لا شك أن القضاء على مظاهر التطرف بكل تلوناتها يبدأ بتجفيف المنابع التي تمده بعناصر الحياة وتشكل سمادا لغزارة محصوله وتسريع وتيرة تحقيقه، ولعله ليس من العبث ان يكون الساهرون على اعداد دستور 2011 حرصوا في اطار تدافع اصحاب المصالح من مختلف المكونات والقوى المتدافعة على التوافق على تضمينه مرتكزات اساسية تحيطه بنوع من الضمانات التي تنأى به عن الاختلال، ولعل مرتكزي التوازن بين السلط وتعاونها من أهم هذه الاسس، لأنها تجعل مقابل كل سلطة سلطة مضادة لضمان التوازن ولاجتناب التضاد السلبي فقد قرن هذا المرتكز بالتعاون بين السلط حرصا على الاستفادة من التضاد لتحقيق التكامل بالتعاون بدل الصراع، وهذا ما جنب بلادنا تلك الارتجاجات التي عاشتها الدول العربية المعلومة، وأظن ان توافق مختلف القوى المغربية تقديم الحفاظ على الاستقرار وجعله اولوية على تحقيق مطلب السعي الى تنزيل الديمقراطية كان موفقا ونزع فتيل الاضطرابات التي عرفتها المنطقة في اكثر من قطر مماثل .
اليوم وقد كشف الزمن على صواب الاختيارات المغربية وحصول الشعب على دستور ممنوح بشكل مخالف حيث أن المانحين هنا كثر، اولهم ملك البلاد ومعه الاحزاب السياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني وعموم المواطنين الذين خرجوا مع شباب عشرين فبراير بشكل مقدر مما جعل صياغته تكون بشكل يتجاوب مع تحقيق مطالب الشعب المغربي في التحرر والعيش الكريم وهو ما وبالتالي تحقيق الرضى والتعايش بين أغلبية مكونات الشعب المغربي الذي هو اقصى ما يتغيىاه
النظام الديمغراطي، اسوق هذا التحليل للتدليل على أن الرفق لم يكن في شيء الا زانه وأن العنف لم يكن في شيء الا شانه ولذلك فإننا كدولة بكل مكوناتها يجب أن نحذر ممن تضرروا من هذاالوضع الذي ضيق الخناق على أصحاب الامتيازات، ولأنهم فاقدون لأي تجدر شعبي فإنهم سيسعون الى الايقاع بين القوى الحية في البلاد بتوظيف بعض المتواجدين في مواقع القرار لخرق التوازن الطبيعي الذي افرزته الآليات الديمقراطية المتعارف عليها وذلك بالعمل على تغليب كفة طرف على طرف آخر ، ويمكن أن نعتبر أن بروز بعض مظاهر التراجع الديمقراطي من خلال ممارسات بعض المسؤولين الترابيين بتجاوز اختصاصاتهم الى القفز على اختصاصات المؤسسات المنتخبة خرقا لمرتكز التوازن وسوء فهم لمبدأ التعاون وبالتالي ضربا لدستور الحرية والكرامة الذي جاء الحراك العربي وتزكية لادعاءات بعض المشككين في بناء الدولة الديمقرطية في المغرب، فيسيؤون الى الدولة كن حيث يوهمونها بأنهم يريدون خدمتها.
زر الذهاب إلى الأعلى