ممول الحفلات والانقلابات

أن تخصص قناة “العربية” حيزا هاما للنيل من الوحدة الوطنية المغربية ، وتتذكر أنة هناك “دولة” جنوب المملكة المغربية ، لها إسم وعلم وتاريخ ومسؤولون ، ثم تورد قناة “ابو ظبي” خريطة المملكة المغربية مبتورة من صحرائها ، فالأمر لا يحتاج هاهنا إلى محلل كبير أو استراتيجي للقول بأن منسوب الغضب لدى “الإخوة ” في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تجاه شقيقتهم المملكة المغربية مرتفع بل ومرتفع جدا ، الأشقاء في الخليج يمنون على ما يبدو على المغرب بمواقفه الداعمة له ، لكنهم لا يتركون الفرصة تمر دون أن يطالبوا بثمن لتلك المواقف ، والمغرب يقدجر لهم ذلك وهو يؤدي الفاتورة تلو الفاتورة ، بالأمس القريب سالت دماء جنود مغاربة لتحرير الكويت من غزوة العراق ، وقبل ايام عاد الجنود المغاربة لشد عضد السعودية قصد التصدي للحوثي وصالح في اليمن ، وبينهما مواقف كلفت المغرب قطع علاقاته الديبلوماسية مع إيران دفاعا عن حق الإمارت في جزرها ، وكذلك الشأن كان عند نصرة مملكة البحرين ، لكن في خلاف رمضان الأخير اختار المغرب الحياد ، فهو لم ينسق كما فعل آخرون خلف قطع علاقاته مع قطر ، لأن المغرب لم يقتنع بمبررات الحصار الفجائي الذي ضربته الامارات والسعودية والبحرين ومعهم ما تبقى من صمر السيسي على شعب صغير ومسالم ، المغرب ذهب أبعد من ذلك عندما قرر ارسال مساعدات غذائية لدولة قطر ،ليس لأن الشعب القطري في حاجة للغذاء لكن من باب تسجيل الموقف للتاريخ ، المغرب ببعد نظرته وحكمته وتعقله ، وهي أشياء يفتقد لها الاخوة لدى الامارات ، وابتليت بها السعودية في الآونة الاخيرة ، تبين له أن الأشقاء يخوضون الحرب الخطأ بالمبرر الخطأ في حق “العدو” الخطأ ، وعرض وساطته للم ما تبقى من شمل أمة تكد وتجتهد في تدمير ونسف وحدتها .
الصحراء مغربية ليس لأن السعودية والإمارات تشهدان بذلك ، بل لأن التاريخ والجغرافية يفرضان مغربيتها ، والصحراء مغربية ليس بحسب مزاج قناة ” العربية ” أو “أبو ظبي ” أو ” سكاي نيوز عربية ” أو “إم بي سي ” ، فهي كانت مغربية قبل أن تزاح جبال الرمال التي بني فوقها استوديوهات القنوات المذكورة ، وقد فقدت القنوات المعنية البوصلة هذه الأيام وتحولت إلى مقصلة لقطع أوصال الحقائق التاريخية ، ورشها بوابل من الإفك ، وتقديمها لمشاهد هجر المقاعد خوفا على نفسه من أن يصاب بداء “الخرف” ، القنوات المذكورة أبات على قدرة عالية في الدوس على المهنية ، لذلك لا غرابة في أن تنبش في الوحدة الترابية للملكة المغربية ، لأن هذه الأخيرة وإن كانت لا تملك بترولا ولا غازا مسالا ولا ناطحات سحاب في عمق الصحراء ، فهي تملك عقلا راجحا ، يرى الهاوية هاوية فيجتنبها ، ويرى الشقيق شقيقا فيدعمه في محنته ، ويرى الفجور في الخصام من شيم الفساق فلا يفجر ولا يشمت .
يخطئ أشقاؤنا في السعودية ومعهم من في دولة الإمارات عندما يعتقدون أن ربورتاجا في قناة أو قناتين يمكن أن يرعب المغرب ويجعله يرتمي في أحضان قرارات مشبوهة ، فالمغرب لم ينل من وحدته الترابية حتى قناة “الجزيرة ” وما أدراك ما قناة الجزيرة ، القناة التي قصفها الجيش الأمريكي إسكاتا لصوتها ، “الجزيرة” التي دأبت على بتر صحراء المغرب من خريطته لم تغير على ارض الواقع شيئا ، فالمغرب في صحرائه ، ولو كره المغرضون .ويخطئ الأشقاء هناك حين يعتقدون أن المغرب هو ظل تابع لهم في قرارات ارتجالية وعشوائية أنتجت نتائج عكسية تماما ، حتى بات ذو عقل يشك في غاياتها ومن يقف خلفها ، فلا نرى في المغرب من مستفيذ من قرارات أهل الخليج هناك إلا أيران وإسرائيل ، فإيران خطفت العراق وسوريا ولبنان واليمن وتوشك أن تخطف البحرين ، وكل ذلك بسبب سوء التقدير لدى المسؤولين في السعودية والإمارات ، وإسرائيل باتت في راحة تامة بعد أن تكلفت الإمارات وجرت معها السعودية بمحاربة المقاومة الفلسطينية ممثلة في حركة حماس ، مع سعي الدولتين على تمويل الانقلابات على ثورات الشعوب العربية ، وتمويل القلاقل والفتن هنا وهناك لإظهار الربيع العربي بأنه مجرد خريف مدمر ، وتخيير الشعوب بين واقعين أحلاهما مر ، إما العيش تحت جناح الظلم والاستبداد ، والقبول به ، أو الدخول في متاهات ثورات لا نهاية لمآسيها ، يغذونها بالسلاح ويستعدون عليها القوى العظمى ، ويدفعون نقدا وعينا لوأدها في مهدها .
عذرا أشقائنا ، إذا صنعتم قرارات فيها حكمة ومصلحة للأمة ، ستجدوننا معكم نمدكم بقطع الغيار ، لكن إذا همتهم خلف صراعات عشائرية ، أو وكلكم غيركم لضرب شقيق لكم ، فنحن ننصحكم ، ولن نجاريكم ، أما ألسنة قنواتكم فهي لا تجدي نفعا مع مغربية صحرائنا ، لأن قضية صحرائنا أكبر من مجرد قناة أو جريدة .