“شغب ” فوزي لقجع : غلطة الشاطر بالألف.

محمد الشمسي
لم يتمالك رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفسه حين هب هبة لا تليق بمكانته ولا بمنصبه وتسيء للبلد الذي يرأس اتحاد كرة قدمه ، وهرول الرجل مثل أي مشاغب متطرف في اتجاه حكم المباراة التي جمعت بين المغرب والكاميرون بعد خشونة من لاعب كاميروني في حق بلهندة ، ويعلم الله نوعية وصنف التهديد و الاحتجاج الذي وجهه فوزي لقجع لحكم المباراة ، وما إذا كان لقجع قد وظف منصبه في الاتحاد الافريقي ليشفي غليله في حكم لطالما قال لقجع نفسه عن عمله أنه بشر يصيب ويخطئ .
ولم يكتف “فوزي باشا” بتصريف غضبة شاردة في وجه الحكم ، بل رافق الطاقم الطبي وهو يحمل اللاعب يونس الى خارج الملعب ، وكأنه طبيب جراح في العظام والمفاصل والطب الرياضي .
بماذا نصف سلوك معالي رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ؟ ، و هو الرجل الثاني في الكاف ؟ ، إذا كانت حركته الطائشة تلك توصف ب”الغيرة” على الكرة الوطنية ، فكان حري بنا نحن الجمهور الذي تابع المباراة أن ننزل كذلك للتعبير عن حبنا وغيرتنا على أسود أطلسنا ، ألسنا نحن كذلك مغاربة ونحب المنتخب المغربي ؟ ، وكان علينا ان نخطف الحكم ونحتجزه و….و… مادامت الغيرة اختلطت على رئيس جامعتنا مع اعمال الشغب واقتحام الملعب أمام عيون كل العالم .
وأود أن أهمس في أذن السيد فوزي بعد أن يهدأ روعه طبعا ، ان مباراة الرجاء البيضاوي ضد حسنية اكادير عرفت أعمال شغب بين جمهوري الفريقين ، تجلت في اقتحام بعض الجماهير لأرضية الملعب ، تماما كما فعل سيادته المبجل ، وحتما سيتم رفع تقرير الى الجامعة الوصية على القطاع ، بمعنى رفع التقرير الى السيد الرئيس فوزي لقجع نفسه ، وسيكون على رئيسنا معاقبة هؤلاء الذين سولت لهم أنفسهم اقتحام الملعب ، وسيكون على السيد فوزي الذي اقتحم ملعب محمد الخامس ليلة الجمعة ان يحاكم من اقتحم ملعب اكادير يوم السبت ، ويالها من مفارقة ؟ ، مشاغب سيحاكم مشاغبين .
نعرة السيد لقجع في تقمص دور ” الفتوة ” ليلة تلك الجمعة ليست جديدة ، فقد سبق له وأن ” حيح” في مونديال روسيا بعد ظلم الحكم للمنتخب المغربي ، لكن على حد علمي وطبعا لن يكون علمي في عالم الكرة وقوانينها أوسع من علم لقجع نفسه ، أن الاحتجاج على التحكيم له مسطرته الخاصة به ، وليس من ضمنها بالمطلق ، اقتحام الملعب ثم الهجوم على الحكم ، لأنه وبحسب علمي دائما لا مكان لغير الواردة أسماؤهم وصفاتهم في ورقة المباراة ، بمعنى ان رئيس الجامعة يعتبر في عداد الأجانب عن المباراة ، ولا يحق له الجلوس أو الاقتراب من جنبات الملعب ، وهو بحسب القانون مجرد جمهور يتابع ويتفاعل في سياق الروح الرياضية ، بل إن له ظرفا مشددا إن زاغ عن سكة الروح الرياضية ، بتصريح نشاز أو سلوك غير رياضي ، أما دخول الملعب ومهاجمة الحكم فتلك وقائع لم تخطر على بال المشرع حتى من باب الاحتمال.
الخطير في الامر ليس فقط في أنه رئيس الجامعة التي سنت الاحتراف للأندية ، والقوانين للاعبين ووكلائهم والمدربين ، وأنه “طلع” كما يقول الاشقاء المصريون مجرد ” هاوي” ، بل الاخطر هو ان الرئيس غير المحترف وبسلوكه الأرعن ينقل عدوى التهور ليس لباقي عناصر الفريق طاقما ولاعبين ، بل ينقل عدواه غير الرياضية حتى للجماهير ، التي منحها ” فوزي باشا” بطاقة خضراء لاقتحام الملعب ، وعتاب الحكم ، و الدخول لرقعة الملعب ، قصد الاخذ بالثأر ، متى غلت دماؤها وتمكنت منها العصبية الكروية .
ثمة مثل شعبي يقول ” إذا كانت شيمة رب البيت هي الرقص فشيمة أهل البيت ضرب على الدف ” ، فماذا ترك لقجع للجماهير وللاعبين ؟ ، أليست الحكمة تقول ” في رئيس جامعتكم أسوة لكم يا أهل الكرة !”.
المثير أن خشونة لقجع وهو يستبيح الملعب ، ويقتحمه كما يفعل ” بلطجية الملاعب ” لقيت استحسانا من بعض قبائل الفيسبوك ، معتبرين الرجل وطني وغيور على قميص وطنه ، وأنه ” هكا يكونو الرجال وإلا فلا ” ، هؤلاء التعساء أعمتهم العاطفة ، وقادتهم ” القلوب و الأكباد ” ولم يشغلوا عقولهم ، فقد كان على رجال الامن ليلتها اعتقال هذا ” الهاجم ” على الحكم ، وتصفيده ثم اقتياده لمركز شرطة الملعب للتحقيق معه ، لأن الاحتراف يعني ” اللي دار الذنب يستاهل العقوبة ” ، فالرئيس بعدم تبصره وقبوله على نفسه لعب دور واحد من ” الشبيحة ” يشكل خطرا على الحكم ، وعلى الامن العام ويشكل مسا بصورة الوطن ، الذي كان بالامس القريب قاب قوسين او ادنى من تنظيم كأس العالم ، ويعطي المثال الخطأ للجماهير والمشاهدين وللاعبين ، بل إنه بات يشكل خطرا على احترافية اللاعبين المغاربة الذين شبوا وترعرعوا في مدارس أوروبية غارقة في الاحتراف ، سينقل إليهم لا محالة شيئا من التشويش على معتقدهم الرياضي ، فهم متيقنون من انه ليس من مهام رؤساء الاتحادات الكروية ضبطهم في حالة تسلل ، في غزوات عربدة على الحكام .
ودعونا نعود للمباراة التي أججت غضبا اصطناعيا للرئيس ، و لنحلل بعضا من نقط إثارتها ، فضربة الجزاء التي منحها الحكم للنخبة المغربية كانت هدية من السماء ، ولو لم يعلن عنها الحكم في حينه لما لامه أحد على ذلك ، لأنها تحتمل الاعلان عنها مثلما تحتمل غض الطرف عنها ، ثم نعود للورقة الحمراء التي أشهرها الحكم في وجه اللاعب الكاميروني ، ففي احتمال وجود ضربة جزاء لصالح اللاعب الكاميروني نصيب كبير عند معاودة اللقطة في اليوتوب ، ثم إنه في أسوأ الحالات لم يكن اللاعب المطرود في حالة تمويه تستوجب إنذاره للمرة الثانية وطرده من الملعب ، والحكم على زملائه باللعب منقوصي العدد.
لذلك كان السيد الحكم كريما معطاء مع نخبتنا ، ولم يكن هذا الحكم سيئا لدرجة الهجوم والتهجم عليه ، ومن طرف من ؟ ليس من طرف عميد الفريق ، ولا من طرف لاعب شاب متحمس ، ولا من طرف مدرب يخشى على منصبه ، ولا من طرف جماهير هائجة متعصبة ، بل من طرف ” الباطرون ديال الكرة ” ، من طرف الرئيس ، من طرف مؤسس الاحتراف ، من طرف ” مول التيرانات ومول البالون ” ، من طرف ” مول العرس” .
عندي اليقين أن حكم المباراة سواء الاول او الرابع لن يحرر تقريرا بما صدر عن ” فوزي بيه” ، لأن الحكم المسكين يعلم أنه أمام الرجل الثاني في الكاف ، ويعلم انه ليس هناك من يقوى على القول للأسد ” فمك خانز ” ، وأن الحكم سيبلع تلك الهجمة عليه وسيسترها رغم ان كاميرات العالم فضحتها ، فلمن سيشكو هذا الحكم لقجع ؟ ، سيشكوه للقجع نفسه ، فالسيد أحمد أحمد يكاد يكون مجرد ظل للرئيس فوزي لقجع ، وهو يشد به عضده ، خاصة وان الكاميرون مغضوب عليها لانها لم تتقن الاستعداد لاستضافة كأس إفريقيا للامم، واحتمال نقل التظاهرة منها بات واردا ، ولن يفك للكاف ورطته غير المغرب الذي هو مستعد لاستبدال الكاميرون وإنجاح الدورة القارية ، لذلك لن يجرأ الكاف وحتى الفيفا على معاتبة لقجع فما بالنا بمعاقبته ، وطبعا ” اللي عندو أمه في لعرس ما يباتش بالجوع ” ، في حين يقتضي المنطق الرياضي في أضعف إيمانه توجيه إنذار ولو شفاهي لرئيس لا نعلم في المباراة القادمة كيف ستكون ردة فعلته مع الحكام .