عنصرية في زمن كورونا : من يقدم المرأة قربانا للجائحة؟

•محمد الشمسي
في الوقت الذي يقف فيه العالم كله بأمريكاه وأورباه وبصينه ويابانه وكوريتيه، تحت رحمة جرثومة أصابت خمسة ملايين شخص وتقول هل من مزيد؟، وفي الوقت الذي يدخل الحجر الصحي في بلادنا “العشر الأواخر” من أيامه في انتظار قرار حكومي سيلزمنا بيوتنا مدة إضافية ــ لا شك في ذلك ــ مع إطلالتنا على السبعة آلاف إصابة، وفي الوقت الذي شُلّت فيه حركة المطارات والشركات، وأغلقت المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات، تمخضت عبقرية بعض البكائين لتلد عنصرية مقيتة، فلم يثر انتباههم ولم يشغلهم أو “يِشْطنْهم” في ظل هذه الجائحة العالمية سوى ما سموه هم ب”العنف الممارس على المرأة في الحجر الصحي”، وأعلنوا النفير العام ليس لمحاربة الفيروس ولا لمساعدة الارامل او المطلقات ممن لا حول لهن، بل لشن المعركة الخطأ في الوقت الخطأ.
دعونا نتساؤل مع هؤلاء: من هذا الذي سيُعرِّض نصف المجتمع للعنف؟، وما هي أسباب هذا العنف المزعوم؟، وهل هم واثقون أن هذا العنف في هذا الحجر الصحي لن يطال إلا المرأة أي أنه سيستثني الطفل، أولن يطال الرجل؟، لماذا لا يكون العنف منبوذا ويشكل جريمة بغض النظر عن جنس أو عمر ضحيته؟، أليس في الدفاع عن المرأة فقط دون باقي أعضاء الأسرة عنصرية؟.
المرأة في زمن الجائحة تريد منكم يا سادة إعلان حرب حقيقية لدعمها ماليا مع أسرتها، حتى تتدبر قوت يومها في حجر صحي “كل واحد سد عليه بابو”، بعدما طردها مشغلها من العمل بسبب الجائحة أو لعطالتها، والمرأة في حجرها الصحي تعيش في بحبوحة في مساحة قفص عصفور فلا تجد رفقة صغارها حتى “فين يسرحو رجليهم”، المرأة في الحجر الصحي لم تتوصل بالدعم المالي من الدولة على هزالته، وحتى تلك التي توصلت ب 700 درهم أو 1000 درهم تسألكم كيف تصرف المبلغ في ثلاثين يوما؟، المرأة تعاني عنفا اقتصاديا واجتماعيا تمارسه عليها الحكومة التي حكمت عليها بامتهان أحقر المهن بأضعف عائد؟، المرأة تعاني من عنف نفسي يمارسه عليها الإعلام وهو يستغل جسدها واعتبارها لبيع سلعة أو الترويج لبضائع، المرأة تعاني عنفا عندما قدمت مفاتنها وكرامتها و أرغمت على التعري في الأفلام السينمائية عربونا لضمان دور لأجل لقمة عيش، المرأة تعاني عنفا سياسيا حين منعت من طرف دعاة حقوق المرأة أنفسهم من رئاسة حزب أو نقابة، ولولا نظام الكوطا لما دخلت المرأة البرلمان، لماذا لم تحرروا بشأن كل هذا العنف الوحشي الشكايات والطلبات، وتفتحوا الخطوط وتسيروا في المسيرات ؟، أم أنكم “كومندو” متخصص فقط في العنف الذي يمارسه الزوج ضد زوجته؟، اتركوا الأزواج فيما بينهم يتخاصمون ويتصالحون وتلك سنة الله في خلقه، فحتى الأمعاء في البطن الواحدة تتدافع فيما بينها، وأعطاب بعض العلاقات الزوجية هي قديمة والحجر الصحي بريء منها، نقول هذا ونحن نشجب و نندد بكل صور العنف الذي يمكن أن يسلطه زوج أو رجل أو حكومة أو ثقافة سائدة ضد كل سيدة من سيدات العالم ، مؤكدين أن هناك قانونا يعاقب العنف ضد النساء، وتطبيقه واجب ولا يتوقف على خوض الخائضين، لكن الحقوق كالجسم الواحد لا يُبتر منه عضو إلا وبات مشوها، فكفى من تقديم المرأة قربانا للوحش كورونا، فقد ولى زمن القرابين، وأما المرأة فنقول لها أن مسيرة نضالك لا تزال طويلة، وأنه ما حك لك شفرك غير ظفرك، ولا تغرنك الحملات أو المواسم، فهناك من يحمل ملف المرأة للبحث بين صفحاته عن ” المرقة”.