حكومة أخنوش بين “حصيلة الكلام” و”حصلة الواقع”

0

▪︎محمد الشمسي

لا يترك موال من الموالين للحكومة مناسبة تمر دون أن يلقي بالمديح وكثير الكلام وارتطام الأرقام والإشادة بما يسميه “الحصيلة الحكومية” يتغنى بها حد الثمالة، وقد أخذ الحماس بعضهم للقول بأن ما حققته “حكومة أخنوش” من حصيلة في منتصف ولايتها يكفيها مجدا لكل الولاية.
لكن على النقيض من ذلك لا يجد المواطن “الغلبان” لتفاؤل “الحكوميين” سببا، فهذا المواطن لا يزال يخوض حربا تدافع كل صباح ومساء للظفر بمقعد في “الطوبيس” أو في “طرامواي” في المدن المحظوظة، ثم لا يزال ذلك المواطن محترقا بنيران أسعار ما بين غلاء حالي وغلاء قادم، وهو غلاء لم يشهده المغرب إلا في عهد هذه الحكومة، ولا زالت المستشفيات على سيرتها، ما بين عمومية متهالكة تقذف بالمرضى بمواعيد تتخطى الشهر والشهر ونصف، حتى يلقون ربهم، ومستعجلات مزدحمة بلا معدات تبعث على الشقة وتولد الاكتئات، وما بين مصحات خاصة تخير المريض بين صحته وإفراغ جيبه وأحيانا تأخذهما معا بلا نتيج وبلا رقابة، ثم إلى تعليم عقيم الإنتاج إلا من الإضرابات التي أزمت المتأزم، وأما التعليم “العالي” فبات مصنعا لتفريخ حاملي الشواهد بمصير مجهول، دون الغوص في تقييم المستوى، ثم بسكن يتبجح “قوم الحكومة” أنها دعمته، والحال أن مساهمة الحكومة مجرد قطرة في محيط، سرعان ما تتلقفها أسعار الفائدة التي تفرضها القروض البنكية، فتبلعها بلعا، ولقد كان حري بهذه الحكومة إصلاح سعر الفائدة الموجه لقروض السكن على دعمه بالقليل الذي فيه الكثير من “ريحة السياسة”، ثم جاءت بدعة “الدعم العمومي” ومعها بدعة” التأمين الصحي” حيث دخل المواطن في حرب مفتوحة مع المسمى “المؤشر” الذي تجعله الحكومة “طالع” لأتفه الأسباب وأحيانا بانعدامها، فيكفي تعبئة هاتف لإجراء مكالمة مع الأقارب، أو امتلاك سيارة كيفما كان “موضيلها” لتجعل الحكومة المواطن غنيا تحرمه من “دعمها” وتلزمه بأداء أقساط التأمين، وهكذا أرغمت الحكومة المواطن على الدخول معها في متاهة…
وتكبر المشاهد التي تجعل المواطن لا يعترف للحكومة الحالية بأي حصيلة، ولا يقتنع بأرقامها التي لا تنفعه في باب دكان أو أمام جزار أو خضار ، ولا تدفع عنه لهيب أسعار سوق، أو تكاليف مناسبة حتى باتت المناسبات من شهر صيام أو دخول مدرسي أو عيد ديني كابوسا.
جاز للحكومة أن “تتبورد” على مسامع المواطن بإنجازاتها الوهمية، وترمي بأعدادها وإحصائياتها، بعدما ضعفت المعارضة ووهنت، حال المعارضة يدمي القلب، إنها مثل عيال صغار “يلصقون” في شاحنة على مرأى سائقها، يتوددون صعودا، لكن يبقى الواقع أكبر معارض للحكومة، وأصدق الشهود، كاشف لكسلها مسجل لغيابها، شاهد على أنها نسخة طبق الأصل من سابقاتها، وهو ما يذيب كل رقم حكومي كتبه صاحبه بقلم سياسي يريد أن يصبغ الواقع على غير لونه وعلى غير صباغته…واقع يقول إن كل حصيلة حكومية لا تعود بنفع مباشر على الشعب تبقى مجرد لغو، وتتحول إلى أزمة و”حصلة”.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.