صاحب كتاب البوخاري ممنوع من الندوات

بعد الجدل الحاد الذي أثاره حكم قضائي، أذِن للسلطة المحلية بحجز كتاب “صحيح البخاري.. نهاية أسطورة” من إحدى المكتبات بمراكش، منعت السلطات المحلية، هذه المرّة، في ابن جرير ندوة فكرية حول موضوع: “الحرية بين السياسي والديني” كان مقرّرا أن يشارك فيها صاحب الكتاب نفسه، رشيد أيلال، عصر يوم السبت المنصرم، بعاصمة الرحامنة، قرار المنع الذي تم تبليغه شفويا لعضو من مكتب جمعية اتحاد أصدقاء الفلسفة، باعتبارها الجهة المنظمة للندوة، من طرف باشا المدينة والقائد رئيس الملحقة الإدارية الأولى بها، اللذين اكتفيا بتعليل المنع بموضوع الكتاب، الذي كان منتظرا أن تناقش الندوة ما أثاره من جدل فكري وقانوني وحقوقي، فيما ردّ المنظمون بأن اللقاء فكري وليس قراءة في الكتاب
وسبق لمدير مركز القرب بالحي الجديد بابن جرير، الذي كان مبرمجا أن يحتضن الندوة، أن أشّر بالموافقة على تنظيم اللقاء شريطة إخبار السلطة المحلية، وهو ما قامت به الجمعية، يوم الأربعاء الماضي، قبل أن تفاجأ، يومين بعد ذلك، باستدعاء عضو من مكتبها إلى مقر الملحقة الإدارية الأولى لتبليغه بمنع الندوة، التي كان مقرّرا أن يشارك فيها، أيضا، إبراهيم الفتاحي، الأستاذ المبرز في الفلسفة والمختص في الفكر الإسلامي.
وكرد فعل منها على القرار، الذي تزامن مع زيارة وزير الثقافة للمدينة لتفقد أشغال بناء المركب الثقافي، أصدرت جمعية أصدقاء الفلسفة بيانا شديد اللهجة، ربطت فيه المنع بما يشهده المغرب من تراجعات حقوقية، منددة بمختلف أشكال الحظر على الفكر والفلسفة، ومحذرة من مغبة ما قد يترتب عن مثل هذه القرارات من “هدرٍ لزمن ثقافي ثمين، يمكن استثماره لتقوية الإرادات الواعية، وتوسيع رحبة الوجود، وبناء قواعد العيش المشترك في مجتمع الاحترام المتبادل”.
ودعت الجمعية إلى وجوب التفكير في بناء أسس متينة لـ”مجتمع الثقة” و”الاختلاف البنّاء”، عوضا عن “مجتمع التوجّس” و”الإلغاء الهدّام”، موضحة بأن ذلك يرتبط بتعزيز حضور الفلسفة والفكر النقدي في المنظومة التربوية والفضاء العمومي.
وشددت الجمعية على مواصلة مبادرتها الثقافية، على الرغم من مختلف أشكال التضييق التي تطال برامجها، داعية إلى إحداث “رابطة وطنية” للجمعيات المهتمة بالفكر، لتقوية المرافعة عن الحق في الفلسفة باعتبارها حقا كونيا متأصلا.
من جهته، أصدر الحزب الاشتراكي الموحد بابن جرير بيانا استنكر فيه القرار الذي اتخذته السلطات بدون تعليل مكتوب، واصفا إيّاه بـ”المتعسف”، واعتبره “تأكيدا على استمرار السلطة في التضييق على كل الأنشطة التي تشذ عن الابتذال والتسطيح التي تغدق عليها دعما ماليا وتثمينا معنويا”، داعيا “الهيئات السياسية الديمقراطية والحقوقية والجمعوية إلى الوقوف بحزم للتصدي لمثل هكذا قرار من قرارات النكوص والارتداد إلى الخلف، التي مافتئ كثير من المسؤولين يعملون بلا كلل على تنزيلها على أكمل وجه”.
هذا، وقد تزامن القرار مع منع نشاطين آخرين بالجهة نفسها، أحدهما يتعلق بالملتقى الوطني التربوي، الذي كان مبرمجا تنظيمه، يوم السبت الماضي، من طرف جمعية “تماكيت د أسنولفو” بجماعة “بادوبران” بإقليم شيشاوة، قبل أن يتراجع رئيس المجلس القروي عن احتضان مقر الجماعة للملتقى، يوما واحد قبل تنظيمه،د ون إبداء أسباب القرار أو تعليله.
كما منعت سلطات قلعة السراغنة، بدون سابق إخبار وتعليل، ندوة ذات طبيعة نقابية حول موضوع “التوظيف بالعقدة في قطاع التربية والتكوين”، كان مبرمجا تنظيمها، صباح أول أمس الأحد،من طرف الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالمدينة.