عاجل ….في رسالة إلى قيادات هيئات المحامين بالمغرب: قفزتم من سفينة المحامين و تركتموهم يغرقون في بحر الضريبة

حصلت ” كازاوي ” على رسالة لم يتسن لها التأكد من صحة مصدرها ، ولأهمية ما جاء فيها ننشرها :
تتشرف الإطارات الوطنية لمهنة المحاماة بالمغرب الموقعة أسفله أن تراسلكم بواسطة رسالة مفتوحة ، اقتناعا منها بأن الشأن المهني شأن عام بالنسبة لعموم المحامين وإيمانا منها بالنهج الذي سبق وأن كرستموه عبر المساهمة في خلق واحترام كل التعبيرات المهنية( الهيئة الوطنية للعدالة نموذجا ) هذا النهج الذي قوامه احترام كل الفعاليات والتعبيرات والمنظمات المهنية الوطنية القديمة منها أو المستحدثة حتى وإن كان التوجه السائد إلى عهد قريب يفرض نوعا من الصرامة التنظيمية.
وإننا إذ نشير لهذا إنما غايتنا التوضيح لمن يقول “بأن مناقشة الشأن المهني هو حكر على الجهات الرسمية والمؤسسات المهنية التي أوكل لها القانون المنظم للمهنة الصفة الرسمية لتمثيل المهنة والترافع عنها ..وتجاوزا سٌمح لجمعيتنا التاريخية جمعية هيئات المحامين بالمغرب بالتنسيق بين هيئات المحامين وتوحيد الرؤى والحديث باسم مجموع المحامين بالمغرب” دون أن يعرف ذلك التوجه اعتراضا ذا بال، بل كان الناس يرون في الجمعية ومؤتمراتها ذلك التعبير الرصين والصوت الحر المعبر لا عن طموح مهني فحسب بل عن طموح مجتمع بكامله يتلمس طريقه نحو الديموقراطية والحرية والكرامة.
وحيث سار النقباء ومجالس الهيئات وجمعية هيئات المحامين بالمغرب والجمعيات والاتحادات الشباببة على هذا المنوال ردحا من الزمن يشتغلون في تناغم وتكامل، همهم خدمة المهنة وصون حريتها واستقلاليتها حتى تؤدي دورها المطلوب داخل المجتمع فإن هذا الأمر سيعرف تحولا في ظل ازدياد عدد المحامين وغياب سياسة مهنية موحدة إذ بقيت الهيئات مستقلة بعضها عن بعض تخضع في الغالب لرؤية واعتبارات محلية يلعب فيها الهاجس الانتخابي دورا يزيد وينقص بحسب المراحل والأشخاص ومتطلبات كل مرحلة مما بدأ معه جسم المحاماة يفرز تعبيرات وتنظيمات مهنية متعددة.. وإننا إذ نطرح هذا المعطى أمامكم ونسهب في بسطه فلتنبيه على أن خارطة المهنة وتركيبتها قد تغيرت إن لم يكن ذلك قانونا فالمؤكد أنها تغيرت واقعا مما يستوجب إعداد العدة الفكرية والتنظيمية والتشريعية للتعامل مع هذا الوضع..
ولعل النموذج الأمثل لتبيان ماينبغي عمله وللخسائر التي يمكن أن تلحق المهنة من جراء هذا الوضع ما وقع في ملف الضرائب ورغبة الإدارة الضريبية في شن حملة على المهن الحرة ومن بينها مهنة المحاماة، إن هذا الملف الذي أغفلت المؤسسات المهنية للمحامين الاعتناء به العناية الكافية واللازمة بقي سيفا احتياطيا مسلطا على رقاب الزميلات والزملاء وطالما استخدم لأغراض أخرى لا علاقة لها بالمحاسبة الجبائية.
إن جمعية هيآت المحامين بالمغرب التي تعاقب على إدارة شؤونها رواد كبار ونقباء أجلاء كانت توصي دائما بإقرار ضرائب عادلة ومنصفة على المحامين والمتقاضين على سواء،وأبرمت اتفاقيات جبائية متفاوض بشأنها ولم تتجرأ أية جهة على المساس بحرمة المحامين وسمو رسالتهم وظل الأمر على هذا الحال إلى أن فوجئ الزميلات والزملاء بموقف الجمعية الأخير الذي سجلنا فيه عدم التعاطى مع هذا الملف بما ينبغي له من العناية والجدية والعمومية والتجريد والشفافية.
ذلك أنها واجهت ملفا حارقا ودقيقا بنوع من السطحية المفرطة ، بينما كان في الضفة الأخرى جهة مسلحة بالخبرة الفنية والعلمية والمعطيات الدقيقة خططت ودبرت وقررت ثم جاءت إلى مهنة المحاماة تسعى ..ثم إن ما رشح للمحامين من هذا الحوار المفترى عليه مع إدارة الضرائب سبب الارتباك والاضطراب في الحياة المهنية لعموم المحامين وخلق توجسات لا حصر لها، إن العرض المقدم للمهنة لم يراعي نهائيا خصوصية المحاماة ولا الصعوبات المادية التي تعرفها حقيقة لا افتراءا الأغلبية الساحقة من المحامين.
إن وضعا استفحل لسنوات لا يمكن أن يعالج في أيام معدودات هذا هو الخطأ المنهجي الأول ثم إن المحامين يرفضون التعامل معهم بأسلوب الحَملات و”الحَرْكات” ،هذا حتى ولو قيل لنا عن غير وعي ممن يٌستأجرون لهذا الغرض بأننا نروم امتيازا عن باقي المواطنين أو حتى لو بدى ذلك حقيقيا لبعض من يتحدث بحسن نية عن ظاهر ما يسمع في وسائل الإعلام
لا ثم لا، إن المحامين يدركون قبل غيرهم بأن آداء الضريبة هو أرقى تعبير عن قيم المواطنة الحقة وهم في كل هذا لا يدْعون إلى عصيان ضريبي بل إلى المزيد من حث بعضهم البعض على آداء الأعباء العامة حسب استطاعتهم كما نص على ذلك دستور المملكة، ووفق مقاربة تراعي خصوصية المهنة وتضمن العدالة الجبائية .
إن إدارة الضرائب عليها أن تعامل الناس كمواطنين لا كزبائن مدينين مديونية العهود الرومانية القديمة.
إن المحامين باعتبارهم مكون أساسي وطليعي من مكونات نخب المجتمع الحية لن يقبلوا بأسلوب الاستصغار والمس بالكرامة الذي تريد الإدارة فرضه بشكل تعسفي وهم في ذلك يؤكدون أن السير بعيدا في هذا الملف لن يثنيهم عن السير لما هو أبعد من ذلك دفاعا لا عن أنفسهم فحسب بل عن كافة المقهورين الذين يئنون تحت رحى أساليب التعامل البالية.
إن الإطارات الوطنية المهنية لمهنة المحاماة بالمغرب الموقعة أسفله إذ تدرك الإكراهات التي واجهتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب في تعاطيها مع هذا الملف فإنها قد لاحظت نقصا حادا في التواصل مع عموم المحامين ولاحظت بروز بعض النزعات الفردية ومحاولة فرض منهج” أنا وبعدي الطوفان” وهذا مكمن الخطر، وإننا إذ نسجل أن هذه الحالات ظلت معزولة فإن إثارتها هو من أجل تصحيح الوضع وإرجاع الأمر إلى نصابه ، حتى تتسنى لنا التعبئة التامة والكاملة لا للعصيان الضريبي بل للاستمرار في الآداء طبقا لمقتضيات الدستور وللقوانين ذات الصلة ، وتصحيح ما يمكن تصحيحه بمنهجية يسودها احترام قيم المواطنة وخصوصية المهنة.
كل هذا وفي الوقت الذي كنا ننتظر موقفا واضحا يتم فيه الإقرار من طرف الجمعية بأنها قد زلت وأخطأت حين قاربت الموضوع بشكل أفقي ودون الرجوع إلى المحامي باعتباره المعني الأول والأخير بمقترحات الإدارة الجبائية وفي الوقت الذي عبرفيه عموم المحامين عن غضبهم وتذمرهم من هذه الاقتراحات وتجندت الإطارات الوطنية المهنية التي اشتغلت دائما إلى جانب مكتب الجمعية في جو من الانفتاح والالتزام المهني والحرص على وحدة الصف والكلمة وفي الوقت الذي عبرأغلب السادة النقباء وأعضاء مجالس الهيئات عن مواقف وصَمَت معالجة الموضوع بالتسرع وعدم الشفافية وتم الرفض الواضح لمقترح الإدارة المعنية طالعنا بيان مكتب الجمعية ليوم الخميس27دجنبر2018 وهو بيان يغلب عليه التناقض والارتباك ولا يعكس هذه الروح الإيجابية التي تعرفها الساحة المهنية.
إنه لمن دواعي الأسف البالغ أن ننقل لكم حجم الإحباط الذي أصاب عموم المحامين وهم يرون بأم أعينهم كيف أصبحت مواقف جمعيتنا مهزوزة ومرتبكة وبعيدة عن الرأي العام المهني الذي اتخذ عدة أشكال للتعبير عن نفسه،إننا نقول لكم سيادة الرئيس بصوت واحد لقد قفزتم ومن معكم من السفينة في الوقت الذي كنا ننتظر من الربان ومن معه أن يكون آخر من يبقى حريصا على من هم يركبون معه ونعتذر لكم إن نحن وظفنا قاموس الركوب الذي ورد أكثر من مرة في بيانكم.
وإننا إذ نرجو أن تكون هذه اللحظة التاريخية لحظة مكاشفة ومصارحة ولفت انتباه لما آلت إليه أوضاع مهنتنا فإننا نبشركم بأن جذوة النضال المهني الهادئ والرصين قد اتقدت في قلوب كل الزميلات والزملاء عبر ربوع الوطن خاصة الشابات والشباب منهم محفوفين بنقباء وقيادمة للمهنة سنترك للتاريخ وحده أن يصدر حكمه على صدق نيتهم وصفاء طويتهم، والزمن كشاف.