ربورطاج…الواليدية : الجمال يخدشه الإهمال ( صور)

محمد الشمسي ( موفد كازاوي) .
تبدو منطقة الواليدية مثل لؤلؤة تختفي خلف صدفيتيها ، حيث التقت على ساحلها كل أنواع التضاريس من هضاب ووديان بحرية ومرتفعات وسهول وغطاء نباتي ، وباعة فواكه البحر من محار وبالور و البوزروك وقنفذ البحر وغيرها ينتشرون هنا وهناك ، يكسرون قواقع تلك الفواكه ويتسللون إلى دواخلها ويسلمونها للزبناء طازجة بنكهة الحامض ، على أن جاذبية ورونق شاطئ الواليدية يكمنان في تلك الجزيرة الطبيعية أو شبه الجزيرة ، أو في ذلك الخليج الطبيعي الذي يزين المصطاف ، وفي أسراب المراكب بمحركاتها وهي تقل المصطافين من وإلى عمق الجزيرة صباح مساء ، حيث تتخطى بهم مجرى مائيا بحريا يظهر ويختفي كل 12 ساعة ،و يبعد شاطئ الواليدية بأقل من 40 كيلومتر من مدينة آسفي ( عبدة) ، لكنه تابع لنفوذ عمالة اقليم سيدي بنور( دكالة) .
ورغم مؤهلاته الطبيعية الخلابة فإن مظاهر الإهمال التي تئن تحت وطأتها المنطقة أكثر من صور جمالها ، فالعين تحتار في وصف المنطقة بالمدينة أو القرية ، ليس فقط لصغر حجمها بل لكثرة التهميش الذي تعانيه ، شارع وحيد ضيق رغم أن “التواسع عطاها الله” ، وضعف في تصميم تهيئة المدينة ، وفوضى تعج بها أنحاء الشارع الوحيد والمخنوق ، حيث باعة المواد الغذائية بلا رقابة ، وكل واحد منهم يعرض منتوجه بالطريقة التي يحددها هو ، أمام عدم وجود أية مراقبة طبية وصحية ، وتكفي الإشارة الى ان بائع “اللحم المبخر” يغطي لحمه ببلاستيك غير صحي ، ويعرضه تحت أشعة الشمس ليلقي عليه دافئا، واحتلال للملك العمومي يصل حدا الاستنزاف ، والأسعار “كلها يلغي بلغاه” ، قاسمهم المشترك هو الغلاء بلا جودة ، والفندق الوحيد القابع في تلة شامخا مطلا على الشاطئ يحدد ثمن الليلة الواحدة في 2700 درهم ، وبقربه إقامة سكنية تحدد سعر الليلة الواحدة في 800 درهم .
وتنتشر الشقق المفروشة بين أزقة المدينة القرية تتراوح أسعارها بين 200 درهم و500 درهم ، بحسب الموقع والتجهيز ، وتكاد البلدية المسئولة عن الواليدية تكون قد انقرضت قبل الديناصورات ، فلا أثر لها ولو من باب العنوان أو الإسم ، حيث الأزبال في كل مكان ، بما في ذلك الشاطئ الساحر الذي لا يتوفر على حاويات لجمع المخلفات ، مما يضطر معه المصطافون إلى ترك مخلفاتهم في أماكن اصطيافهم ، فيتحول الشاطئ الى مطرح ، وفي الليل لا أثر لأي اعمال التنشيط والترفيه يجد فيه زواؤ الواليدية ملاذا ووجهة لهم ، هناك فقط فضاء عشوائي للألعاب ، يعاني من الأوساخ والتسيب والفوضى وألعاب خطيرة واضح أنها غير خاضعة لأي تأمين ، وحتى على المستوى الأمني فعناصر الدرك الملكي قليلة العدد مقارنة مع أعداد الزوار ، لذلك لا غرابة في أن تثار في كل لحظة وحين مشادات أو شجار هنا وهناك ، فكل شيء يساعد على أعمال الشغب والاشتباك ويشجع عليه.
وأسرت مصادر لكازاوي ، أن قرب الواليدية من مدينة آسفي حيث منطقة عبدة جغرافيا ، وانتماؤها الى سيدي بنور ترابيا حيث منطقة دكالة ، هو عامل مساهم في إهمال الواليدية ، بفعل صراع تاريخي بين عبدة ودكالة ، فأهل دكالة يرون أن عبدة يحتلون الواليدية باعتبارهم يملكون جل عقاراتها ومنشآتها ، وبالتالي لا طائل من النهوض بها ، في حين يرى عبدة أن الواليدية منطقتهم التي انتزعها منهم مقص التقسيم الاداري.
وفي انتظار تسوية بين عبدة ودكالة حول الواليدية تبقى هذه المدينة القرية ترزخ تحت وطأة الإهمال والتهميش معا ، ثم إنه لا يمكن رهن مستقبل الواليدية وأهلها الطيبون بهكذا مبرر يقوم على فكر قبلي طائفي ، بل تحتاج الواليدية لتدخل عاجل لانقاذها من براثن المجهول ، وهي تترقب زيارة ملكية أو إلتفاتة عامل أو مسؤول ، ينهض بها ، وتبقى الواليدية رغم كل هذا آية من آيات الجمال التي أنعم الله بها على هذه المنطقة ، وتبقى طيبوبة وعفوية سكانها الذين يقتاتون من البحر ومن رماله ومن جنباته ، عاملا يساعد زائرها على تحمل لهيب التهميش .