الرأي

الولاية الثانية

الشعب صوت وقال كلمته مع أن نسبة المشاركة تناقش،فاز الحسب الإسلامي، تراجع كبير لأحزاب اليسار، دستوريا الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات ، هذا الأخير ملزم بتكوين تحالف الأغلبية يضمن له تسيير الدولة خلال السنوات الخمس المقبلة ،إذن لابد في البحث عن أسباب انتصار أحزاب وانتكاسة أخرى؟ وما هي التحالفات الممكنة؟

بعد الإعلان عن النتائج الرسمية من طرف الوزارة الوصية على الانتخابات والذي تبوأ الحزب الإسلامي فوزا كبيرا،متبوعا بألد منافسه بعيدين عن أحزاب عريقة وتقليدية كانت إلى عهد قريب يحسب لها ألف حساب ،وبمشاركة 43% من المسجلين وهي نسبة مهمة مع التخوف المسبق من عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع وهذه النسبة أكيد كانت في صالح الحزب الفائز ، وجب البحث عن الأسباب لهذه النتائج لكافة الأحزاب ومراجعة حساباتها وأيضا البحث عن أسباب العزوف وهي متشابكة مع بعضها وإعطاء العملية الديمقراطية دفعة إلى الأمام ومن أهم العوامل التي جعلت الحزب يحصد المرتبة الأولى في مناسبتين على التوالي ما يلــــــي :

1- خطوات وقرارات جريئة، وفي أوقات ربما مدروسة ،كإصلاح نظام التقاعد وقانون الإضراب الهدف منه استمالة بعض الناخبين السذج مما كرس بعض الحزازات بين المواطنين والموظفين، فيما نسوا الإصلاح الحقيقي والذي دعوا إليه في برامج سابقة كالتقليص من فارق الراتب بين الأطر العليا والمتوسطة، ولم يتمكنوا من ترويض بعض الموظفين الكبار الذي كانوا مضغة غير سائغة بل كانت أحيانا مُرٌة ،ولا ننسى الإصلاح الحقيقي الغائب المتمثل في فلذات أكبادنا المحشورين والمكدسين في الأقسام وأيضا أكبدنا ومرارتنا حيث يدفعون المواطنين إلى التداوي خارج المستشفيات الحكومية، والنمو الاقتصادي وما يترتب عليه من أوضاع اجتماعية لا يسعنا ذكرها ألان.

2- جمعيات حقوقية الذي دخلت في جدال وسجال حول مواضيع الإرث والإجهاض والإعدام في بلد محافظ يغلب عليه طابع الأمية .

3- عدم وجود قادة منافسين في الساحة بعد أن تم تدجين بعضهم ،قادة مبادرين ولا يكتفون برد الفعل ،قادة مثقفين وعالِمين بتسيير الأمور وتنفيذ البرامج وملهمين لشعوبهم ،وما أحوجنا إلى قائد يحقق أهداف وآمال هذا الجيل والتخطيط للأجيال اللاحقة .

4- تراجع ايديولوجات اليسار حتى في بلدانها الأصلية، فاليسار ينمو خاصة مع الدكتاتوريات حيث يجد مناخا ملائما، وأيضا انهيار المعسكر الاشتراكي لذلك وحسب تعبير فوكوياما نتج عنه إفلاس إيديولوجي .

5- السلطة لعبت دورا مهما سواء بقصد أو غير قصد حيث تم تأجيج الصراع ضد هذا الحزب وكل ما هو محظور فهو مرغوب، وتقمص الحزب دور الضحية.

6- التواصل المستمر بين القادة والمناضلين والتواجد في جل المناسبات، والتأطير الدائم الذي يغيب عند تقريبا كل الأحزاب الأخرى.

7- السياق العام الدولي والعربي بحيث أصبحت الأحزاب الإسلامية كأسبرين مهدأ للشعوب يلجأ إليه الحكام لامتصاص غضب المستضعفين الذين يمثلون الأغلبية مع ضمان الحقوق للطبقة العالية وعدم المساس بمصالحهم.

8- سوء التدبير لبعض قادة الأحزاب الذي تسبب تدميرها وعليهم ترك منصبهم بالاستقالة لإعطاء فرصة للآخرين .

لنأتي إلى إدارة التحالفات ومع تجديد الثقة في ابن كيران وكما يقال لا حاجة بنا إلى تعريفه فهو أشهر من أن يعرف فهو مرن ولينا وطيعا بين المؤسسة الملكية والمؤسسات الدولية ومقبولا شعبيا وكما قال نابليون بونابارت “القائد هو تاجر الأمل” ، فالجزم هنا في سيناريوهين أولهما عدم استطاعة تكوين تحالف، والدستور المغربي في فصله 47 لا يشير إلى أي بديل، ربما اللجوء إلى التحكيم ملكي مادام إعادة الانتخابات ستتطلب ميزانية ولوجيستك كبيرين ،وثانيهما وهي الفرضية الأكثر احتمال هو استمرار التحالف الحالي أو خروج حزب وتعويضه بأخر، وبطبيعة الممارسة السياسية فهو مطالب بإرضاء تحالفه وأكيد سيكون على حساب برنامجه ووعوده، وفي هذا الصدد فقد نصح “مكيافيللي “بـحـنـث الـعـهـود عـنـدمـا تـتـعـارض مـع مصالحهم الخاصة ،وأتعجب لبعض المحللين من أساتذة العلوم السياسية الذين عابوا على أن الحزب لا يجب أن يضع خط أحمر للتحالفات ،وفي رأيي المتواضع فهو ضربا لمبدأ المسائلة والمحاسبة وبالتالي فالعامة سوف تنظر إلى الانتخابات أنها مجرد تسلية مادام في الأخير حكومة تجمع المتناقضين من حيث البرامج والإيديولوجيات، والمتخاصمين في الساحة ، والاهتمام بأمر الأخلاق السياسية ولو نسبيا رغم أن البـعـض يسخر مـن إمـكـان أن تصبح السياسة ذات طابع أخلاقي .

أخيرا فإن الشعب صوت وبذلك تحققت نوعا ما الديمقراطية والذي عرفها جون ديوي “النظام الديمقراطي هو النظام الأمثل والأفضل الذي تحتمه طبيعة الإنسان لكي تنمو وتزدهر” ،لنترك إذا الحزب المنتصر ينسج تحالفه وفق برنامجه الانتخابي وتطلعات مناضليه ،. فالشعب إذا مطالب بطاعة الحكومة المنتخبة في كل الأحوال ويجب شكرهم إذا عدلوا والصبر على ظلمهم إن هم ظلموا .


*:طالب باحث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى