“نباح الجراء ” والمال العام

الجراءهي صغار الكلاب، من عادتها أنهاتنبح وهي خائفة مذعورة ، تنبح وكلما شعرت بالخطر يقترب منها تهرب تلوي ذيولها الصغيرة بين فخديها الخلفيتين وتهرولفي اتجاه الكلبة الأمتختفي خلفها علها تقيها شر ظلها أو خيالها، نباح الجراء فيه ضجيج بدون نتيجة ، الأحمق هو من يصدق نباح الجراء ، لذلك يستحسن ترك الجراء تنبح وعدم الاهتمام لنباحها ، فهي كلما نبحت كلما خافت وارتجفت ، توهم نفسها أنها خلقت الحدث ، لكن لا ندري هل الحدث الأكبر أو الحدث الأصغر فكلاهما مبطل للوضوء.
سبب نزول هذه المقدمة هو أن لصوص المال العامفي مدينة ابن سليمان على الخصوص، لا يستسلمون بسهولة ، إنهم لا يرفعون الراية البيضاء ، وهم يشنون حربهم القذرة والمشوهة ضد الشرفاء ممن يفضحون جريمتهم ، لصوص المال العامهناكيناورون ، يستميتون كي يفلتوا من برودة الزنزانةالتي تنتظرهم، وأسئلة المحققين ، و”الشوهة” بين المقربين ، “حصلة” هؤلاء اللصوصقريبة ، رغم أنهممدعومين بكبيرهم الذي علمهم السحر والسرقة ، كبيرهم الذي “يقـفـقـف“كلما قرأ عنوانا في جريدة أو فكر بعقل وسجية ، أو استحضر أن ساعة الحساب قادمة لا ريب، فيسارعالىإدخال رأسه في الرمل وترك سوأته مفضوحة.
لصوص المال العامفي ابن سليمانمثلهم مثل تلك الجراء التي بنباحها تعتقد أنها ستطفئ ضوء القمر ، أو ستخيف أمواج البحر ، أو ستخفي أشعة الشمس فييوم صيفي جميل ، لصوص المال العام ، مثل الجراء حين ينبحون وهو خائفون ، وذيولهم تلامس بطونهم ، من شدة ذعرهم تراهم يفرون مختفين خلف ركام قش أوداخلعش دجاج أو تحت بردعة حمار .
وأما كبير لصوص المال العام فهو مثل كلبأجربهرم ” شاب وعاب ” ولم يعد يصلححتىللنباح،كلب يوشك علىالتقاعد ،بعد أن ضبطه مالكه يلتهم البيض الذي كلفه بحراسته ،فربطه تحت حرارة الشمس في انتظار الإفتاء في مصيره .
، كلب يمضي يومه كله في نوم عميق وهو يطوي جسده المتهالك ، كلب بلغ من الكبرعتيا، يُعلم الجراء كيفتنبحوتهرب، وكيف تُستأمن وتخون، وكيف تتربص بالجيف وتخطف الفتات وتسرق اللحم من تحت طبق أسيادها الذين استأمنوها على حراسة الزريبة والقبيلة ، وعندما يظهرالحق ساطعا مثلفارس مقدام على صهوةجواده، لتخليص القوم من نباح تلك الجراء ، ومنودود الكلبالأجربالمتناثر، لا تتورع الجراء في النباح كعادتها ، تنبح وتنبح لكن كلما ازدادخوفهاازداد نباحها.
يحصل أن يلجأ لصوص المال العام في قمة يأسهم و يقينهم من أن ساعة الحسم أوشكت ، وأن رجال الدرك سيطرقون بابهم فيأيةلحظة وحين ، وسيتم اقتيادهمالى“لابريكاد” والشروع في استجوابهم بما لا يقوون على الجواب عنه ،يلجئونوبتعليمات من كبيرهمالىالاستعانة بأبواق مأجورةمنخورة، تبيع لهم فضاء الانترنت بدرهم ودرهمين ونصف كيلو غرام وربعه كما يفعل “بائع المسمنوالحرشة” ، يتباهون بمقال صدر في موقع هو وأصحابه نكراتومفعول بهمومجرورون من رسن الحاجة والفقر والجهل ،والأكثرمن ذلك لا محل لهممنالإعراب، فيحاولن عبره إطالة عُمر قد انتهى .
حقيقة كم أخطأت تلك النعجة التي اعتقدت أن إخراجها للريحبغزارةقد ينجيها من مخالب الذئب ، وكم أخطأت تلك الجراء حين ظنت أن نباحها قد يخيفالجياد، وكم أخطأ مهندس سرقة المال العام حين ظن أن التاريخ أهبللا يسجل الجرائم وينسبها لأهلها ، وكم أخطأ من ظنأنحبل الكذب طويل بلانهاية ، بل هو حبل قصير ، ألا إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب .