الرأي

شواذ وبغايا ضد القانون

ربما فقدت الوقفات الاحتجاجية كل طعم وكل قيمة لها ، بعدما صارت هذه الاحتجاجات تسير في اتجاه عالم العبث ، رحم الله زمنا كانت فيه الوقفة الاحتجاجية تحمل في مسيراتها ملفا اجتماعيا او سياسيا او ثقافيا ذا قيمة يستحق تعاطف جل مكونات الشعب ، مسيرات كانت تطالب فقط بتطبيق القانون ولا شيء غير القانون ، بعدما ثبت أن جهة معينة داست على القانون وبدل تطبيق القانون النافذ ، طبقت تلك الجهات أهوائها ونزواتها ، نقول هذا ونحن نشاهد كيف ان الوقفات الاحتجاجية صار منظموها مثل فرقة ” عبيدات الرمى أو فرقة من الشيخات ” ، الذين يرقصون كلما “علق ” لهم احد الجمهور ورقة نقدية ، تفقد الوقفات الاحتجاجية بريقها وقفة بعد وقفة .

الباعة المتجولون الذين يشتغلون خارج القانون ويحتلون الشارع العام ، ينظمون وقفة احتجاجية ، مفادها مطالبتهم بغض الطرف عنهم وتركهم يخنقون الممرات العمومية ، ويبذرون الازبال والنفايات هنا وهناك ، وكل تدخل من السلطة لاجل طردهم وتحرير الملك العمومية منهم يسوقهم الى التجمهر قبالة عمالة او محكمة يهتفون ويهتفون يطالبون بحقوق ليست من حقهم ، ووقفة احتجاجية اخرى لشرذمة من المحتجين يطالبون فيها النيابة العامة التي تابعت فتاتين كيفت سلوهكما بانه اخلال علني بالحياء يطالبون النيابة العامة بالتنازل عن سلطة الملائمة التي منحها لها القانون ، والعدول عن المتابعة ، علما أنه في هذا الوطن الحبيب دستور ، وهذا الدستور يحدد المهام والمسؤوليات ويرتب الجزاء على عدم القيام بالمهام ، وهو ما سمي بربط المسؤولية بالمحاسبة ، فليس لان وكيلا للملك قرر متابعة فتاتين بحكم لباسهما الذي كانتا ترتديانه ساعتها ، فإن هذا يعني ان الحريات باتت في خطر ، وانه يتعين تجييش العامة من الناس والخروج في وقفات احتجاجية ، واستدراج الفنانين والمشاهير لتصريحات من شأنها أن “تحمي الطرح ” مع أو ضد ، علما ان نازلة الملابس المخلة بالحياء لا علاقة لها بتعاليم الدين ، بقدرما لها علاقة بنص قانوني نافذ ، يتوجب تطبيقه ، ففي ترسانتنا القانونية نصوص تعاقب الاخلال العلني بالحياء ، وإن كان هناك من وقفة احتجاجية فيجب ان تكون في اتجاه الدفع الى حذف هذه النصوص بتعديل القانون ، ولا يمكن البتة تنظيم وقفة احتجاجية لاجل تعطيل نص قانوني حاز نهائيته بقوة القانون ، فلا مجال للخلط هاهنا بين تعاليم الدين وبين مقتضيات القانون ، فوجهة نظر الدين من حلال وحرام ، موكول الى المجلس العلمي ، باعتباره الجهة التي تحتكر الفتوى وتمييز الحلال من الحرام ، دون غيرها ، وأما تعاليم القانون فموكولة الى مؤسسة النيابة العامة والضابطة القضائية ، والى المحاكم ، ولا يجادلها فيها احد إلا بسلك المساطر القانونية من طعن واستئناف وتعرض ونقض ، ثم جاءت قضية شاذ جنسيا ، أراد البعض استغلال ما حصل له من اعتداء وهو حادث معزول ، اراد هذه البعض ان يحول حادثا معزولا لا ندري ماهي خلفياته ، الى قضية راي عام ، تبنتها جهات معلومة تريد ان تفرض على المغاربة قبول الشواذ جنسيا بينهم ، لهم ما لباقي غيرهم ، واستغلت تلك المنابر الحدث المعزول وناصرت الشاذ جنسيا ليس بصفته ضحية تم الاعتداء عليه بل بصفته صاحب قضية ، وان الشذوذ الجنسي ليس جريمة ، ودليلهم في ذلك ان نجوما في الغناء والسينما والسياسة هم شواذ جنسيا ، وانه يتعين على المغاربة ان يهرولوا الى الاقتداء بهؤلاء المشاهير ويتحولوا الى شواذ جنسيا في القريب العاجل ، وتناسى هؤلاء الشارذون ان الشذوذ الجنسي معاقب عليه بنصوص قانونية نافذة ، وان من يسير في مسيرة احتجاجية ضد نص قانوني هو من يضع الحجر الاساس لتفشي الفوضى والفتنة ، فما جدوى النصوص القانونية إذا لم تكن واجبة التطبيق ، صحيح انه لا حق للمواطن العادي ان يحل محل الدولة او السلطة في معاقبة الناس طبقا للمزاج ، وكل فعل من هذا القبيل يشكل جريمة ، فلاحق لمواطن في ضرب لص او ركل نصاب او صفع مزور ، او التهجم على شاذ او عاهرة ، فالواجب هو التبليغ عن الجريمة ، وليس اخذ المبادرة والشروع في القصاص ، والصحيح كذلك ان الشذوذ الجنسي والاخلال العلني بالحياء والافطار العلني في رمضان للمسلمين ،وزعزعة عقيدة مسلم ، هي افعال مجرمة قانونا ، ولا علاقة لتجريمها بالدين الاسلامي ، لذلك فهؤلاء الغيورين على حقوق الشواذ جنسيا وغيرهم ، خصمهم الاول والاخير هو القانون ، وليس الدين ، ويتعين عليهم الكف عن ربط مشاكل قوم لهم مشاكل مع اجهزتهم التناسلية مع الحرية الفردية .

لسنا مجتمعا كنسيا في القرون الوسطى ، يحكمه القساوسة والبابوات ، ولسنا معبدا يحكمه الكهنة ، نحن دولة يحكمها قانون ، صادق عليه نواب الامة ، نحن دولة مؤسسات ، على كل من يسعى الى فرض حق من الحقوق على باقي افراد الشعب ان يناضل لاجل تغيير النصوص القانونية التي تقف في وجهه ، لكن ان نخرج في مسيرة نطالب بعدم تطبيق نص قانوني نافذ ، بحكم ان ذلك النص القانوني لا يسير وفق أهوائنا ، فنحن لسنا مناضلين بقدرما نتحول الى فتانين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى