الرأيسياسة

‎تغيير الاحزاب أم تغيير المسؤول أم تغيير القوانين ؟

‎التغيير هو حلم يراود الكثير من نخب
‎ ومواطنين غيورين على مصلحة الوطن و لطالما أخفق هذا الحلم وتكسر على صخرة الفقر والحاجة و السلبية الشعبية التي صنعت وحافظت على الاستبداد السياسي ودعمت لوبي الفساد الإداري والمالي؛
‎فكان البعض يرى التغيير المؤثر ايجابيا في تغيير الاحزاب لأنها كلها بزعمهم مخزنية لا تعمل لمصلحة المواطن وهناك من يراه في تغيير الحزب بمعنى العضوية فيه فتراه ينتقل من حزب لاخر ولا يهمه في ذلك إن كان يمينياأو” يساريا او اسلاميا أو علمانيا او ليبيراليا بدعوى البحث عن الاصلح او من يساعده في التغيير هذا ان كانت الذريعة صحيحة وهذا ادهى وهناك من يراه في تغيير المسؤول لأنه لم يحدث التغيير المنشود في عهده ولم يحقق الاهداف التي كان ينتظرها وآخرون يطالبون بمزيد من القوانين الزجرية او تغييرها بالكامل حتى نصل الى التغيير الدي نحلم به جميعًا
‎فهل هذه الاطروحات كافية لتحقيق التغيير؟
‎ترى كيف سيحدث هذا التغيير ؟
‎العجيب في الامر أن العديد ممن يطالبون بالتغيير هم من يشاركون في الغش في جميع المجالات سواء كانت تجارة مثل التدليس أو دراسة مثل الغش في الامتحانات أو عمل حرفي من عدم الاتقان أوالغش في المكونات أو عمل سياسي فتصبح سبب الاثراء اللا مشروع والطرق متعددة
‎او العمل على التصدي لمشروع تنموي ما فقط كي لا يحسب لحزب معين أو مسؤول ما ولو كانت فيه مصلحة عظمى للمواطنين والوطن عموما
‎أو ممارسات داخل الحزب نفسه من كولسة وشراء الرتبة في اللوائح للترشيح للانتخابات ضربا بعرض الحائط كل المبادئ التي كانوا ينادون بها
‎وحتى في المعاملات الانسانية الغش في العواطف والمواقف والتعامل
‎وتجدهم ايضا هم من يدفعون الرشاوي للحصول هم او ابناؤهم على وظيفة أو أي امتياز أو دفع تهمة أو الخروج من ورطة قد تقضي على طموحهم او حتى إلقاء التهم على الخصوم السياسيين
‎هم لا يؤمنون بالكفاءات بل يفضلون الوساطات،
‎يقبلون بدراهم معدودة او قفة أو بقايا طعام المشاوي مقابل الصوت
او شهادة زور من اجل منصب والحديث طويل جدا ….. بمثل هذه السلوكيات
اصبح جليا ان التغيير المطلوب تغيير عقليات لدى جميع مكونات المجتمع
‎سواء كانوا نخبا سياسية حكومة وبرلمانا ومجالس منتخبة وجميع أعضاء هذه المؤسسات أو مجرد أعضاء داخل احزابهم
‎أن يغرسوا قيمة الحفاظ على المبادئ وثوابت الأمة و يكونوا هم النمودج الذي لا يبيع ضميره ومصلحة بلاده بأي مصلحة خاصة
‎ ويغرسوا في المواطنين على اختلاف مراحلهم العمرية العطاء والمساهمة في التغيير في ابسط الاختلالات ويخرجوهم من مستنقع السلبية والتيئيس ورذيلة بيع الضمير
أو مجتمعا مدنيا الذي يفترض ان يكون شريكا فاعلا في تحسين الخدمات والسياسات المحلية بمقترحات ومشاريع تساهم فعلا في الاصلاح والتنمية والتغيير وكذا المساهمة في تغيير عقليات المواطنين كما خول له ذلك دستور 2011 فمن اهم أدوار المجتمع المدني ترسيخ القيم والمبادئ المبنية على المواطنة وروح العطاء والبناء وتغليب المصلحة العامة وفي إعطاء الجميع الفرصة للتعبير والنشاط في كنف القانون والتربية على احترام الغير الا انه مع الاسف الكثير من الجمعيات تخلت عن هذه الادوار البناءة ليتم تسييسها ويصبح بذلك الدور الجمعوي محاطا بالريبة، وأيضا متهما بالانفصام، بمعنى أن ما تبنيه جمعية من حث على قيم الاخلاق والمواطنة وحرية التعبير والتعاون على البر وعلى الخير مع الغير والمساهمة في التنمية ببرامج قوية متميزة تهدمه جمعية أخرى متنكرة في شكل جمعية خيرية من خلال انتداب الشباب للزج به في مناطق البلطجة والتشويش على السائرين في نهج الإصلاح
ولا ننسى دور الاعلام في غرس الامل وروح التغيير وعدم تبخيس ماأنجزته أي هيئة ودعم المبادرات المتميزة وإيصال المعلومة الصحيحة للجميع وتنوير الرأي العام ومحاربة كل ما يفسد الديمقراطية والنزاهة
أما القوانين فلدينا ترسانة قانونية هائلة لامست جميع مناحي الحياة بدءا بالأسرة الى المعاملات والممارسات السياسية والادارية والتجارية والاخلاقية وكل ماله علاقة بالوطن والمواطنين المشكل ليس في القوانين المنظمة بل في من يتعامل معها ويطبقها على نفسه وغيره لا أن يطالب بتطبيقها وهو أول من يخالفها
بمعنى ان أردنا التغيير وجب تغيير العقليات أولا قبل أي شيء.
‎نحن في حاجة لمن يغرس الأملِ ويصنع الحلول التغيرية والسياسية بعيدا عن اشاعة نفس الفشل والإحباط والمظلومية،
وهذا ما أشار اليه جلالة الملك نصره الله وأيده في رسالة موجهة إلى المشاركين في أشغال المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية بقوله: (إن نجاح أي تصور تنموي يبقى رهينا بتغيير العقليات، باعتباره السبيل الوحيد، ليس فقط لمجرد مواكبة التطور الذي يشهده المغرب، في مختلف المجالات، بل بالأساس لترسيخ ثقافة جديدة للمبادرة والاعتماد على النفس وروح الابتكار).
لقد لامس جلالته اهم عنصر في الإصلاح هو : تغيير العقليات
تغيير عقليات المسؤولين منتخبين كانوا أو سلطات معينة للحفاظ على مكتسبات بلادنا في الديمقراطية و نشر المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية
تغيير عقليات مسيري ومناضلي الاحزاب لتصبح السياسة مرتقى وليس مستنقع
تغيير عقليات العاملين في الحقل الجمعوي ليكون لها الدور الريادي في التنمية المستدامة
تغيير عقليات العاملين في الحقل الدعوي الديني بفهم أعمق للدين والتدين و بوعي حقيقي للمقاصد الشرعية حتى نكون خير أمة
تغيير عقليات الموظفين في جميع القطاعات والإدارات ليصبح الجميع في خدمة الوطن والمواطنين
تغيير عقليات المواطنين شبابا وشيوخا نساءا ورجالا فيرتقي التعامل وتسمو الاخلاق وينتشر الوعي بكل أشكاله
وكونوا على يقين أنه اذا لم تتغير العقليات فلن نصل الى التغيير المطلوب
يقول الحق سبحانه : (( إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى