومراسيم ، ونتحول جميعا إلى جيش عرمرم من البلداء الأغبياء ، يلزمنا حفنة من العقاقير المضادة للجنون كي نفهم ونستوعب ، بل لكي لا “يطير لنا ما تبقى من لفريخ ” .
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، استغل السيد أخنوش حادث الفوترة ، وغضبة التجار منها ، فخرج على القوم يعلن لهم تضامنه المطلق معهم ، ويرمي باللائمة على الحكومة التي هو وزير وأي وزير فيها ، ويختفي خلف إقرار الفوترة دون علمه ودون استشارته حتى ، لكنه بالمقابل لا يدعو الى اجتماع وزاري ولو مصغر لأجل التحقيق في ظروف الاستفراد بالفوترة دون استشارة ، حينها يثقب الفعل السياسي الحضيض ويخترق القاع ، ونستحضر خطب جلالة الملك التي دعا فيها إلى تخليق الفعل السياسي وتسييجه بميثاق شرف وأخلاق ، فإذا لم يقو المرء على حمل برنامج سياسي طموح وواقعي فعلى الأقل فليوقف نزيف العبث في القول والفعل .
وإذا كان حزب الاصالة والمعاصرة قد فشل في تزعم انتخابات 2016 بما توفر له من إمكانات ضخمة سرا وعلنا ، فلأنه حاول التسلل الى مقعد قيادة الحكومة من النافذة ، وليس من الباب الرئيسي والشرعي ، حين جنح إلى تزكية عدد كبير “مالين الشكارة” من الجشعين الانتهازيين المنبوذين شعبيا ، ممن يتحدثون فقط لغة ” شحال عطاوك ” و” بشحال تبيع ” و “شحال عندك من راس” ، وحين طلب ود بعض رجال السلطة طامعا في نفوذهم في ما يشبه استعمال الرياضي للمنشطات ، وكذلك الشأن بالنسبة للزعيم الحالي حزب العدالة والتنمية فهو بدوره تلميذ غشاش انتخابيا ، لأنه يعول على البكاء حد العويل ، ويستدعي كتب الفقه التي تجعل من منتخبيه رسلا بلا وحي ، ومن خصومهم شياطين رجيمة ، ومن التصويت عليهم وعلى حزبهم عملا مبرورا مأجورا ، لذلك فإن السيد أخنوش يقترف ذات الخطيئة حين يقفز على العلم والمعرفة والتواصل الموضوعي مع الكتلة الناخبة ، ومعاملة الشعب ب ” أغراس أغراس” بمعناها الحقيقي وليس بمعناها المجازي ، وهو رجل الأعمال المشهود له بالنجاح التجاري في ميدانه بلا منازع ، ولو كره الحاقدون ، لكن لا يليق بالرجل ان يلعب لعبة القفز على الحبل ، تارة يدغدغ الطائفة والعشيرة ، وتارة يروم سياسة ” رجل هنا ورجل لهيه” وتارة يعزف أغنية ” يكوي ويبخ”.