هذا ماكتبه صحفي مصري عن الدار البيضاء

0

نشرت صحيفة “المصري اليوم” مقالا للكاتب الصحفي أسامة غريب
ننشره كاملا تعميما للفائدة

“فى مدينة الدار البيضاء أشرت لطاكسى صغير فتوقف.. كان قديماً متهالكاً.. فتحت الباب ودخلت ثم أغلقت الباب، ويبدو أن السائق لم تعجبه صفقة الباب ورآها أعنف من اللازم فظل ربع ساعة يؤنبنى وأنا أعتذر له فيزيد فى تأنيبه.. ورغم أننى لم أكن أفهم معظم ما يقول إلا أن لهجة الغضب كانت بادية فاضطررت أن أبادله غضباً بغضب وأسمعته كلاماً قاسياً.. وهنا ابتسم وقال لى: الله يرحم والديك!.
فى الحى القديم المجاور للميناء بحاراته وتعريجاته الضيقة رأيت الحوانيت والبازارات التى تبيع المنتجات اليدوية والتحف والعطور والسجاد.. لا أميل إلى الشراء حيث إن هذا كله موجود بالقاهرة لكنى أحب أن أراقب الفيلم الذى يدور بين البائع والمشترى ومحاولات كل منهما للفوز على الآخر!. الطعام فى الدار البيضاء شهى وطيب بصورة لا توصف.. الكسكس المغربى المطهو بطرق عديدة وشوربة الحريرة وفطيرة البسطيلة ذات الرائحة الأخاذة والطاجن الساحر الذى تصنع فيه أجمل الأكلات والزيتون الذى يستخدم فى كل طبخة وسندوتشات المرقاز الحريفة.. هذا بلدٌ الأكل فيه يمنح السعادة.
المطاعم درجات وأغلاها ليس بالضرورة هو الأفضل، لكن الأفضل من وجهة نظرى هو ما يقدم الطعام للمغاربة وليس للسياح!. أما عن ترام المدينة فحدث ولا حرج.. خط ترام سريع ونظيف معزول المسار يبدأ من ضاحية «سيدى مؤمن» وينتهى عند «عين دياب» على الكورنيش. سكنت فى فندق بحى بلفدير يجاور محطة الترام واسمها «محطة المسافرين» وذلك نسبة لمحطة القطار المسماة بذات الاسم والمتاخمة للترام. وقد علمنى السفر أن أختار الفندق الذى يجاور محطة القطار فى كل مدينة حتى يكون الانتقال من مدينة إلى مدينة سهلاً.
ركبت الترام عدة مرات فى كلا الاتجاهين وشاهدت وسط المدينة ثم الأحياء الغربية الراقية التى ينتهى عندها الترام بجوار تلة «أنفا» التى يسكنها الأغنياء.. كما شاهدت الأحياء الشرقية التى حرص الدليل على أن يخفيها عنى ومنها حى الرجاء الذى ينتسب إليه نادى الرجاء البيضاوى وصولاً إلى منطقة سيدى مؤمن التى كانت فى السابق عبارة عن عشش صفيح تأوى آلاف الأسر وتحول جزء كبير منها إلى مساكن شعبية حسنة المنظر. أحسست أن الدليل موسوس أكثر من اللازم حيث إن ما رأيته بهذا الحى لا يدعو لأى خجل، فلدينا بقاهرة المعز أحياء عشوائية لا تصلح لسكنى البشر.. ومن فرط التعود أصبحنا لا نخجل منها!. فى كل خطوة بمدينة الدار البيضاء كان يداخلنى شعور أنها توأم للقاهرة.. نفس العراقة والأصالة وعبق التاريخ.. نفس الأماكن الباذخة المخصصة لسكنى واستمتاع الأغنياء.. نفس وسط المدينة الذى تغشاه وتتسوق منه الطبقة الوسطى.. نفس الأحياء الفقيرة التى تشى بأن السكان يستحقون مسؤولين أفضل مما رزؤوا بهم.. نفس الرائحة الدالة على قيام البعض بقضاء الحاجة فى الشوارع نتيجة غياب الرحمة عن الأفندية فى المكاتب”

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.