الرأي

عاداوي….حكومة ” قتلة الرسل “

بحثت كثيرا في نصوص القانون وأنا بالمناسبة رجل قانون ، عن فصل قانوني يجيز أو يبيح لرجل الأمن أو الدركي أو المخزني بكل الرتب ، التدخل لتفريق تظاهرة سلمية بالضرب والركل وإراقة الدماء ، لم أجد لهذا الفصل أثرا ، وعلى العكس من ذلك وجدت نصوصا تعتبر التدخل الأمني لا يتم فيه اللجوء إلى الضرب والعنف أبدا ، وأنه وفي حالات معينة حددها القانون مرهون بإجراءات مسطرية واجبة ، وأن التدخل لا يمكن ان يكون عشوائيا ، يشرع فيه البوليسي أو الدركي أو المخزني في خبط المتظاهرين خبط عشواء بالعصي والهراوات ، ووجدت كل تهور أو طيش من هذا الشرطي أو الدركي أو المخزني يوقعه تحت طائلة العقاب ، هو ومن اصدر إليه الأوامر ، باعتبار الأول فاعلا أصليا والثاني فاعلا معنويا او مشاركا ، في دولة تحترم مواطنيها ، وتحترم القوانين التي وضعتها .

مناسبة هذا الكلام أني تابعت فيديوهات مرعبة لرجال امن نزلوا في الطلبة الأساتذة ضربا كمن “يسوس مانطة او حصيرة ” ، فكانت المشاهد بشعة ومخيفة ومقززة ، تقوم بها دولة تحاول جاهدة التصالح مع مواطنيها ، لا يعنينا هاهنا مرسوم بلمختار ولا خطاب الخلفي ، فأن تصدر وزارة التربية والتكوين مرسوما يفصل التكوين عن التوظيف ، فهذا شأن الوزارة ، وأن تتبنى الحكومة مرسوم وزيرها فهذا ايضا شأن الحكومة ، لكن ان يخرج طلبة أساتذة في مسيرة لهم يدافعون عما يعتقدونه حق لهم ، وأن تكون مسيرتهم سلمية وهي كذلك ، لأننا لا نتوقع من طلبة أساتذة أن يرشقوا رجال الأمن بالحجارة ، ولا نظن أن رسل الغد سيتحولون الى مشاغبين من مشاغبي الملاعب ، ولا أجد تفسيرا او تبريرا لسلوك رئيس الحكومة ومن معه ممن نضعهم في خانة شرفاء تلك الحكومة ، فأن يصدر وزير مرسوما او مرسومين ، وأن يخلق المرسومان بقعا سوداء فوق سماء الطلبة الاساتذة ، فهذا مشكل بسيط يمكن حله بعيدا عن التشنج والغضب والانتقام ، لانه في نهاية المطاف لا خير في دولة تسلط شرطتها على استاذها او معلمها ، وهو الذي سبق للشاعر ان قال فيه “كاد المعلم ان يكون رسولا ” ، ثم إن الدولة او الحكومة باستعراضها لهراواتها على ظهور اساتذتها و معلميها ترسم على وجوههم أقنعة من الدم ، واحمرارات سرعان ما تتخذ لون الزرقة ، تكسر الاضلع وتهشم الرؤوس ، للذكر مثل حظ الانثى ، في مساواة لا تتحقق بين الرجل والمرأة إلا في الضرب والركل ، إنما تقول لهم ، “اللي معجبو حال يشرب البحر ” .

ربما تريد الدولة ان تستعيد “هيبتها” على حد فهم بعض المسؤولين فيها ، تريد الدولة ان تقود خريفها بعد ان قاد الشعب ربيعه ، تريد ان تعصر السماء لتسقط غيثا على شكل حجارة من سجيل ، وتريد الدولة ان تقول للناس بالحرف : “يا معشر القطيع ، مراسيمي أمامكم وهراواتي ورائكم ، وليس لكم والله سوى الخنوع وراه اللي دوا يرعف ” ، ، ففي الدول الغارقة في الديكتاتورية دون غيرها ، يتم فرض مراسيم الوزارات بالهراوات ، و في الانظمة الشمولية جدا ، يتم الحوار بالركل والرفس والدوس ، وفي جميع الحالات نسجل على الحكومة ضعف تواصلها مع الطلبة الاساتذة ، ونسجل عليها استقوائها بعصي البوليس ، دون استقوائها بالدستور او القانون ، فالمراسيم الفجائية التي تأتي بغثة مثل فيضانات فصل الصيف ، تنزل على المعني بها كما ينزل الماء البارد على الجسم الدافئ ، وحكومة السيد عبد الاله بنكيران منحها المغاربة ثقتهم لتعاملهم كأبناء آدم ، وهم فعلا كذلك ، فالمغاربة من سلالة آدم التي كرمها الله تعالى ، فكيف يكرم الله تعالى ابناء آدم في كتابه العزيز ويأتي بنكيران ل”يكرمهم ” في عظامهم ووجوههم .

ربما لا تكون الدولة في حاجة الى رجال ونساء التعليم في مدارسها وثانوياتها ، فهذه الثانويات باتت مرتعا لمراهقين يعاقرون المخدرات أكثر من معاقرتهم للكتب ،وهي مرافق صارت غير منتجة ، يتعين الإسراع بإعلان إفلاسها ، بعدما تعاقبت عليها البرامج الاستعجالية العقيمة التي جرفت المال والبنون جملة وتقسيطا ، ربما تحتاج الدولة فقط الى أفواج من البوليس والدرك والمخازنية والباشوات والقياد ، ومزيدا من العصي البلاستيكية والخوذات الواقية و”الفرادى و الرشاشات ” ، والقنابل المسيلة للدموع ، والى مهرجانات الرقص فوق جثث البؤساء ، لكن ليس بهذه الأدوات يمكن إبرام الصلح بين الدولة والمواطن ، فجروح جيل من المواطنين خلال سنوات الرصاص لم تندمل بعد ، وخطاب التفاؤل الذي تغنى به البعض اتضح انه مجرد كلام معسول ، وحتى حكومة السيد بنكيران تبين أنها تلعب اللعبة نفسها ، إنها تضرب تحت الحزام وفي المليان ، لا تفرق بين دكتور معطل و طبيب و أستاذ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى