مجتمع

إضاءة “الأنوار الزرقاء” بمقر عمالة مقاطعة عين الشق للتحسيس والتوعية باضطراب طيف التوحد

بالدار البيضاء، وتحديدًا بمقر عمالة مقاطعة عين الشق، تلألأت الأضواء الزرقاء، مؤخرا، في مشهد رمزي يحمل الكثير من الدلالات، وذلك احتفالًا باليوم العالمي للتوحد، الذي يصادف الثاني من أبريل من كل عام. المبادرة، التي باتت تقليدًا سنويًا بهذه العمالة، تميزت بإضاءة “الأنوار الزرقاء”، واستقطبت عددًا كبيرًا من المشاركين، من أطفال وأسرهم، إضافة إلى فعاليات جمعوية ومدنية.

 

وشكلت التظاهرة، التي شاركت فيها جمعية “أمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة” إلى جانب جمعيات أخرى، لحظة مؤثرة جسدها الحضور بوشاحات زرقاء وبتحرير بالونات زرقاء وبيضاء في سماء مقر العمالة، في رسالة واضحة مفادها لفت الانتباه إلى قضية الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، والدعوة إلى ضرورة التشخيص المبكر وتوفير الرعاية الملائمة لهم لدمجهم في محيطهم الأسري والاجتماعي.

الحدث لم يكن فقط لحظة احتفالية، بل حمل أيضًا بُعدًا تحسيسيًا، حيث شدد المنظمون على أهمية هذه المبادرات في تغيير النظرة النمطية تجاه هذه الفئة من الأطفال، والعمل على تيسير ولوجهم إلى الخدمات الصحية والاجتماعية الضرورية.

وتجدر الإشارة إلى أن جمعية “أمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة”، التي تلعب دورًا محوريًا في مرافقة الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد، تجمعها شراكة متينة مع عمالة مقاطعة عين الشق، من خلال تمويل سنوي منتظم منذ سنة 2015، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد أثمرت هذه الشراكة بناء مركز اجتماعي لفائدة الأطفال التوحديين سنة 2016، تحول اليوم إلى نموذج يحتذى به على مستوى الجهة.

 

ويأتي دعم السلطات الإقليمية لمبادرة “الأنوار الزرقاء” كجزء من التزاماتها المستمرة لدعم قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعريف أكثر بواقع الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد، وتشجيع كل المبادرات التي من شأنها تعزيز إدماجهم الكامل في المجتمع.

وفي تصريح خاص لموقع ” كازاوي”، شددت تورية مبروك، رئيسة جمعية “أمل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية”، على الأهمية البالغة لليوم العالمي للتوحد، الذي اعتبرته محطة سنوية أساسية للتحسيس والتوعية باضطراب طيف التوحد، ولمناصرة حقوق الأطفال الذين يعانون منه.

وأوضحت أن مركز “أمل” بعين الشق، واحد من بين خمسة مراكز تابعة للجمعية على صعيد مدينة الدار البيضاء، ويستقبل نحو 120 طفلًا يعانون من اضطراب طيف التوحد والإعاقات المشابهة، مضيفة، أن هذا المركز يضطلع بدور رئيسي في تقديم خدمات متكاملة تشمل التشخيص، الدعم النفسي، والتأهيل، إلى جانب برامج تعليمية وتربوية هادفة.

وأكدت تورية مبروك أن التشخيص المبكر يُعد مفتاحًا أساسيًا لتقديم تدخل ناجح وفعّال، يمكّن هؤلاء الأطفال من الاندماج في المدارس العمومية، مشيرة إلى أن عددًا من المستفيدين من مراكز الجمعية تمكنوا فعلاً من الالتحاق بالمدرسة العمومية وحققوا نتائج مشرفة.

وأبرزت المتحدثة أن الخدمات التي يقدمها المركز تتنوع بين حصص الترويض الحركي والنطقي، الدعم النفسي، والأنشطة الفنية والثقافية كالرسم، المسرح، الموسيقى، والإعلاميات، معتبرة أن كل ذلك يُسهم في كسر عزلة الطفل الذي يعاني من طيف التوحد ويعزز اندماجه في محيطه الاجتماعي.

كما دعت تورية مبروك إلى ضرورة تصحيح الصورة النمطية التي يحملها المجتمع تجاه الطفل الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد، مؤكدة أن هذا الطفل لا يقل ذكاءً أو قدرات عن غيره، بل يحتاج فقط إلى مقاربة مختلفة ومرافقة دقيقة منذ الصغر.

وفي سياق متصل، عبّرت رئيسة الجمعية عن امتنانها العميق للسيد عامل مقاطعة عين الشق، وكافة المتدخلين في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة إلى مسؤولي التعاون الوطني وأطر قسم العمل الاجتماعي وشركاء آخرين، على دعمهم المستمر للجمعية ومساهمتهم الفعلية في تحسين جودة الخدمات المقدمة لهؤلاء الأطفال.

وأضافت أن من بين أولويات الجمعية العمل على تقليص الاضطرابات الحركية والنفسية، من خلال برامج علاجية تعتمد على مواكبة متخصصين في الصحة النفسية والترويض، إلى جانب تقييم قدرات الأطفال معرفيًا وحركيًا لتحديد أنسب السبل لمرافقتهم نحو التفتح والتفاعل مع العالم الخارجي.

وتزامنًا مع هذه المناسبة، أقدمت ولاية جهة الدار البيضاء-سطات على إنارة عدد من المعالم البارزة بالضوء الأزرق، من بينها مقر الولاية، النافورة، بنك المغرب، وعمالة مقاطعة عين الشق، في إشارة تضامنية رمزية، حيث شارك الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد وأسرهم في إطلاق بالونات زرقاء في سماء المدينة.

ويحتفل العالم باليوم العالمي للتوعية باضطراب طيف التوحد في 2 أبريل من كل عام، كفرصة لتكريم إسهامات الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، وتسليط الضوء على أهمية دعمهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى