عاداوي – تونس تصنع إكليل الفخر من ربيعها

إذا كانت بعض الدول تنعتبانها دول المليون شهيد ، فقدتبين ان دماء اؤلئك الشهداء سالت هباءا ،حيث بعد طرد المستعمر الغريب تمتسليم الوطن للمستعمرالمحلي ابن البلد، فإن تونس جاز وصفهاببلد “12 مليون ثائر” ، فقد طرد التوانسة طاغيتهم قبيح العابدين ، ولو لم يسلم الرجل رجليه للريح ولاذ بالفرار لأروه ما جناه على نفسه .
طوت تونس صفحة الثورة ، وطوت صفحة فوضى ما بعد الثورة ، وتصدتتونس للحالمين بإرجاع عهد“قبيح العابدين“، وانتقلت تونس الى مرحلةجني ثمار الثورة مع الاحتفاظ بشجرة الثورة دون اقتلاعها من جدورها ، ودخلت تونس نفقا جديدا في مسيرة محو تجاعيد الطغيان والاستبداد ، وحضرت صناديقالاقتراع بمدادها السحري لتسحر العالم العربي ، الذي جرب كل مناهج الفساد في الحكم ، وهو لا يقوى على العيش تحت وهج الديمقراطية ، فذاك شأن بكتيريا المستنقعات إنها لا تتحمل مواد التعقيم، كانت النتائج ، ولا يعنينا هنا الارقام ، فلا مجال للحديث عن الأغلبيةأو الأقلية في تونس ما بعد الثورة ، فالشعب هو الحكم بين الخصوم السياسيين، مهماغرفهذا الخصمأو ذاك منالأصوات،الشعب التونسي باتهو الآمر الناهي ، هو الذي سيراقب البرلمان والحكومة والرئاسة والشرطة والجيش والمخابرات والقضاء والخدمات الاجتماعية والصحية ، فكل هؤلاء هم خدم للشعب ، يقتاتون من الراتب الذي يقدمهلهمالشعب ، لذلك لامجال لمحاولة الاستئساد على الشعب ، لا يعنينا هنا الحديث عن عودة أزلام“قبيح العابدين“، من رموز مرحلة ما قبل الثورة ، تلك الوجوه العاملة الناصبة ، لن يكون لها في تونس الا طعام من ضريع في حالة قررت الهروب بتونس الى الخلف .
لقنت تونس درسا في الديقراطية للعرب الكسالىديمقراطيا، وتونس تعلم ان الديمقراطية لكبيرة إلا على الشعوبالأبية ، حتى ولو عاد قبيح العابدين نفسه من مفره ، لن يحكم هذا الهارب التوانسة إلا بمشيئتهم هم ، لا بنزواته هو ، لا مكان في تونس منذ اكتوبر 2014 لطاغية مستبد ،ولتعلم الشعوب العربية أن الربيع العربي حقيقة ، وأن الاشاعات التي اثيرت حوله من انه مجرد مؤامرة إنما تلك الاشاعات هي المؤامرة نفسها ، الربيع العربي حق ، والانتصار فيه للشعوبالمؤمنة بهحق ،ولا يعني تونس أن بعض البلدان تم فيها حرق الثورة فوق رؤوس الثوار ، لا يعني تونس ان دولة كبيرة مساحة وسكانا وتاريخا ، تم فيها اغتصاب الثورة، واختطاف الشعب وارادته ، وخنق اصوات الخصوم بالاعدام والرصاص الحي ، لا يهم تونس ان نظاما فاسدا قتل مليون مواطن وشرد أضعاف هذا العدد لينصب نفسه الرئيس الملك ، لا يعني تونس ان رئيسا عقيدا استكبر وقال لشعبه انا ربكم الاعلى ، قد عثر عليه جيفة في نفقخرب ، ولا يعني تونس أن انظمة فاسدة ذابت ، لتقوم مقامها صراعات قبلية وطائفية ومذهبية ، تونس ليست سوريا ولا مصر ولا اليمن ولا العراق ولاليبيا، في تونس الولاء لتونس الدولة ، وليس للقبيلة ولا للجماعة ولا للمذهب ، في تونس السلاح حكر على الشرطة والجيش ، وليس كما في دول اخرى تملك فيها قبائل من السلاح مالايتوفر عليه جيش الدولة ،تونس شعب صغير العدد كبير الطموح والقيمة ، وذاك شأن الذهب مقارنة مع التراب ، وشأن النحل مقارنة مع الذباب ، ستنتخب تونس رئيسها ، ولن يكون رئيسها الجديد سوى نتاج ثورتها ، وإن فكر هذا الرئيس بإيعاز من تلك الغربان التي تحلق في سماء تونس ، في العودة الى عهد القبيح ، فإن معدات الثورة التونسية جاهزة والحناجر على الزناد ، لتهتفبرحيل الطاغوت، وحتما سيظهر ذلك الرجل التونسي في ذلك الشارع ليعلن ان الرئيس هرب.
شكرا للتوانسة ، في إنجاحكم لثورتكموهي ثورتنا جميعا، وتأكيدكم أن الربيع العربي حلم وتحقيقه ممكن ،فالربيع العربي رائع ونجاحه في المغرب العربي أروع ،وكذب الدجالون والمنجمون من اعداء هذا الربيع ولو صدقت انقلاباتهم،فهي الى حين .