الاتحاد العام للجمعيات الرياضية لكرة القدم بالمغرب ينجح في تنظيم البطولة الوطنية للفئات الصغرى بمدينة سلا
رغم محدودية الإمكانيات وغياب الموارد المالية القارة

حدّى الاتحاد العام للجمعيات الرياضية لكرة القدم بالمغرب محدودية الإمكانيات وغياب الموارد المالية القارة، ليستمر في أداء دوره التربوي والرياضي، مؤكداً أن قوة الالتزام والعمل التطوعي قادرة على تعويض ضعف الدعم.

فقد نجح الاتحاد مرة أخرى، في تنظيم النسخة الثالثة من البطولة الوطنية للفئات الصغرى بمدينة سلا، في مبادرة جسّدت معنى الفعل الجمعوي المسؤول، وجعلت من الطفل وممارسة كرة القدم محوراً أساسياً لها، بعيداً عن منطق الربح أو الحسابات الضيقة.

ويعكس الإصرار على تنظيم تظاهرة وطنية بهذا الحجم، رغم غياب دعم مالي منتظم، روح التضحية التي يتحلى بها أعضاء الاتحاد، وقناعتهم الراسخة بأهمية الرياضة في تنشئة الأجيال الصاعدة وتأطيرها. وقد أتاحت هذه البطولة لعشرات الأطفال، القادمين من مختلف جهات المملكة، فرصة ثمينة لممارسة كرة القدم في إطار منظم يسوده التنافس النزيه، ويتيح الاحتكاك بتجارب رياضية متنوعة، بما يسهم في بناء شخصية رياضية متوازنة، بدنياً وقيمياً.

وتتضاعف أهمية هذه المبادرة حين نضع في الاعتبار أن العديد من الفرق المشاركة تعاني من نقص حاد في البنيات التحتية، خاصة غياب ملاعب القرب داخل المدن والأحياء. وهو واقع يفرض تحديات يومية على الأطفال والأطر الجمعوية، ويجعل من مثل هذه البطولات متنفساً حقيقياً، يعوّض نسبياً الخصاص القائم في الفضاءات الرياضية المحلية، ويمنح الصغار فرصة لممارسة حقهم الطبيعي في اللعب والتكوين.

وهكذا، تجاوزت البطولة الوطنية للفئات الصغرى، في نسختها الثالثة، المنظمة بمدينة سلا، بعدها التنافسي البحت، لتتحول إلى رسالة واضحة موجهة إلى مختلف الفاعلين والمسؤولين، تؤكد أن الاستثمار في الرياضة القاعدية لم يعد ترفاً أو خياراً ثانوياً، بل ضرورة مجتمعية ملحّة. فدعم الاتحاد العام للجمعيات الرياضية لكرة القدم بالمغرب، مادياً ولوجستيكياً، كفيل بضمان استمرارية هذه المبادرات وتوسيع دائرة المستفيدين منها مستقبلاً.
كما أن النهوض بالفرق والجمعيات الرياضية المحلية، من خلال إحداث وتأهيل ملاعب القرب وتوفير الحد الأدنى من شروط التدريب، يشكل مدخلاً أساسياً لتطوير كرة القدم الوطنية انطلاقاً من القاعدة، ويمنح الأطفال فرصاً متكافئة بعيداً عن الهشاشة والإقصاء. فالمواهب متوفرة، لكنها في حاجة إلى بيئة حاضنة وإرادة مؤسساتية داعمة.

ويؤكد النجاح الذي حققته النسخة الثالثة من البطولة، رغم محدودية الإمكانيات، أن العمل الجمعوي الصادق قادر على تحقيق إشعاع وطني ملموس. وهو نجاح يستدعي التفاتة مسؤولة من الجهات الوصية والجماعات الترابية والفاعلين الاقتصاديين، لدعم الاتحاد والفرق المنضوية تحت لوائه، حتى تواصل كرة القدم أداء دورها التربوي والاجتماعي، وتبقى فضاءً لاكتشاف المواهب وبعث الأمل في نفوس مئات الأطفال عبر مختلف ربوع المملكة.
ففي أجواء رياضية حماسية، احتضنت ملاعب المارينا بمدينة سلا، يومي الأحد والاثنين 7 و8 دجنبر 2025، منافسات النسخة الثالثة من البطولة الوطنية للفئات الصغرى، التي نظمها الاتحاد العام للجمعيات الرياضية لكرة القدم بالمغرب، بمشاركة 20 فريقاً يمثلون ست جهات من المملكة، من بينها الداخلة وادي الذهب، العيون الساقية الحمراء، الشرق، فاس مكناس، الرباط سلا القنيطرة، الدار البيضاء سطات، وسوس ماسة، ما أضفى على التظاهرة بعداً وطنياً مميزاً.

وتوزعت الفرق المشاركة على ثلاث فئات عمرية؛ إذ عرفت فئة الكتاكيت مشاركة أندية مجد المحمدية، جمعية الكركرات لكرة القدم داخل القاعة، مستقبل العروي، الروستال، رجاء البساتين، وجمعية الكراويط. أما فئة البراعم، فضمت فرق مجد المحمدية، قدماء مولودية الداخلة، أنوال سلا، مدرسة الأولمبيك، سلام السمومات، نجوم آيت أنصار، شباب الروستال، ورجاء البساتين. وفي فئة الصغار، تنافست فرق جمعية ملاك، مولودية بازغنغن، اتحاد بني يخلف بالمحمدية، أجيال الخروبة، تحدي الحاجب، وماريشاج الداخلة.

وأسفرت المنافسات عن تتويج مستقبل العروي بلقب فئة الكتاكيت، متقدماً على رجاء البساتين من مكناس، فيما حل فريق الكركرات من الداخلة ثالثاً، وجاء فريق الكراويط ممثل جهة سوس ماسة في المركز الرابع. وفي فئة البراعم، أحرزت جمعية أنصار الناظور اللقب، تلتها مولودية الداخلة في المرتبة الثانية، ثم سلام السمومات ثالثاً، ورجاء البساتين رابعاً. أما فئة الصغار، فقد تُوّج فريق أجيال الخروبة من هوارة بالكأس بعد فوزه في النهائي على ماريشاج الداخلة، بينما حلت جمعية ملاك من سلا ثالثة، ومولودية الزغنغان من الناظور رابعة.

وشكّل الحفل الختامي محطة وفاء واعتراف، جرى خلالها تكريم عدد من الوجوه الرياضية التي قدمت خدمات جليلة للرياضة محلياً ووطنياً بمدينة سلا، من بينهم إدريس النخيلي، الإطار محمد الوركة، واللاعب السابق بيتشو، الذي تألق رفقة نجوم الجمعية السلاوية موح ولعلو. كما حضر حفل التكريم أعضاء جمعية “رياضة وصداقة”، ومن ضمنهم اللاعبون الدوليون عبد المجيد إسحيتة، إبراهيم كلاوة، وعبد الرحيم زوهو، إلى جانب المنسق عبد اللطيف أنداي.
وعرفت المباراة النهائية حضور فعاليات رياضية ومدنية وازنة، من بينها المدير التقني لعصبة الرباط سلا القنيطرة وشخصيات محلية أخرى، ما أضفى على هذه التظاهرة الرياضية قيمة تنظيمية ورمزية خاصة، عكست مكانتها وأهدافها النبيلة.



