تخيم فوق المغرب هذه الأيام سحب سياسية محملة بمياه ملوثة ومسمومة ، تنساق البلاد نحو وجهة مجهولة العنوان والتضاريس ، بدايات تلك السحب تشكلت صبيحة الأحد المنصرم ، عندما خرج قوم خرجة نشازا في مسيرة “كلها يلغي بلغاه ” ، لا أحد يعرف بالضبط لماذا جيء به الى هذه المسيرة ، هناك من يعتقد انها مسيرة للاستفادة من سكن لائق ، وآخر اعتقدها أن مسيرة لحث الحكومة على فتح حوار مع النقابات ، وثالث اعتقدها مسيرة لتعبير عن مغربية الصحراء ، ورابعة كتبت لافتة تقول أنها ضد أسلمة الدولة ، دون ان تفصح لنا السيدة المحترمة عن الدين الذي ترتضيه للدولة المغربية التي حسمت امر دينها في دستورها .
ما ذا يجري بالضبط ؟ ، بت شخصيا أخشى على وطني من طيش قطعان الحمير الوحشية التي تعدو بدون اتجاه ، وتركل بعضها متى طاب لها الركيل ، من يخطط و لماذا وكيف واين ومتى ؟ ، من يمسك خيوط تلك المسيرة ويحرك كراكيزها دون ان يتقن لعبته القذرة التي تهدد الوطن في أمنه وتهدد الشعب في استقراره ؟ ، ألا يجدر البحث عن مدبري تلك المسيرة واعتقالهم لانهم يدفعون سلم الوطن وأمنه الى داخل الفرن ؟ ، كيف يريدون زرع الفرقة بين المغاربة ؟ ، ألا يحكون على الدبرة بتلك المسيرة الشارد أهلها ، كان يجب التحقيق مع المشاركين فيها حول من حرضهم وبأي امتيازات وعدهم لأجل الخروج المفاجئ للقول لرئيس الحكومة “ارحل ” وهو قد رحل فعلا ؟ ،
أنا هنا أدافع عن وطني ، عن سلمه الاجتماعي ، عن استقراره وعن تآخي مواطنيه ، من كان يعبد بنكيران فقد انتهت ولاية بنكيران ، ومن كان يعارض بنكيران فكان عليه ان يعارضه وهو في عز ولايته ، ويخرج ضده وهو في عز سلطته ، وأما الهجوم بعد نهاية المباراة فهو لا يعدو هدرا للطاقة وإشعالا للفتنة ، إن المغاربة الاسوياء والمسؤولين لن يسمحوا لثلة من البلطجية باللعب بمصير مغربنا الحبيب ، فمن له عداء سياسي مع بنكيران فلا يفرغ قيئه في الشارع ويسخر البلداء من الناس ليسوقهم قرابين في اتجاه تقريع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها ، فالقول للراحل ارحل لا يعدو ان يكون كمن يقول للغراب لونك اسود ، لكن سوق الدهماء من المواطنين زرافات ووحدانا واستقدامهم من الغرب والشرق في مسيرة لم تتبنها اية جمعية او نقابة او حزب ، هو لعب بالنار قرب برميل من البارود .
مسيرة الاحد ليس لها مبرر قانوني ولا سياسي ولا منطقي ، واستدعاء شعارات من قبيل “اخونة الدولة ” لا يعدو ان يكون إسقاطا للوضع المصري على الواقع المغربي ، يريد من خلاله أهل “تمرد المغربية ” تزوير الحقائق وإضرام النار في مجمتع مسالم آمن مطمئن على سدة حكمه ، بقيادة جلالة الملك ، وما دون قيادة الحكم فليتنافس المتنافسون على رئاسة الحكومة بالقانون والمسؤولية وليس باسلوب البلطجة وتزوير التاريخ ، مسيرة الاحد إلم يتم الحسم في منع أمثالها ستجعل من الفعل السياسي عبثا ، وسنرحل بالوطن ليس الى الحالة المصرية ، بل نتوغل في ارض الفراعنة الى زمن “الفتوات ” ، ما معنى أن يحمل مواطنون لافتات ذات حمولة خطيرة في مضمونها في مسيرة إن كانت مرخصة فمصيبة وإن كانت غير مرخصة فالمصيبة اعظم ، ما معنى أن يتم سب واهانة رئاسة الحكومة وهي ثاني مؤسسة دستورية بعد المؤسسة الملكية ، ويتم التغاضي عن ذلك ؟ ، ما معنى ان يتم استفزاز مشاعر ملايين المغاربة بشعارات تمس عقيدتهم من قبيل “لا لأسلمة الدولة ” ، أ بهذا الطيش والنزق يمكن الاصلاح ؟ ، اين هي عيون وزارة الداخلية التي قدمت لنا نفسها أمس في مراكش انها تحمي الديمقراطية من أهل خطاب الكراهية والحقد ؟ أليس هذا حقد مماثل ؟ .
لقد اختلفت الاراء على مر العصور بين فصل الدين عن السياسة وبين اقحام الدين في السياسة ، ولكل فريق بين الفريقين حججه ، ومن باب الديمقراطية احترام الرأيين معا ، لكن الاكيد ان هناك اجماع حول فصل السياسة عن البلطجة ، حتى لا نسوق انفسنا واجيالنا نحو هاوية بلا قاع ولا قعر .