إضاءة : إشكالية البنايات الآيلة للسقوط

خليل البخاري :أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا

0

من حين لآخر نسمع خبر انهيار عقار على رأس ساكنيه و وفاة بعض الساكنة وإصابة البعض الآخر وقيام أجهزة الوقاية المدنية بالبحث عن المفقودين وانتشالهم من تحت الأنقاض..وهو ما يقع بالعديد من مدننا ومنها الدارالبيضاء التي شهدت انهيار بنايات تركت حزنا عميقا لدى الساكنة وحالة خوف وهلع.
ان عديدا من البنايات الآيلة للسقوط أصبحت تشكل صداعا مزمنا لدى الساكنة وكذلك على رأس السلطات العمومية. هذه البنايات تحولت إلى كابوس يقلق المارة والساكنة التي تجد نفسها أمام شكايات المواطنين. كما أصبحت هذه البنايات تمثل خطرا حقيقيا يتربص بالساكنة بعد أن هجرها أصحابها وتحولت إلى مرتع خصب لرمي النفايات وقضايا للمتسكعين والمنحرفين. وللتذكير ،فعدد البنايات الآيلة للسقوط يبلغ حوالي 50.000 منها 50% متواجدة بالمدن القديمة و80% من البنايات الآيلة للسقوط مسكونة بكل من فاس والدارالبيضاء ومراكش وفاس و20%غير مسكونة .ان هذه البنايات الآيلة للسقوط تمثل ظاهرة قديمة تتكرر مع التساقطات الغزيرة .بالمغرب نسمع بقانون 12- 94 متعلق بالبنايات الآيلة للسقوط ونسمع كذلك بالوكالة الوطنية للتجديد الحضري والصندوق الوطني للتضامن..مع الأسف الشديد الإشكال المطروح هو في تفعيل آليات القضاء على البنايات الآيلة للسقوط التي أصبحت حديث الجميع هذه الأيام خاصة بالعاصمة الاقتصادية قاطرة التنمية ببلادنا لما خلفته من أضرار جسيمة بشرية ومادية أمام استغراب الساكنة المتضررة.
ان انتشار البنايات الآيلة للسقوط وحتى السكن غير القانوني يعود إلى عوامل متعددة أبرزها:التضخم السكاني،ضعف وسائل الرقابة وتفشي وباء الرشوة في صفوف بعض المسؤولين الفاسدين وغياب الاشراف من لدن المشرفين على أعمال التصميم والبناء….عوامل أدت إلى تفاقم ظاهرة البنايات غير القانونية في عديد من المدن وتحولها إلى إشكالية حقيقية.
أن البنايات الآيلة للسقوط والقديمة أصبحت تشكل خطرا محدقا على حياة السكان مما يستوجب ضرورة ترميمها او هدمها كليا خاصة وتكشف التقارير التي تعدها المراقبة التقنية للبناء وكذا الساكنة عن وجود عدد كبير من البنايات الآيلة للسقوط وأنه بمجرد سقوط قطرات المطر فإنها تكون كافية لإحداث الانهيار في أي لحظة. لكن رغم ذلك يضطر السكان القانون العيش فيها لاستحالة إيجاد بديل او عجز السلطات المحلية القضاء على الظاهرة بشكل جذري.
هناك بنايات منتشرة بكل جهات المملكة آيلة للسقوط كلها تعود إلى سنوات السبعينيات و الثمانينيات..ورغم القرارات التي تصدرها الجهات المسؤولة عن العمران والبناء والخاصة باحتمال سقوط البنايات لم تعد فاعلة. فأصحاب البنايات لا زالوا يقطنوها إلى الآن .وهو ما يفرض على الجهات المسؤولة ضرورة التعجيل بالتدخل لحماية المواطنين وإعانتهم على عمليات الترميم والإصلاح ودعمهم ماديا لإنجاز سكنيات مناسبة تضمن لهم عيشا كريما .هذا الدعم وهذه المساعدات ينبغي ألا تبرمج مع اقتراب مواعيد إجراء الانتخابات الجماعية.
ويجب ألا يكون الحل في الوقت الراهن هو إنزال عقوبات قاسية في حق المتلاعبين بأرواح الساكنة واستهتارهم بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم وعدم ارتباطهم بهموم الساكنة .بمعاقبة الجهات المسؤولة عما وقع بالدار البيضاء وغيرها من مدننا وقت وقوع حادث انهيار المباني يتم فقط لامتصاص غضب و استياء الساكنة وبعدها تعود دار لقمان إلى حالها..فالدولة والسلطات المنتخبة مسؤولة عن إيجاد حلول شاملة وجذرية لمشكلة انهيار المباني وفرض رقابة صارمة على مواد البناء وعقاب لوبيات العقار التي يتحكم بعضها في قرارات السلطات المنتخبة إضافة إلى قيامها بمسح شامل وعاجل للنسيج العمراني .
إن استمرار وجود بنايات آيلة للسقوط و محدودية إمكانيات القاطنين بها يبين وبالواضح عجز الدولة والمجالس المنتخبة التي لا تهتم إلا بمصالحها الضيقة والذاتية على اجتثات البنايات الآيلة للسقوط وتخليص ساكنيها من خطر الانهيار المفاجئ . فما حدث مؤخرا بدرب مولاي الشريف التاريخي ودرب السلطان وغيره من احياء المدن العتيقة ، يطرح تساؤلات عديدة على مصالح البناء والتعمير. فهل من مجيب؟؟؟

 

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.