كرونولوجيا إقلاع الدارالبيضاء إلى مصاف العالمية قبل الغرق الأخير

فيما ستنفع هذه الخرجات التفقدية التي يقوم بها رئيس مجلس المدينة للمواقع التي نكبت ولمحطات تجميع المياه بعد هذه النكبة ؟
بعد الفيضانات التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء في سنة 2011 ، وبعد العديد أيضا من التعثرات شعرت الدولة بأن المدينة تئن تحت وطأة وضعية مزرية لن تواكب الطموحات الواعدة للسلطات العليا في البلاد ، سيظهر ذلك عندما سيفرد جلالة الملك في خطاب أمام نواب الأمة سنة 2013 جزءا كبيرا من هذا الخطاب لمدينة الدارالبيضاء ، وهو الحدث الذي اعتبر سابقة خاصة أن جلالة الملك تحدث عن معضلة التسيير في هذه المدينة ، مشخصا أوضاعها والنقائص التي تجتر في سفينة مشاكلها ، وقال الملك ،: ” فإضافة إلى ضعف نجاعة تدخلات بعض المصالح الإقليمية والجهوية لمختلف القطاعات الوزارية ، فإن من أهم الأسباب ، أسلوب التدبير المعتمد من قبل المجالس المنتخبة ، التي تعاقبت على تسييرها والصراعات العقيمة بين مكوناتها ، وكثرة مهام أعضائها وازدواج المسؤوليات رغم وجود بعض المنتخبين الذين يتمتعون بالكفاءة والإرادة الحسنة والغيرة على مدينتهم ، وبكلمة واحدة فالمشكل الذي تعاني منه العاصمة الاقتصادية يتعلق بالأساس بضعف الحكامة ” في ذات الخطاب سيركز الملك على معضلة التطهير بالعاصمة الاقتصادية ، وكأنه يتحدث عما تعيشه المدينة اليوم بعد مرور8 سنوات ، يقول الملك ” .. وخير مثال على ذلك ، مايعرفه مجال التطهير من خصاص كبير ، بحيث تظل المنحزات محدودة وأقل بكثير من حاجيات السكان .. ” بل سيذهب الخطاب الملكي إلى التناقضات الصارخة التي تهيم فيها المدينة ، عندما قال : ” فالدارالبيضاء هي مدينة التفاوتات الاجتماعية الصارخة ، وهي مدينة الأبراج العالية وأحياء الصفيح وهي مركز المال والأعمال والبؤس والبطالة ، فضلا عن النفايات والأوساخ التي تلوث بياضها وتشوه سمعتها ..” ، وتساءل خطاب الملك ” هل يعقل أن تظل فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي ” ، وخلص الملك بعد أن رسم طموح المدينة في أن تصبح عاصمة للمال والأعمال إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية حينما قال ” إن هذا الوضع المعقد يتطلب تشخيصا عاجلا ، يحدد أسباب الداء وسبل الدواء ، ذلك أن تقدم المدن لا يقاس فقط بعلو أبراجها وفساحة شوارعها ، وإنما يكمن بالأساس في توفير بنيتها التحتية ومرافقها العمومية وجودة نمط العيش ” ، ودعا الملك الأحزاب إلى ضرورة العمل على إفراز كفاءات ونخب جهوية جديدة مؤهلة لتدبير الشأن العام المحلي ، أمام ما تشهده العديد من المدن الكبرى والمتوسطة والمراكز القروية من اختلالات .
بعد هذا الخطاب سيتم المرور إلى الأجرأة العملية والفعلية الممهدة لجعل الدارالبيضاء عاصمة للمال والأعمال ، تضاهي باقي العواصم العالمية وتكون نقطة جذب للاستثمارات الدولية ، ويشع الدور الذي أريد لها في محيطها الإقليمي والدولي ، هكذا تم تعيين والي جديد على رأس المدينة له خبرة أكاديمية في مجال التدبير ، وكانت مهمته هو وضع تصور شامل للبرنامج الذي رسمته أعلى سلطة في البلاد والذي يهدف إلى السمو بالمدينة إلى مصاف المدن المهمة في العالم ، وبالفعل قام الوالي بلقاءات مع الحزاب السياسية والفاعلين الاقتصاديين والجمعيات النشيطة والمقاولات الكبرى والحرفيين والمهندسين المعماريين والمنتخبين وكل الفاعلين والأطراف المتدخلة ، عصارة هذه اللقاءات والاجتماعات والمجهودات طيلة أكثر من سنة ونصف ، ستسهم في وضع البرنامج التنموي 2015/2020 ، الذي سطرت فيه مشاريع وبرامج كبرى ، وهو البرنامج الذي وقع أمام الملك في سنة 2014 ، وتضمن مشاريع مشرقة ، منها تشييد مسرح كبير وبناء محطات لتجميع مياه الأمطار والصرف الصحي لمواجهة الفيضانات وتأهيل الحدائق المنهوكة حديقة الجامعة العربية وحديقة الحيوان عين السبع وتحديث النقل الحضري ، وتشييد قناطر وإعادة تأهيل الأحياء التي تعاني الهشاشة والتهميش كالمكانسة والهراويين وغيرها ، والأهم هو أن الدولة سترصد لكل هذا 3300 مليار سنتيم وهو اعتماد مالي ضخم، بل إن الدولة لم تتوقف هاهنا بل اضطرت إلى التدخل لضمان قرض مالي من البنك الدولي بقيمة 200 مليار سنتيم لفائدة جماعة الدارالبيضاء ، لتسهم في تنفيذ البرنامج وهو ثاني قرض تمنحه هذه المؤسسة المالية لفائدة جماعة ترابية ، وتم إحداث عدة آليات لتنفيذ ما تم تسطيره وتبقى أهم آلية هي شركات التنمية المحلية ، وجعلت الدولة الجماعة الترابية عصب البرنامج من خلال إسهامها بنسبة 10 في المئة في كل هذه البرامج ، وستكون هي الرابح ماليا لن هذه المشاريع توجد في ترابها وكل العائدات الرسومية أو التجارية ستكون هي الرابح الأول منها ، يمكن اليوم القول أن جل هذه المشاريع قد انجزت لكن ماحدث مؤخرا بين بالملموس أن البنية التحتية لا يمكن الوثوق فيها والطمأنة إليها ، ما يتطلب إجراء تقييم كامل لآليات التنفيذ هل نجحت في المهمة الموكولة لها ، ويجب أيضا إعادة تقييم آليات المراقبة والتتبع هل كانت في المستوى أم لا ؟
نحن اليوم في 2021 أي تعدينا الموعد المحدد لبنامج تنمية الدارالبيضاء هل قام كل المتدخلين كالجماعة والولاية بقراءة شاملة وشافية لما تم تسطيره ؟ هنا وجب التدبر وهنا وجب التوضيح