خرافة 8 مارس : مبروك عليك سيدتي عيد الوهم والنفاق وما جاد عليك به الذكور

محمد الشمسي
لعل المنافقين من كثير من الذكور تراهم في هذه اليوم يقدمون الورود للنساء ، ويستغلون هذه الخرافة للاقتراب من جسد المرأة في عناق غير بريء ، وآخرون من الذكور ممن لا تنقصهم ” قلة الحياء” ، يوزعون ابتسامات صفراء يكشرون فيها عن أنياب تترصد المرأة تود لو تنقض عليها ، وكثير من النساء بسداجة يصدقن المشهد و يعتقدنه حقيقة ، فكان ” 8 مارس” بدعة وبالتبعية هو ضلالة حقوقية وإنسانية ، وطبعا كل ضلالة في مزبلة التاريخ ، فنكد النساء متواصل ونزيفهن يتجدد ويستمر ، بعد أن تاجرت “الشلاهبيات” منهن في “قضية المرأة ” ، وباعتها “النساء البانضيات” ، في فنادق خمس نجوم ، وعلى موائد مستديرة مثبتة فوق هموم المرأة الحقيقية ، وقعدن تقهقهن وتنفثن دخان سجائرهن ، في صفقة قذرة .
ماذا قدمتم وماذا قدمتن للمرأة ؟ ، ومن أنتم ومن انتن حتى تقدموا للمرأة شيئا؟ و”وكون كان فيكم شي خير كون درتوه في روسكم ” ، منحتم للمرأة هدايا مسمومة ، من ريع اللائحة الوطنية ولغم الكوطا ، واستحدثتم لها ضلالا سياسيا تمثل في “التمييز الايجابي” ، تكذبون عليها وعلى التاريخ وعلى المنطق والعقل ، وتلوون عنق اللغة لتصنعوا لها قصورا من ورق ، جعلتموها تجري خلف توابيت السياسة والمناصب ، ليس لأنها كفءة أو لأنها تستحق ، فقط لأنها أنثى ، فقتلتم الكفاءة وزرعتم الميز في أبشع صوره ، غايتكم من كل ذلك شراء ذمم المتعلمات من النساء ممن يمكنهن هدم المعبد فوق رؤوسكم ، و”يشريو ليكم الصداع مع فرنسا وميريكان” ، لكنكم و البعض منهن معكم خذلتم باقي النساء ، نسائكم “القاريات والمناضلات ” ربحن المناصب لكن خسرن القضية .
ماذا عن المساواة بين الجنسين التي أقرها دستور 2011 منذ ثماني سنوات ؟ ، أرى شرذمة من النساء تجنين غلة دستور 2011 ، والغالبية العظمى منهن لا نصيب لهن في بنود هذا الدستور ، هل تعلمون أنه في الدواوير غير البعيدة عن العاصمة الاقتصادية هناك طفلات تقطعن ما تقطعه قوافل الرحل للوصول الى مدارسهن ، فيتعبن ويسأمن ثم ينسحبن ويرتمين في حضن الجهل والأمية والفقر ، قبل أن يبرم الذكور صفقات ويبيعوهن إلى ذكر شاب يريد والداه أن يكمل نصف دينه علما أنه لا دين لا له ولا لوالديه ؟.
هل تعلمون أن نساء منكن يا “مناضلات وقاريات” ، ويا أيتها ” البياعات والشرايات” في مستقبل المرأة أن منكن من تستقدم امرأة لكي “تضرب لها الجفاف ” في الفيلا أو العمارة ، وتطعم الكلاب والقطط ، من صبح الله الى ليله ، و” مولات الشي” تكلمها بعجرفة وتكبر وأوامر ، وتوصي أبنائها بعدم الاقتراب منها ، لأنها من “بني شعبون” الذي الأصل فيه أنه مرتع خصب للفيروسات والأمراض ؟ ، هل تعلمون أن منكن من تستقدم صغيرات تحرثن عليهن وتستغلهن في تلبية حاجيات “أولاد الأكابر” ، ولا تعلمن الصغيرة صنعة ولا تحاربن لها أمية ، وتحملن عليها أحمالا أثقل من وزنها الصغير ، وتغتصبن طفولتها ، مقابل أن يحيا عيالكم ويسافرون الى أوربا وأمريكا ، على حساب مستقبل صغيرة لا ترضون أن تقاسمكم الإنسانية ؟.
هل أتاكم وهل أتاكن حديث جحافل النساء وهن يقصدن زنازين الأحياء الصناعية ، يدخلنها في الليل باكرا ولا يخرجن منها إلا في الليل ليلا ، فتمضين أعمارهن بلا أشعة شمس ، وكل تلك الأشغال الشاقة بدريهمات سرعان ما تبلعها نفقات ” الويكاند” ؟ ، هل في علمكم المرأة الموظفة الصغيرة في السلم ، والكبيرة في الشموخ ، التي تفني عمرها تخدم المرتفقين مقابل تقاعد تقعد منه بقلة بصر وآلام في الظهر وماتبقى من راتب شهري هزيل سقيم أنى له أن يسد الرمق ويحقق الحلم ؟ ، هل سمعتم أو سمعتن بالمرأة الفلاحة التي تقوم بذات المهام التي يقوم بها الحمير والبغال ، هناك في مغرب بعيد عن الفنادق الراقية التي تعقدن فيها مؤتمراتكن المشبوهة ، يدعمكم عدد من الذكور ، حتى لا أقول الرجال ، فأن يولد الذكر ذكرا فذاك قدر الله ، لكن أن يصبح الذكر رجلا فهذا اختياره .
كلوا وكلن من الطيبات مما هو محرم على المقهورات ، واعتلوا واعتلين المناصب على ظهر الكوطا واللائحة الوطنية والمناصفة المشبوهة ، رثوا المناصب عن الآباء والأزواج ، لكن اعلموا واعلمن أن التاريخ يكتبكم جميعا في قائمة “ديدان حقوق المرأة” .
حتى شهر مارس هذا بات “مارسان ” اثنان ، مارس خاص بكن تحتفلن بالثامن منه بالغنائم والمكاسب ، ومارس “الدرويشات المكافحات” اللاتي لا فرق عندهن بين مارس وأبريل ومايو و يوليوز إلا في نهاية شهر يرمي لهن “الباطرونات” ببعض الفتات .
ماذا قدمتن للمرأة من مكاسب ؟ ، بل كم جنيتن على ظهر المرأة من مكاسب ؟ ، حتى القوانين التي تحمي هذه المرأة يسنها الذكور حتى لا أقول الرجال ، وشتان بين الرجال والذكور ، وحتى تلك القوانين تأتي لتقزم دور المرأة ، وتجعل منها طرفا ضعيفا مغلوبا على أمره ، يتوجب حمايته والحفاظ عليه ، وكأنها كائن سيبيرنتيكي يخشى أشعة الشمس ، أين هي الأحزاب التي تؤسس لها تنسيقيات نسائية ؟ ، كم من حزب انتخب منخرطوه امرأة لتقودهم ؟ ، وكم من نقابة توجد على رأسها سيدة تسوس الأتباع ؟ ، كم تمثل المرأة في قطاع الوظيفة العمومية ؟ وكم تمثل في المؤسسات الدستورية ؟ ، وكم تمثل حتى في المهن الحرة ؟ هل سمعتم تجمعا مهنيا انتخب سيدة لتكون نقيبته وقائدته ؟ ، فعن أي 8 مارس تتحدثون ؟.
أذكر حين حضرت مراسيم لفيف عدلي لإنجاز موجب استغلال ، يشهد فيه 12 شاهدا بين يدي عدلين أن فلانا يستغل بقعة أرضية فلاحية لأكثر من 10 سنوات ، أو لفيفا من 12 شاهدا يشهدون فيه أن جارهم انتقل الى عفو الله ، لإنجاز رسم إراثة ، من شروط الشاهد أن يكون ذكرا بالغا فقط ، ولا يمكنه أن يكون سيدة ولو كانت أكبر الجميع سنا وحكمة ، ومثلها في جميع الرسوم العدلية التي تستوجب شهادة ، لا مكان للنساء في الشهادة ، حينها تختل الموازين ، حيث يصبح الذكر البالغ مقدما عن السيدة المتعلمة والواعية والمثقفة ، فقط لأنه يخالفها في الجهاز التناسلي ، يومها أيقنت أن ” الانتهازيات من معشر النساء” ، قد أخرجن معركة المرأة عن مقاصدها ، وأنهن وقعن هدنة مع التخلف والإبقاء على المرأة رهينة مزاج الذكور ، محرومة من شهادة بسيطة بين يدي عدل ، لا لشيء إلا لأنها أنثى .
وأمام هذا الوضع استحضر عبارة من الرئيس الليبي الراحل ، ولعلها أبلغ تعبير على وصف الحال ” طز في 8 مارس هذا ” ، و”طز فيكم ” وعندكم قانون يمنع المرأة من الشهادة ضمن لفيف عدلي تشهد فيه الى جانب الذكر أن جارها قد مات وأنها تعلم بواقعة وفاته ، أو تقول فيه أن جارها يستغل أرضه منذ كذا سنة ، أما وإن قانونكم يحرم عليها ذلك لأنها “مدايزاش في الشهادة” ، ف ” كولو 8 مارس ديالكم ” .