اقتصاد

درابور: هكذا ساهم توقف النشاط الرسمي لجرف الرمال بالمغرب في تضاعف ثمن بيع الرمال

كازاوي

ارتفاع أسعار الرمال:
مباشرة بعد توقف تسويق رمال مصب أم الربيع، عرف سوق الرمال ارتفاعا في أسعارها، حيث انتقل ثمن المتر مكعب من 187,50 درهم إلى 300 درهم. أما فيما يخص الجودة فقد دقت ناقوس الخطر إحدى المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر حول جودة الرمال المستعملة مؤخرا في البناء والتي يتم تسويقها، حيث اعتبرتها مغشوشة وتهدد سلامة المواطنين.
وخلال العشريات الأخيرة لوحظ من طرف السلطات المعنية نهب وضغط كبيرين على رمال الشواطئ ورمال الكثبان الساحلية، حيث تبين أن أكثر من خمسين في المائة من الرمال المستعملة في البناء والأشغال العمومية تستخرج بصفة عشوائية من الشواطئ والكثبان الرملية الساحلية، وذلك اعتبارا للطفرة التي عرفها قطاع البناء والأشغال العمومية، حيث أصبح من الضروري البحث عن موارد بديلة لهذا النوع من الرمال ويتعلق الأمر بمصدر آخر من الرمال أكثر مردودية وجودة، من خلال الشروع في الاعتماد على رمال التفتيت والجرف.
كما أن بعض مستغلي مقالع الرمال يبحثون عن الربح من خلال التملص من كل الضوابط القانونية والجبائية، مستغلين وفرة في طلب على هذه المادة الحيوية، التي تشكل إلى جانب الاسمنت، عماد قطاع البناء والأشغال العمومية.
كما أن مستغلي مقالع الرمال الغير مهيكلة والعشوائية وناهبي الرمال في تزايد بشواطئ وسواحل المملكة، حيث لا تدخر جهدا في الضغط بكل الوسائل والسبل من أجل حماية مصالحها، إذ ظهرت تحركاتها أخيرا، بالتشويش على القطاع المهيكل لاستغلال رمال الجرف والتفتيت وشركاته المنضبطة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في المجال، خصوصا بعد ظهور رمال الجرف الأكثر جودة ومتانة في السوق.

 

وتلبية لحاجيات السوق الوطنية بمادة الرمال والحد من نهبها واستغلالها العشوائي مع الحفاظ على البيئة اعتبارا للتطور المستمر لقطاع البناء والأشغال العمومية، أوصت الإدارات المتدخلة في قطاع المقالع بإنجاز دراسة لتقييم الطلب والعرض من مادة الرمال، حيث تبين من خلالها أن حاجيات السوق الوطنية من هذه المادة قاربت أواخر 2010 حوالي 20 مليون متر مكعب سنويا ليصل حاليا إلى ما يناهز حاليا 30 مليون متر مكعب.
وموازاة مع هذه الدراسة، تم إعداد خارطة طريق تضمنت عدة توصيات، منها وضع استراتيجية لاستعمال الرمال البحرية ورمال التفتيت كحلول بديلة لرمال الكثبان الساحلية واقتراح إجراءات تحفيزية وجبائية للمستثمرين في هذين المجالين.
وقد انخرطت شركة “درابور”، عند خوصصتها سنة 2007 في إستراتيجية وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، التي تضمنتها خارطة الطريق السالفة الذكر والتي أوصت بتشجيع إنتاج رمال الجرف والتفتيت، كحل بديل لرمال الكثبان الساحلية بتنسيق مع باقي الإدارات المتدخلة في قطاع المقالع والتي صادقت عليها اللجنة الوطنية لمراقبة المقالع، حيث حافظت تلك الشركة على توجهاتها المتمثلة في تطوير مهنتها الأساسية، جرف الموانئ، والاستثمار في استغلال ومعالجة وتسويق رمال الجرف، في إطار شراكة مبرمة بين الشركة و تلك الوزارة.
وفي إطار هذه الاستراتيجية أعلنت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء نهاية سنة 2013 عن طلبات العروض، تم تأجيلها فتح أظفرتها، لمنح تراخيص لاستغلال وتسويق رمال الجرف بالمناطق التي يتواجد بها احتياطي من رمال الجرف وهي:

1- تحضارت بطنجة (بين أصيلة وطنجة)
2- الدار البيضاء الشمالية (بين الدار البيضاء والمحمدية)،
3- الدار البيضاء الجنوبية (بين دار بوعزة ومولاي علام)،
4- رأس حديد بالصويرة الشمالية.

 

وفي إطار خوصصة شركة درابور سنة 2007 تم إبرام الاتفاقيتين التاليتين:

1.الاتفاقية الأولى بين وزارة التجهيز والنقل وشركة درابور تهدف إلى تشجيع نشاط الجرف بالموانئ ومصبات الأنهار والرفع من قيمة المواد المستخرجة بعد معالجتها حيث تبقى هذه الاتفاقية سارية المفعول إلى حين فسخها بالتوافق من الطرفين؛

2.الاتفاقية الثانية وهي اتفاقية استثمار بين الدولة وشركة درابور والتي أبرمت لأجل إنجاز برنامج استثماري غلافه المالي يناهز خمسمائة مليون درهم خلال السنوات 2008 إلى 2013، ابتداء من تاريخ إبرام الاتفاقية.

وقد التزمت شركة درابور في إطار هاتين الاتفاقيتين بما يلي:

• الحفاظ على توجهها بصفتها مؤسسة تخدم الصالح العام في مجال جرف وصيانة الموانئ ومصبات الأنهار وكذا في مجال إنتاج الرمال البحرية؛
• إنجاز أبحاث ودراسات تتعلق بنشاط الرمال البحرية وتطويره والمساهمة بشكل كبير في تلبية حاجيات قطاع البناء والأشغال العمومية من هذه المادة؛
• إنشاء شركة فرع « Société RIMAL, le sable vert » رأس مالها مائة واثنين وخمسون مليون درهم (152.000.000 درهم) تتخصص في استخراج و معالجة وبيع الرمال البحرية بمحطات أزمور، المهدية والعرائش؛
• إنجاز برنامج استثماري خماسي (2013 -2008)، ناهز غلافه المالي خمسمائة مليون درهم (500.000.000 درهم)، تم اسكتماله خلال السنوات الأخيرة ليصل إلى غلاف مالي قدره ثمانمائة مليون درهم (800.000.000 درهم)؛
• المساهمة في تزويد قطاع البناء والأشغال العمومية بما يفوق مليون ونصف متر مكعب ( 1.500.000 متر مكعب) من الرمال البحرية العالية الجودة سنويا، الأمر الذي ساهم في خلق نوع من الديناميكية في هذا القطاع سواء في المجال الاقتصادي والبيئي أو في المجال الاجتماعي، هذه الرمال التي يتم تسويقها بكل شفافية في جميع أرجاء المملكة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في محاربة القطاع الغير الرسمي في سوق بيع الرمال؛
• إحداث ما يزيد على خمسمائة (500) منصب شغل مباشر تشمل أطرا وعمالا في اختصاصات متعددة وألفين وخمسمائة (2500) منصب شغل غير مباشر؛
• ضمان ظروف السلامة والأمن اللازمة للقيام بأنشطة الصيد البحري من خلال صيانة مصبات الأنهار ومداخل الموانئ بشكل دائم لتأمين الولوج إليها؛
• دعم ميزانية الدولة والجماعات المحلية، من خلال أدائها ما يناهز خمسمائة وأربعة وعشرون مليون درهم (524.000.000 درهم) من الرسوم والإتاوات والضرائب، خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2017، بالإضافة إلى مساهمتها كمقاولة مواطنة في دعم عدة أنشطة لفائدة العديد من الإدارات والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني.
و ما كان ليتم إنجاز كل ما ذكر أعلاه من طرف شركة درابور إلا بتعبئة تمويلات وقروض بنكية هامة طويلة الأجل، يمتد تسديدها إلى ما يفوق خمسة عشر سنة، خصصت لاقتناء الآليات والجرافات والتجهيزات الخاصة بجرف ومعالجة وتسويق الرمال البحرية طيلة مدة استعمال تفوق 20 سنة.
ومن جهتها التزمت الدولة (وزارة التجهيز والنقل) بمواكبة شركة درابور في مشاريعها من خلال تمكينها من استغلال القطع الأرضية التابعة للملك العام البحري بمحطات أزمور والمهدية والعرائش، في إطار دفتر تحملات تم إعداده لهذا الغرض، ودعمها ومساندتها للحصول على التراخيص اللازمة من كافة الإدارات المختصة كما ورد في الاتفاقية الموقعة ووضع رهن إشارتها جميع المعلومات المتعلقة بحجم الخصاص في مجال رمال الجرف والتنقيب على الاحتياطات المتعلقة بالرمال البحرية.
ويبقى الهدف من اللجوء إلى استخراج رمال الجرف من مصبات الأنهار ومداخل الموانئ واستعمالها بعد معالجتها في قطاع البناء والأشغال العمومية هو الصيانة أولا وضمان السلامة والملاحة للقوارب وللبواخر حين إبحارها.
كما أن عمليات الجرف بمصبات الوديان والأنهار تلعب دورا هاما في الحفاظ على التوازن الطبيعي لتلك المصبات، حيث تحمي المناطق المجاورة من الفيضانات ومن التلوث الناتج عن الترسبات وانسداد المصبات “نقطة التقاء الواد والبحر”، كما تساهم في إزالة الرواسب المتكونة من الرمال والأوحال نتيجة عن عدة عوامل منها التيارات النهرية على مستوى المصب والتيارات الناتجة عن حركتي المد والجزر التي تعمل على توزيع الرواسب والتيارات الناتجة عن حركة الأمواج التي تنشر الرواسب على طول الساحل.
ومن العوامل كذلك التي تحتم استمرار دائم لعملية الجرف بالمصبات هو الحفاظ على جريان مياهها وانسيابها وتبادلها مع مياه البحر عوض انسدادها وإغلاقها واختفائها تماما كما هو الحال لعدة وديان، كما هو مبين بالصورة المرفقة طيه.
وبالموازاة مع جرف المصبات فإن عمليات جرف موانئ المملكة على مدار السنة، تعزز جاذبية استثمارات هذه الموانئ، باعتبار أن جرف الرمال في مناطق الرسو، يعزز فرص استقبال ناقلات بحرية أكبر، وهو المعيار الذي يعتبر أساسيا في تصنيف الموانئ إلى جانب حجم الرواج والمبادلات والطاقة الاستيعابية وقدرات التخزين.

في الختام فإن استمرارية عملية الجرف تعتبر حتمية وبدونها ستنعدم الحياة بمصبات الوديان والأنهار وستتلوث مياهها مما سيؤدي إلى انسدادها وإغلاقها أمام أنشطة الصيد الساحلي التقليدي و بالتالي حرمان البحارة الصغار من لقمة عيش.

القطاع الغير المهيكل

الرمال هي المكون الأساسي لصناعة البناء والتشييد، مادة ضرورية لتطوير البنية التحتية والنقل والاسكان والانشطة التجارية والصناعة والصحة والتعليم والترفيه وغيرها من جوانب الحياة الحديثة.
انتقل استهلاك الرمال في المغرب من 15 مليون طن في التسعينات الى 49 مليون طن حاليا وفقا لجمعية مهني الرمال (APS )
لا يزال سوق الرمال يعاني من المنافسة غير المشروعة من طرف مناوئين غير نظاميين، والاستغلال المفرط للكثبان الرملية ونهب الرمال الشاطئية، وهكذا فان أكثر من 80% من الرمال التي يتم تسويقها في المغرب تأتي من القطاع غير المهيكل (الكثبان الرملية، الشواطئ والوديان) التي تفلت من المراقبة والاداء الضريبي رغم المجهودات المبذولة من طرف الإدارة لتنظيم وترشيد استغلال الرمال.
وسبق لوزير التجهيز والنقل السابق أن أكد في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، إن 55 % من مقالع الرمال بالمغرب غير مصرح بها، وهو ما يفقد ميزانية الدولة 5 مليارات درهم سنويا. وهو نفس القيمة التي قدرها المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي حجم الضرائب التي تخسرها الدولة سنويا بسبب الانتشار الواسع للمقالع العشوائية، أو السرية، بحوالي 5 ملايير درهم (50 مليار سنتيم)، مؤكدا أن الحكومة لا تتحكم سوى في حوالي 2012 مقلعا، نصفها نشيط، تدر على أصحابها حوالي 14 مليار سنتيم سنويا، وتستفيد منها الدولة بحوالي 20 مليار سنتيم في شكل ضرائب ورسوم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بكل بساطة نحن امام اعطاء الفرصه لمافيا المقالع السرية لاستنزاف رمال الشواطى بتواطئ من “السلطات عينها المعنية بمحاربت هذه المقالع!!!”
    فثمن الرمال وصل الى 300درهم للمتر المكعب!! ناهيك عن جودتها المشكوكة والتي خبرها دو تحت قبت البرلمان…! وهذا وضع مغر جدا لارباب المقالع السرية واعوانهم المتواطئن معهم من السلطات! االى اين تقودون هذ البلد؟؟؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى