بحسب الاخبار المتواترة من جنوب المملكة الحبيبة ، فإن الأمور ليست على ما يرام هناك ، وإنه ليس بعدم إدراج الخبر في النشرات الاخبارية الرئيسية للوطن يمكن التظاهر بألا شيء يحصل هناك ، الحرب مستعرة هناك على الاقل إعلاميا ، وفي المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي ، فقد قامت جمهورية موريتانيا بالسماح لقادة الانفصال بالدخول الى مناطق متاخمة للحدود المغربية الموريتانية ، ونقلت عدد من وسائل الاعلام صورا لزعيم الانفصاليين وهو كذلك زعيم عصابة مطلوب لدى القضاء الاسباني بالوصول الى المحيط الاطلسي ، وتدنيس مياهه ، ورغم أن مكوث المجرم المطلوب للعدالة لم يدم سوى هنيهات التقط فيها صورا فتوغرافية له مع مياه المحيط ثم عاد أدراجه رفقة عاصبته ، فإن هذه الخطوة في المجال العسكري ، وبحسب المواثيق الدولية ، تشكل اعتداء من السلطات الموريتانية على السيادة المغربية ، فكل دولة ملزمة باحترام الدولة الجارة عل مستوى الحدود الرابطة بينهما ، وطبعا لم يقف الجيش المغربي مكتوف الايدي بل نقلت تقارير صحفية تحركات لقطع حربية مغربية في اتجاه البؤرة .
عندما يتعلق الامر بسلامة الوطن ، فإن العقل يتوقف عن التفكير والتدبير، لينطلق القلب في الخفقان ، ليس خوفا ولكن حبا ، فليس بين المغاربة من هو غير مستعد لأن يدافع عن وطنه بكل ما يملك ، وفي مقدمة ما يملك روحه وماله ووقته وفكره وعلمه ومنصبه ، ولعل ما اثارني لتحرير هذه المساهمة ، هو المواجهات الدامية على ساحة الفضاء السيبرنتيكي أو عالم الانترنت ، حيث تظهر بعض التعليقات المناوئة للوحدة الترابية المغربية ، تحمل شيئين غير طبيعيين ، وهما كمية هائلة من الحقد على ما هو مغربي ، ودقة متناهية للمعلومات ، ولو أنه يتم الانحراف ببعض الحقائق التاريخية ، مما يؤكد ان كاتب التعليق او الملاحظة لا يعدو ان يكون عنصرا مخابراتيا مقنعا ، يتقيأ أسرارا مهنية على صدر موقع الكتروني ، وبالمقابل تأتي ردود الافعال الصادرة عن مغاربة أحرار صادقين ، تأتي ردودهم ملئية بالحب لكن فارغة من الدليل والرد على الشبهة ، ليتضح أن الحب وإن كان ضروريا في علاقة المواطن بوطنه ، فإن تأسيس هذا الحب على عدد من الأدلة والبراهين يجعلنا نؤثر في المتلقي وندفعه الى حب كل ما نحبه ، ونكسبه في صفنا ، وإذا كانت مصائر الدول وحدودها لا ترسم بتعاليق طائشة من هذا أو ذاك ، وإذا كان قرار الحرب الحقيقية لا يمكن لاي طرف اعلانها إلا بموافقة عدد من الجهات واستجماع عدد من المعطيات ، فإنه لا يخفى علينا أن كسب ود ما يسمى بالرأي العام الوطني والدولي يعتبر سلاحا إضافيا ، ينضاف الى الترسانة العسكرية وتلك الديبلوماسية والثالثة المتمثلة في تعزيز الديمقراطية الداخلية .
إن ملف وحدتنا الترابية يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى نصب منصات تواصلية عبر الانترنت ، تشكل بنك معلومات لكل مستفسر ، وتمثل الخط الامامي لضرب الدجالين ممن يحرفون التاريخ ، ويقدمونه قربانا لجنرالات الجزائر الحاقدة على المغرب ، نحتاج الى ثكنات عسكرية تقام في العالم الازرق ، وفي شبكات التواصل ، وفي فضاء الانترنت ، ثكنة عسكرية معلوماتية ، تقدم البيانات والاستيضاحات ، وتفند المزاعم ، وترد على الافتراءات ، بالصورة والصوت وبالوثيقة والدليل وبالشهادة الحية من شهود عاشوا خبايا صراع مفتعل ، ولازالوا على قيد الحياة ، لانه ليس من راى كمن سمع .
وفي انتظار أن نحسمها عسكريا إذا ما دعت الظروف الى ذلك ، علينا ان نحسمها تواصليا وانترنيتيا واعلاميا ، ليس بقذف خصومنا بالسباب والمهانات ، بل بالبراهين والادلة الدامغة المنبثقة من روح التاريخ والجغرافية ، لأننا ببساطة أصحاب حق ، و أهل قضية عادلة ، ولأن خصومنا هو من يلوون عنق التاريخ بغية عصره واستخراج منه مادة مغشوشة يوظفونها لتعكير صفوة أجوائنا .