الدار البيضاء تدق المسمار الأخير في نعش الريع الجمعوي والتمويل المشبوه

وضع قرار مجلس مدينة الدار البيضاء ومجلس جهة الدار البيضاء الكبرى ومجلس العمالة وولاية الدار البيضاء الكبرى القاضي بوضع عدد من الشروط من أجل الحصول على الدعم المالي المقدم للجمعيات حدا لعدد من الممارسات والأساليب السابقة والعادات السيئة التي كانت تدخل في إطار الريع الجمعوي، واستعمال الدعم العمومي المستخلص من جيوب دافعي الضرائب لأغراض انتخابوية وسياسوية ضيقة.
ومن شأن هذا القرار أن يخلف عددا من الفعل في صفوف الجمعيات التي اعتادت على حلب ميزانيات مجلس المدينة ومجلس الجهة ومجلس العمالة والولاية وباقي المقاطعات 16 وتعتبره تضييقا عليها واستهدافا لها، في نفس الوقت الذي سيخلف أجواء من الارتياح التي كانت مقصية في التجارب السابقة رغم توفرها على برامج مضبوطة ومشاريع مدنية واضحة مرتبطة بتنمية المدينة ومراعاة مصالح سكانها.
ولا يحتاج أحد إلى التذكير أن جمعيات المجتمع المدني أصبحت تلعب دورا مهما في عدة مجالات، على اعتبار أنها فاعل لا محيد عنه في معادلة ومسلسل التنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية.
ويتجلى هذا الدور في تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإعطاء المجتمع المدني دورا أساسيا في أجهزة الحكامة الإقليمية والمحلية.
وقد ازدادت أهمية الجمعيات أيضا، بعد الدستور الجديد 2011، في تكريس الديمقراطية التشاركية مع جمعيات المجتمع المدني، ولا سيما الفصل 12 منه المتعلق بمساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام. ناهيك عن البرنامج الحكومي (يناير2012) الذي كرس هذا التوجه من خلال السعي “… إلىتعزيز مكانة المجتمع المدني في مختلف حلقاتتدبير الشأن العام، … وإقرار معاييرشفافة لتمويل برامج الجمعيات وإقرار آليات تمنع الجمع بين التمويلات، واعتماد طلب العروض في مجال دعم المشاريع…”.
أماالسياق التاريخي الهام، فهو الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية بالبرلمان (يوم 11 أكتوبر2013)، حيث أعطى جلالته تشخيصا واضحا للمشاكل التي تتخبط فيها حاضرة الدار البيضاء، إن على مستوىتدبير الشأن العام المحلي، أو على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. كما أكد جلالته على ضرورة نهج أسلوب حكامة جديد يمكن من خلاله تدارك الاختلالات التي تعيق النهوض بهذه المدينة، وجعلها في مصاف الحواضر المتقدمة والمستقطبة لفرص الاستثمار المحلي والأجنبي.
وانسجاما مع هذا الخطاب، جاء قرار المجالسالجماعات الترابية المنتخبة لمدينة الدار البيضاء باعتماد نهج أسلوب حكامة جديد في تدبير الشق المتعلق بتمويل مشاريع الجمعيات من خلال الإعلان عن طلبات المشاريع، مع استلهام فلسفة وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي هذا السياق، تم إحداث لجنةتقنية مكونة من ممثلي مصالح ولاية جهة الدار البيضاء الكبرى والمصالح الإدارية للمجالس المنتخبة، وكذا المصالح الخارجية لقطاعات الشباب والرياضة، والتعاون الوطني، والصحة، والثقافة، ووكالة التنمية الاجتماعية، عهد لهذهاللجنة دراسة مقترحات المشاريع المقدمة لدى المجالس المنتخبة لسنة 2014،
وتتركز هذه الدراسة على مدى إمكانية إنجاز المشاريع من الناحيتين العملية والتقنية وكذا تقييم جدواها ووقعها على الساكنة المستهدفة والحاضرة، ومدى انسجامها مع فلسفة ميثاق الجماعات الترابية.