الرأي

قتل الخراصون …!!!

أهتم كثير من هواة الشأن الرياضي بالمبارة الكروية الأوربية بين فريقي نادي البارصا الإسباني ، ونادي بايير ميونيخ ، التي انتهت بثمان أهداف في مرمى البارصا لصالح النادي الألماني ، وقد تعود أهَّلَ الدراية والإدمان الرياضي التعقيب بالمناصرة والدفاع أو الهجوم والقدح ، في المجالس وعلى المواقع ، مع استغراب قوي لمحبي الفريق المنهزم بشغف وشغب للتسويغ والتبرير ، ذاك ديدنهم وشَأنهم ، وتلك هوايتهم …!!!
لكن الخجل وما يُدمي القلب ، أن يكون الإبتهاج بالنشر والمشاركة من طرف بعض المنتخبين السياسيين ، بالفرح أو السخط والشماتة لفريق كروي أجنبي ، لهو شرود في الملعب السياسي ، وسلوك ذميم ، وفعل قبيح يسقط صاحبه في اجثتات أولوياته ، و إغفال مبادئه ، حيث ان المنتخب يهتم بأولويات الوطن وقضايا الأمة ، وهو حريص بالمتابعة ، وساهر بالمواكبة ، يفرق بين الجد والهزل ، والرصانة واللهو ، والكياسة واللغو ، بميزان التريث وفقه الأولويات والموازنات.
ونحن في تداعيات أزمة خانقة بكل المستويات ؛ جراء جائحة كورونا ، ومآلاتها التي قد تقضي على الأخضر واليابس ، ومؤشر ارتفاع المهول في عدد وفياتها – فقط في يوم المبارة إلى 28 وفاة مواطن رحمهم الله – ، وقد سبقها خطاب ملكي ؛ يقذف الأمل ، ويصدع بمشاريع تنموية وقرارات صائبة ، والأولى بدراسته ومناقشته والتعليق عليه .
إن هذا الفعل ظاهره بسيط وعادي ، وباطنه خلل في المفهوم القيمي للمبادئ سواء الدعوي أو السياسي ، لأنه تغليب ترويج الباطل على الحق ، وانتهاك للثوابت عروة عروة ، وانحراف على سبل الإستقامة ، ينشرون التافه بالإغراء والإطراء ويصدون على القيم الشامخة بالإلهاء والإنطواء .
إنها أيام حداد على فواجع الأمة ، وعزاء على نكباته وقضاياها الساخنة ، بدءً من الإنفجار المهول والمفاجئ في عاصمة لبنان ، والتي تُتَهم فيه أيادي صهيونية للإلهاء على اتفاقية الشؤم والعار بين دويلتين صغيرتين عمرهما تتفاوت بين نصف قرن ، والعهدة على صفقة القرن وعُرَّابَيها. ورَزيئَة وفاة القيادي البارز ؛ رمز الصمود في سجون الإنقلابي السيسي ؛ الدكتور عصام العريان رحمه الله وشهداء الثورة المصرية ، وما ذكرى مجزرة ميدان رابعة ببعيد ، وما تحمله من يقظة لمخططات مُنحطة للانقلابيين على المشهد السياسي العام .
قُتِل الخرَّاصون الراقصون على نغمات جروح الأوطان ، المتساهلون مع المصفقين ، والمتنازلون للمطبلين والمهرولين ، على قضايا امتنا ، وما ابخس المواقف الرخيصة التي تحبط الأعمال وتقتل الأفعال ، وهو انزلاق خطير لبلورة سياسيين فارغي الوِفاض ، متكئِي على الوساد ، وهي طعنة خذلان ، وغدر خزي وهوان ، إنه الخنوع والإستلاب ، إنها الذات المكابرة على المؤسسات ، بالإنشغال بالملهيات ، وإهمال كبريات النوائب ، وإغفال نكبات الفواجع ، ومحن المصائب
اين الجيل المنشود الذي يحمل مشعل النهضة والثبات على الثغور ؟ ام هو إدبار على الزحف والتولي يوم الفوز وإقراع الطبول ! إنها التربية على التزكية ام الهلع على الترقية !
إنه زمن الفخر والغرور بالإتكائية والاتكالية ، وشبهة الارتقاء بلا انتماء …!!!
والأحق ان يكون المنتخب نبراسا وقدوة ، يهتدى به العوام في مصداقيته وثباته على مواقفه ، والغيرة على مبادئه ، بتحليل الأوضاع ، ومشاطرته الأحزان ومساندته للأوطان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى