سياسة تاحيوانيت بين العواء والتهرنيط: من يحكم من؟

0

▪︎محمد الشمسي

يواصل السياسي المغربي الغوص متخطيا غور الحضيض في خطابه، القصف هذه المرة لم يكن بمنجنيق الإرهاب أو المخدرات، بل فتح أصحابه أقفاص حديقة الحيوان، وزريبة البهائم،  لينتقي كل واحد من الغريمين لغريمه الحيوان الذي يراه مناسبا لشكله وسنه، فالطالبي العلمي رئيس البرلمان وأحد كوادر حزب الحمامة شبه بنكيران ب”الذيب الشارف”، ليرد كبير البيجيدي على غريمه بوصفه ب”الحْمِيِّر” (اسم تصغير للحمار ) …
هذا التنابز الوضيع بالألقاب الحيوانية يقتل السياسة ويحولها إلى سيبة وتسيب، مثلما يشكل خطرا على الجيل الناشئ الذي يكتشف أن القاموس الحيواني يعتمده “الكبار” من هم في مرتبة أهل الحل والعقد، فلا يضيره اعتماده في المدرسة، وفي الحافلة العمومية، وفي الشارع، وفي الملعب، فالناس على دين سياسييهم…
لماذا لم يجد الطالبي العلمي راحته إلا في رشق بنكيران بلقب الذيب الشارف؟ ولماذا لم يرد عليه بنكيران إلا بالحْميِّر؟ وما علاقة هذا السباب المنحط والقبيح بالعقد الاجتماعي والسياسي الذي يفترض أنه يجمع السياسي بالكتلة الناخبة التي وثقت فيه؟ كان يمكن للطالبي العلمي مثلا أن ينتقد بنكيران بلغة السياسة ومعجمها، وأن يحرجه في ما يراه إخفاقا في سنوات تدبيره للشأن الحكومي، بالورقة والستيلو وبالدليل، مادام مقتنعا بفشل غريمه، وكان على بنكيران أن يرد السيئة بمثلها، فيعير خصمه بمعيور سياسي جائز في شرع السياسة، كأن ينتقد حصيلة الحكومة التي يترأسها حزبه، لكن الغريمين معا استدعيا “الخُبِّير السياسي” ليروي الأول عن جدته، والثاني عن والدته، وما روتاه لهما عن الذيب الشارف الذي لم يعد لعوائه جدوى، وعن الحمار الذي حرن وتمرد وتاق للحلاسة…والروايتان ترسخان ما يدور في ذهن السياسي المغربي، وما يستدعيه من قول في ساعة الضيق، ليطفو سؤال يسائل الدولة، هل الأحزاب فعلا مدرسة تفرخ نخبة، أم هي راس الدرب يُخرِّج مشرملين؟ وهل هناك دفتر تحملات يضبط سلوك المتحزبين؟ وكيف تسمح الدولة بإنفاق المال العام على تجمعات لا تنتج غير حياحة؟
سياسة حيونة السياسة، لا تخفف بطالة، ولا تخفض أسعارا ولا ترسم مستقبلا، ولا تصنع تنمية، ولا تواجه أزمات، ولا ترفع منسوب وعي، بل تهبط بالسياسية إلى الدرك الأسفل من السفالة، وتصل بها إلى حيونة الشعب، ونشر فكر تاحيوانيت بين أوساطه، فهل ستجرى الانتخابات المقبلة في “فندق ديال لحمير” أو في حديقة الحيوانات بالرباط؟أجيبونا كي نعد الأعلاف والأوتاد والسياط والفخاخ واللجام والبردعة والموغاز …

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.