صقور “حزب كورونا” في قبضة الأمن

عندما تستنفر الدولة كل إمكانياتها للتصدي لوباء كورونا، فتفرض حالة طوارئ صحية، ويخرج الجيش من ثكناته ليجوب الشوارع رفقة قوات الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة ورجال السلطة قصد التطبيق السليم للقرار من اجل التخفيف من هول الجائحة، وعندما تقصفنا وسائل الإعلام كل ثانية ودقيقة بأنباء مفجعة عن هلاك المآت بالفيروس المدمر من هذه الدولة وتلك، وعندما يكون هناك الداء وينعدم الدواء ولو في الصين وأميركا وكل أوربا، وعندما يكون العلاج هو دخول الناس مساكنهم، ومنع تجمعاتهم واحتكاكهم ببعضهم، لدرجة أغلقت معها المساجد ، فهل مع كل هذا الهول يمكننا أن نتحدث عن قرار شرذمة من المغفلين البلهاء الطائشين تنظيم مسيرة جماعية في الشارع العام بمختلف المدن لأجل إطلاق تكبيرهم وتسبيحهم وتوحيدهم لله؟.
إن ما وقع في شوارع تطوان وطنجة وسلا وغيرها يؤكد أن فأس الجهل ضربت لنا في الرأس، فالتكبير والتسبيح والتوحيد إنما هي أدعية مرفوعة لله تعالى، وهي غير مشروطة بقولها في فضاء عمومي وخرقا لقرار الطوارئ الصحي وتعريض أصحابها ومن يحيطون بهم وكل ساكنة المدينة ومعها الشعب لخطر داهم، فإذا كان الله تعالى وعد بالاستجابة للدعاء، فهو لم يشترط أن يكون الدعاء في شكل تجمهر أو تجمع في ثوب مغامرة ، فليس الله تعالى من يمكن الضغط عليه للاستجابة لأدعيتنا، ثم إن الاستجابة للدعاء في الحكمة الإلهية غير مرتبطة بأن يتحسسها الداعي في حينها مثلما يقع في الشبابيك البنكية الأوتوماتيكية عند إدخال البطاقة البنكية.
لكن من دفع الناس إلى الخروج الجماعي في زمن فرض الطوارئ الصحية؟.
تشير أصابع الاتهام إلى بعض من المشعوذين من تجار الدين ممن بارت تجارتهم بعد ملازمة الناس لبيوتهم، هؤلاء الدجالون استغلوا سذاجة الناس وحسن قصدهم بربهم، واعتقادهم أنه مادامت “مسيرتهم الدعائية” قد دعا إليها هؤلاء الكهنة وسيشاركون الناس فقد يأتي على أيديهم الفرج، فانقادوا خلف أولئك السحرة وكان ما كان ووقع خرق خطير ومجازفة بالأرواح وهي مجازفة لم تظهر نتائجها بعد، لأن الوباء لا تظهر علامته وأعراضه في حينه.
في خضم هذه المحنة باتت السلطات تعيش محنة إضافية مع هؤلاء القوم الذين يوهمون الناس أنهم يملكون وعدا من الله تعالى، بتسيير “أهل الدعاء” جماعات فتكون الاستجابة ويرفع البأس ، ومثل هذا الفكر المتخلف هو الذي يجعل كورونا يتفشى ويشيع لأن الفيروسات تتكاثر وتتناسل في مستنقعات الجهل، فالله تعالى غالب على أمره، وهو يدبر الكون بإرادته التي قد لا تلائم إرادة خلقه دائما، والدعاء بلا سابق سبب هو تواكل منبوذ في الإسلام، لذلك أطلقتُ على الذين غرروا بالناس الطيبين ليلتها لقب صقور “حزب كورونا” لأنهم جناة قادوا الناس نحو أنياب كورونا مستسلمين عزلا، وخدعوهم وضللوهم ب” ليلة الدعاء”، مستغلين مناسبة احتفال المغاربة بذكرى الإسراء والمعراج التي تصادف 26 رجب من كل سنة ( صادفت ليلة السبت الأحد).