
في 30 يوليوز 2025، ألقى جلالة الملك محمد السادس خطاب العرش، الذي جاء هذه السنة محمّلًا برسائل سياسية واستراتيجية غير مسبوقة، قلبت موازين النقاش الإقليمي وأربكت حسابات النظام الجزائري، الذي وجد نفسه في مواجهة مبادرة ملكية جريئة تخاطب الشعوب مباشرة وتنسف كل روايات العداء الموجهة ضد المغرب منذ عقود.
ولطالما حاولت الجزائر إقناع الرأي العام الإقليمي والدولي بأن المغرب هو من يرفض الحوار ويعرقل أي تقارب مغاربي. لكن خطاب العرش جاء لينسف هذه الدعاية بالكامل، حيث وجّه جلالة الملك نداءً صريحًا ومباشرًا إلى الشعب الجزائري، مؤكدًا أن المغرب يمد يده دائمًا للتعاون والأخوة. هذا التوجه غير المسبوق وضع النظام الجزائري في موقف حرج؛ فهو عاجز عن الرد دون أن يظهر بمظهر الرافض للسلام والانفتاح.
ووفق معطيات وتحليلات متقاطعة، كان النظام الجزائري بصدد التحضير لعقد مؤتمر إقليمي سري يروّج لفكرة “عزلة المغرب” في المنطقة. غير أن الخطاب الملكي بمبادرة الحوار وإعادة فتح قنوات التواصل فاجأ الجميع وأفشل هذا المخطط السياسي والإعلامي، مما جعل الجزائر مكشوفة أمام الرأي العام المغاربي والدولي.
حيث لم يقتصر الخطاب على الدعوة للحوار، بل رسّخ مرة أخرى الموقف الحاسم للمغرب بخصوص وحدته الترابية. أكد جلالة الملك أن مبادرة الحكم الذاتي هي الحل العادل والوحيد، وهو خيار يحظى بدعم متزايد من المجتمع الدولي، كان آخره المواقف الإيجابية من بريطانيا والبرتغال. كما أشار الخطاب ضمنيًا إلى أن ملف الصحراء الشرقية لم يعد “طابوًا”، بل قضية حقوقية وسيادية يتحرك المغرب لاسترجاعها بشكل هادئ ومتدرج، وهو ما يعكس ثقة المملكة في قوتها التفاوضية وشرعيتها التاريخية.
ومن بين المؤشرات التي رافقت هذا الخطاب، خطوة الحكومة الإسبانية غير المعلنة بسحب علمها من جزر قريبة من مدينة الحسيمة، ما اعتُبر إشارة رمزية على تغيّر موازين القوى الإقليمية
وتعزيز المكاسب الترابية للمغرب.
وأمام خطاب اتسم بالحكمة والعقلانية لم يجد النظام الجزائري منفذًا للرد سوى الصمت، مخافة أن يظهر كمن يرفض اليد الممدودة لبناء مغرب عربي موحد. هذا الصمت يعكس ارتباكًا استراتيجيًا، حيث لم تعد حملات الدعاية الإعلامية القديمة قادرة على إخفاء نجاحات المغرب السياسية والتنموية.
وشدد الملك في خطابه على أن المستقبل لن يكون إلا عبر **فتح الحدود**، وتعزيز التنمية المشتركة، وإرساء اتحاد مغاربي قوي قادر على مواجهة التحديات العالمية. وأكد أن **لا تراجع عن أي شبر من التراب الوطني**، وأن احترام وحدة المغرب شرط أساسي لأي مشروع تكامل مغاربي.