مجتمع

المهاجرون الأفارقة بين الترحيب أو الرفض (روبورتاج)

أحياء متعددة الثقافات والأعراق

المهاجرون الأفارقة بين الترحيب أو الرفض

وجود المهاجرين الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء جنبا إلى جنب مع أشقائهم المغاربة من ساكنة إحدى أكبر تجمعات السكن الإجتماعي بتراب عمالة الحي الحسني لم يعد محط تزكية جماعية. نحن بصدد الحديث عن توتر و إحتقان شديدين بين هؤلاء و هؤلاء تؤججهما المشادات التي تشهدها مباني التجزئات الأربعة ,الأزهر 1 و 2 ,فرح السلام و الياسمين.

تقدم أحياء السكن الاقتصادي كافة الدلائل على أنسب مكان للسكنى بالنسبة للمهاجرين الأفارقة الطامحين للحرية, ولكن الواقع على الأرض يقول عكس ذلك. إذا كان أكترهم حظا مجبراعلى أداء سومة كرائية أعلى مقارنة بنظيره المغربي، فالغريب هو أن بعض المباني تعلن بصريح العبارة رفضها لجوارالأجنبي الراغب بإستأجار شقة,لافتات علقت على مداخل المباني تحظرحرفيا على فئة الملاك تأجير الشقق للأجانب.

“هربا من القيود المفروضة علينا من قبل أصحاب الشقق المستأجرة خلال فترة الدراسة الجامعية, بالرغم من سوء المعاملة و الخلافات مع الجيران, فإن هذا الحي قررنا المضي قدما نحو حي فرح السلام الحي. يعرف تجمع جالية كبيرة من المهاجرين من جميع الجنسيات مما يخفف من إحساسنا بالغربة ويسرع بذلك وثيرة إندماجنا “.صرح بذلك مارتن، طالب ماجستير بكلية العلوم عين الشق.

“في غياب عقد الإيجار يحدد وضعيتنا القانونية، فإننا ندفع السومة الكرائية المتفق عليها بانتظام مع بقاء إمكانية الطرد واردة في أي وقت,لذا نحن مجبرون قسرا على تحمل الشتائم و المضايقات التي تصدر عن بعض الجيران دون اخرين, أما أسعار الإيجارات فتختلف حسب الجنسية واللون – 3000 درهم للأجنبي و أقل من 1500 للمغربي “. يضيف آخر.

يوسوفا , واحد من المهاجرين الذين يسعون إلى إستئجار محل مند شهرين دون نتيجة تذكر, و يكمن السبب حسب إفادته إلى الحظر اللامشروع الذي ينهجه الأمناء ” سانديك” نيابة عن أصحاب الشقق.أما بخصوص مكان إقامته الحالي ,يوسوفا يقول أنه يعيش رفقة زملائه الكونغوليين الذين يقبلون وجوده في مقابل المشاركة في دفع رسوم الإيجار والماء والكهرباء . “الوضع ليس مريحا أو بالأحرى لا يطاق ، عشرة أشخاص يقتسمون شقة تقل مساحتها عن 60 متر مربع”. يضيف يوسوفا.

حسب إفادة العديد من المستأجرين, فإن معجم السب و الشتم “صديقي “أو” العزي “الأكثر انتشارا قد تعزز مؤخرا بمصطلح “إيبولا” ذي التأتير البليغ. بإعتبارها إهانة تسمع كل يوم ,أسفل الدرج, بمركز التسوق و بمحطة الحافلات , تتجلى خطورة الكلمة في دلالتها المحيلة على نبذ الاخر و الإنتقاص من قيمته و ذلك بربطه بكل ما هو خطير و مهاب.

وتشير معظم الاراء المعبر عنها من لدن مواطنين مغاربة يسكنون نفس الحي إلى تنامي الشعور بعدم الإرتياح ,فعلى الرغم من الصداقة التي تجمع امين ,أحد سكان إقامة الأزهر, بعدة طلاب أفارقة, إلا أن الشاب لا يخفي غضبه من التعنث الذي ينهجه بعض المستأجرين الأفارقة ممن لم يستسيغوا ضرورة تكييف أسلوب حياتهم مع المنظومة الأخلاقية و الثقافية للمغرب, ولم يضعوا حدودا للحرية وفقا لعادات وتقاليد بلد الإقامة,فهم بذلك قد قطوا حبل الثقة بسلوكهم غير المسؤول واللامقبول.

لحسن الحظ, قبل واحد من الأمناء التحدث إلينا عن قرار منع المستأجرين الأفارقة من ولوج العمارات السكنية قائلا ،”إن قرار إغلاق أبوابنا بوجه المستأجرين الافارقة ليس تمييزا عنصريا كما يعتقد الكثيرون، وإنما هو نتيجة لتجارب من الماضي القريب مع مجموعة من المستأجرين. شبكة الوساطة لا تولي أهمية لحالة المستأجرين أوعددهم , نتيجة لذلك نجد أنفسنا بجوار مجموعة من الفتيان والفتيات ممن يتغيرون بانتظام قبل أن نتمكن من تخزينن أسماءهم وملامحهم, دون الحديث عن الحفلات الصاخبة و كذا المخالفات المصاحبة لها التي أنئا عن ذكرها أو وصفها “

مباشرة بعد بيانه، قامت أياد خفية بإزالة الملصق الذي يحظر على ملاك إقامة الأزهر تأجير الشقق للأفارقة,مما يزكي فرضية إنقسام الملاك,حول مشروعية القرار وصحته, إلى مؤيد ومعارض.”داخل كل مبنى وكل الإقامة, سوف تجد من يساند القرار واخرين في دفاع مستميت عن حقوقهم العينية على الممتلكات والآثار القانونية الناشئة، بما في ذلك حق الإيجار “. يِؤكد صاحب وكالة عقارية.

قد يكون من الحكمة العودة إلى تجربة الجمهورية الفرنسية مع الأزمة الضواحي نظرا لأهمية السلم الاجتماعي وحسن الجوار في الأوساط الحضرية حيث تتجمع و تمتزج العديد من الجنسيات.

ديدييه بوركلين, أستاذ التاريخ والجغرافيا يقول: “من الإفراط تعميم مصطلح “الضاحية” على أي منطقة دون أي تمييز, ولكن مشكل الضواحي من القضايا ذات الصلة بجميع دول العالم, ألمانيا، السويد و والولايات المتحدة, إذ تعتبر المناطق السكنية الكبرى نقاط جذب موجات هجرة كبرى للمهاجرين (82 جنسية بسارسيل و 102 في سانت بريوك).”

من جهته, يعتبر هيرفي فييارد-بارون أن تطوير الإمتزاج المجتمعي من خلال إقامة الحوار بين فسيفساء سكانية واحدا من الأسس الضرورية لتحقيق التوازن و الإستقرار.”إن التحدي هو أن نعيش معا في ظل التنوع, فببناء التوافقات نستطيع تحويل هذه المناطق السكنية إلى فضاء للتعايش, إنها مسؤولية كل من الجمعيات,الأسرة ,المدرسة و السلطة”.يضيف أستاذ الجغرافيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى