وجد البرلماني نبيل الأندلوسي، مستشار العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، نفسه في وضع لا يحسد عليه، بعدما تم ضبطه في حالة شرود وخارج سياق اللعبة.
فالمعني بالأمر، حاول تحقيق “السكوب النضالي”، مدفوعا في ذلك بنزق التسرع، ومحاولة التفرد بموقف بطولي على حساب أحداث مدينة الحسيمة، لكنه سرعان ما وجد نفسه شاردا يَــهِيم على وجهه ببطء. لأن “تسرع الأحمق هو أبطأ شيء في العالم” كما قال توماس شادويل، ولأن “التسرع غير المعقول” حسبكافكاهو “بمثابة الطريق المباشر للخطأ”.
ف”الدكتور” البرلماني الأندلوسي، خلق الحدث خلال اليومين السابقين، ليس بمعرفته القانونية التي لا تستطيع التمييز بين التظاهر والتجمهر، ولا تفرق بين اختصاصات العامل الإدارية والقضائية، ولكن لأنه وجد نفسه وحيدا يردّد الإشاعات والأكاذيب التي رفضها الجميع، بمن فيهم زملاءه في الحزب والبرلمان.
فالموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية نشر بيان الحقيقة الكامل الصادر عن الإدارة العامة للأمن الوطني، التي تنفي فيه تسجيل أية اعتقالات أو إصابات في صفوف المتجمهرين، كما أن الوكيل العام للملك باستئنافية الحسيمة، والذي يتبع بشكل مباشر إلى وزير العدل والحريات، الذي هو الآخر من حزب العدالة والتنمية، فـنّد بشكل قاطع أي تدخل عنيف للقوة العمومية في أحداث الحسيمة.
في مقابل كل هذا النفي والتفنيد، كان البرلماني الأندلوسي المحسوب على “الحزب الإسلامي”، يتنكر لحديث النبي الكريم”كفى بالمرء كذِبا أن يحدِّث بكل ما سمع”، بل إنه زاد وأمعن في تضخيم ما سمع، زاعما أن عناصر الأمن استهدفت رؤوس المتجمهرين، واعتقلتهم في سيارات الشرطة، وتعقبت بعضهم في الشوارع والطرقات، وتحت أضواء السيارات… بيد أن الحقيقة التي كان يعلمها الجميع هي: أن لا أحد سجّل شكاية بالعنف لدى السلطات القضائية، ولم يتوصل المستشفى الإقليمي والمصحات الخاصة بالمدينة بجيوش المصابين الذين اختلقهم البرلماني البتّار من وحي أفكاره.
ليس المؤسف هو نشر أخبار أو معطيات غير دقيقة أو مشوبة بالتجاوز، لكن المؤسف والخطير هو أن يطلق برلماني عن الحزب الحاكم العنان للإشاعات والأكاذيب وينفث السموم في جو اجتماعي يريد له أن يكون محتقنا.
ويبقى السؤال المطروح، هل كانت هذه الزلّة غير المغتفرة عن حسن نية؟ أي أن البرلماني الأندلوسي انساق طواعية وراء إشاعة من مصدر مجهول. وفي هذه الحالة، يتعين عليه المبادرة بتصحيح خطأه ونشر اعتذار للقوات العمومية وللساكنة المحلية عن هذا التسرع.
أما إذا كانت العكس هو الصحيح، أي أن ترديد تلك الإشاعات كان بغرض تأجيج الوضع الاجتماعي، واستغلال أحداث معزولة لأغراض سياسية. فهنا نطالب من وزيري الداخلية والعدل أن يفتحا تحقيقا في مواجهة هذا البرلماني الشارد..