الرأي

التحكم يشكل حكومته

كما سبق وأعلنتها فأنا من شعب الملك الذي لا يصوت ، لكني “أتحسرف ” شيئا ما وأحشر أنفي في عالم السياسة ، أحاول فك الرموز والشيفرات ، وقد لا حظت أن قرابة مليونين من المغاربة اختاروا حزب المصباح لينير طريقهم خمس سنوات أخرى ، في حين فشلت أجهزة التحكم في إنجاح مولودها المدلل ، وفي أحسن أحوالها ضمنت تلك الأجهزة لحزب الأنابيب ذلك ، ضمنت له رتبة ثانية لعلها رتبة أكبر من حجمه ، الثابت أن الشعب قال كلمته من خلال صناديق الاقتراع ، وأقصد بالشعب هنا تلك السبعة ملايين تقريبا ممن توجه الى صناديق الاقتراع ، علما أن العدد الاجمالي من الشعب المؤهل للتصويت يبلغ حوالي 24 مليون مواطن ، ومع تحفظي على لغة الارقام فإن الشعب المصوت اختار العدالة والتنمية ، ولأن أجهزة التحكم تعاكس ارادة الشعب.

فقد حاولت قبل الانتخابات أن تدفع بطفلها الذي لم يبغ بعد سن الرشد السياسي ـ ولن يبلغه بسبب خلله الهرموني المزمن ـ الى صدارة المشهد ، وبعد ان فشلت تلك الاجهزة في مهمتها تلك ، وحافظ المصباح على توهجه ، عادت تلك الاجهزة الى حبك خيوط المكر ، عبر استغلال افتتاح الموسم الفلاحي لتبدر الأشواك والمسامير في طريق بنكيران وهو بصدد ترقيع حكومة ثانية ، وهكذا أصدرت أجهزة التحكم لصلاح الدين مزوار تعليماتها بأن ينزل من سفينة الأحرار ، ويخلي مقصورة القيادة للملياردير اخنوش ، في قرار لم يكن فيه الأحرار أحرارا، ثم أمرت أجهزة التحكم الحمامة الزرقاء أو ما تبقى من “زروقيتها ” الركوب على ظهر حصان الدستوري ، ليشكلا تحالفا يبدو منسجما فقط في مبايعته للتحكم ، وبذلك يضم الملياردير اخنوش مقاعد حزبه الى مقاعد الدستوري في عملية شبيهة بالابتلاع ، من شأنها أن تمنح رجل التجارة ورقة مساومة وضغط على بنكيران وهو يوزع “باليزات الوزارات ” ، ومعلوم ان اخنوش لا يحتاج الى حقيبة وزارية ولا الى منصب وزاري ، فثروة الرجل ـ واللهم لا حسد ـ تكفي بلدا بأكمله ، والرجل قد لا يجد الوقت حتى ليتفقد مشاريعه ، لكن حكم التحكم صدر ، ولا راد لحكم التحكم ، وقد هرول ساجيد بحصانه الأعرج للاحتماء تحت جناح الحمامة.

طمعا في نيل رضى التحكم ، ووضع ساجيد صفائح حصانه الاربعة في جيب اخنوش ، لعل هذا الاخير وبعبقريته التجارية قد يصنع لعود الدستور “صفيحات ديال الذهب”، بالمقابل لا زال السيد شباط ممانعا بين حلاوة الحقيبة الوزارية ، وبين الاستظلال بظل التحكم ، فظل التحكم اكبر من الوزارة بل ومن رئاسة الحكومة احيانا ، السيد حميد شباط لم يقو على اصلاح “بياسة ” حزب الميزان ، والحزب ينزف وشباط يهتف ، وقد يجد الحزب نفسه يوما في اروقة المتحف تتحدث به الالسن ، ورغم محاولات حكماء الاستقلال فإن شباط لم يستوعب الدرس على ما يبدو ، والرجل لا يثق في اللعبة الديمقراطية ، وهو يبحث له عن “الصح” ، و”الصح ” هو أن تلصق في عربة التحكم بحسب اعتقاده .

وأما حزب الوردة التي “ما طاحش عليها الندا يوم 7 اكتوبر” بل طاح عليها “البق” ، فإن أمينه العام السيد ادريس لشكر ، وفي قمة غضبته رفع مذكرة الى الملك يشكو له فيها شوائب الانتخابات ، وقد تعمد الرجل تجاهل الشوائب التي خلقها منذ مجيئه الى قيادة الحزب ، حيث طرد أهل القيم والمبادئ ، وأحاط به الكهنة والحرس الانتهازي ، وبات حزب بوعبيد بالكاد ينتزع فريقا برلمانيا ، وهو الذي يحتفظ له التاريخ الانتخابي بصولات وجولات و اكتساحات ، السيد لشكر لا يزال لم “يخرج من روندتو ” ، لكن واضح أنه “مرونض ليصان ” بحسب فهم “الكوارطية ” ، فهو يجعجع لكن بلا طحين ، وهو متردد بين اتخاذه موقفا بطوليا سياديا مستقلا كيفما كان توجهه ، أو الجري بسرعة البرق للارتماء في حضن التحكم ، فتجف الوردة وتذبل ، وفيما أبان بنعبد الله عن مواقف بطولية تعكس قوة وصلابة حزب المرحوم يعتة في مواقفه ، وهو يوجه مدفعيته الثقيلة صوب التحكم ويكشف عن المستور ، فإن باقي الامناء العامين لباقي الاحزاب ، ضربوا”الطم” ، فالنتائج لا تسعفهم ، والتصريحات غير مأذون لهم بها من طرف الاجهزة إياها ، وعموما فإن حكومة موازية تتشكل ، نتمنى أن تكون كل توقعاتنا هذه خاطئة ، وأكون مجرد مشخبط شخابيط في علم السياسة ، وهو علم حوله بعض الساسة المغاربة الى حلقة او رحبة او سوق السياسة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى