الرأي

المغرب: عبقرية الرؤية الملكية في السياسة والدبلوماسية

في خضم التحديات الدولية المتزايدة، يبرز المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس كدولة تتمتع برؤية سياسية عميقة وبُعد دبلوماسي متفرّد، يضع المملكة في مقدمة الدول الفاعلة على الساحة العالمية. منذ توليه العرش، انتهج جلالة الملك سياسة خارجية قائمة على التوازن الحكيم والانفتاح المدروس، ليصبح المغرب جسرًا بين القارات ومثالًا للسيادة الراسخة والمواقف الواضحة، فبينما رسّخ جلالته علاقات المغرب مع القوى التقليدية مثل أوروبا والولايات المتحدة، استطاع أيضًا أن يمدّ يده إلى القوى الصاعدة كالصين وروسيا، محققًا استقلالية دبلوماسية نادرة في عالم مليء بالاستقطابات والتحالفات المتضاربة.

هذا التوازن الدقيق في العلاقات الدولية، ترافق مع عودة تاريخية للمغرب إلى حضن الاتحاد الإفريقي، في خطوة تعتبر علامة فارقة في السياسة الخارجية لجلالة الملك، فهذه العودة لم تكن مجرد خطوة رمزية، بل شكلت بداية لعصر جديد من الشراكات الاقتصادية والتنموية مع دول القارة الإفريقية، حيث أصبح المغرب لاعبًا محوريًا في تعزيز الاستقرار ودفع عجلة التنمية في إفريقيا. بفضل هذه الرؤية المتبصرة، تحوّلت المملكة إلى شريك موثوق للدول الإفريقية، كما عززت من حضورها السياسي والاقتصادي في القارة، في هذا السياق، برزت قضية الصحراء المغربية كأحد أعمدة السياسة الخارجية لجلالة الملك، حيث أدارت الدبلوماسية المغربية هذا الملف بحنكة فائقة، محققة مكاسب دبلوماسية غير مسبوقة. اعترفت العديد من الدول الكبرى بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو ما يعكس نجاح المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وعادل لهذا النزاع. هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا قدرة المغرب على نسج تحالفات دولية قوية ومتوازنة، ومواصلة الحوار البناء مع مختلف الأطراف، مما جعل القضية تأخذ مسارًا إيجابيًا على المستوى الدولي،وفي خضم هذه الإنجازات، لم يغفل جلالة الملك عن القضايا العربية والإسلامية، حيث ظل المغرب تحت قيادته نصيرًا للقضية الفلسطينية، متمسكًا بدعمه الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني. كرئيس للجنة القدس، يقود جلالته الجهود الدولية للدفاع عن المدينة المقدسة، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على هويتها العربية والإسلامية. هذا الدور الريادي على المستوى العربي والإسلامي يعكس التزام المغرب التاريخي والمبدئي بقضايا الأمة، حيث يستمر جلالة الملك في تعزيز مكانة المملكة كدولة ذات مواقف ثابتة ومسؤولة تجاه القضايا الدولية الكبرى، ولم تقتصر إنجازات جلالة الملك على السياسة والدبلوماسية فحسب، بل امتدت إلى مجالات أخرى، حيث قاد المغرب ليكون رائدًا في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي. استضافة المملكة لمؤتمر المناخ (COP22) في مراكش لم يكن مجرد حدث دولي، بل كان تجسيدًا لرؤية ملكية تؤمن بأهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. كما أظهر المغرب التزامًا جادًا في التعامل مع قضايا الهجرة، حيث لعب دورًا محوريًا في تعزيز التعاون الدولي لإيجاد حلول مستدامة لهذه الظاهرة، مؤكدًا مرة أخرى مكانته كدولة ذات رؤية إنسانية وشاملة، ومن بين الإنجازات الكبرى التي تجسد الثقة الدولية في المغرب تحت قيادة جلالة الملك، تأتي استضافة المملكة لكأس العالم 2030 وكأس أمم إفريقيا 2025. هذه الخطوة ليست مجرد اعتراف دولي بقدرة المغرب على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية في العالم، بل هي تعبير عن المكانة الرفيعة التي باتت المملكة تحظى بها على الصعيدين الرياضي والدولي. هذا الشرف يعزز رؤية جلالته التي ترى في الرياضة وسيلة لتعزيز التقارب بين الشعوب والحوار الثقافي والحضاري.
و ختاما، يتوجب علينا التأكيد على أن الدبلوماسية الرزينة لجلالة الملك محمد السادس قد أثمرت عن تعزيز الروابط الوثيقة بين الشعب المغربي وعرشه العلوي المجيد. لقد أفضت الرؤية الملكية النيرة إلى بناء جسور من الثقة والمودة، جعلت المغاربة يتشبثون بأهداب هذا العرش، ويعتزون بانتمائهم إلى هوية وطنية متأصلة. إن هذه الدينامية المتبادلة بين القيادة والشعب تجسد روح الوطنية، حيث يتحد الجميع في مسيرة مستدامة نحو مستقبل مشرق ومزدهر للمملكة.
وفي هذه اللحظة المباركة، نحتفي بامتداد 25 عامًا من الحكم الرشيد لجلالته، ونتمنى لمولانا الهمام دوام التوفيق والصحة، ليواصل مسيرته النبيلة، سائرًا على نهج جلالة الملك الحسن الثاني، رحمة الله عليه، وجلالة الملك محمد الخامس، رحمه الله، في درب العطاء والإخلاص لهذا الوطن العزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

زر الذهاب إلى الأعلى