مجتمع
قطاع النظافة بالدار البيضاء بين سلوكات المواطنين وتقصير المسؤولين (استطلاع)
خصت جريدة “الصباح” في عددها لليوم الاربعاء قطاع النظافة بالدار البيضاء باستطلاع كبير استمعت فيه الى جميع الاراء ووقفت فيه على جميع مظاهر الاختلالات التي مازال يعاني منها هذا القطاع الذي دخل الى الاونة الاخيرة مرحلة جديدة تتميز بالتوقيع على عقد ودفتر تحملات جديدين.
فالقطاع، حسب الجريدة يجتاز مرحلة دقيقة تضعه أمام امتحان عسير في افق تحقيق مشروع “البيضاء دون أزبال”، وهو المشروع الذي كلفإعداده غلافا زمنيا تجاوز سنتين.
واوردت الجريدة عددا من المشاهد التي وقفت خلالها على التعامل السيء للمواطنين مع التغييرات الجديدة ونوعية التجهيزات والاليات التي وضعت في عدد من المقاطعات.
المواطنون، الذين تحدثت إليهم “الصباح”، في رحلتها الميدانية التي شملت حوالي 12 مقاطعة، لا يكفون عن التذمر ويتكلمون بصوت مرتفع عن ما يصفونه بفظاعات شركات النظافة والمسؤولين الجماعيين الذين لا يتحملون مسؤولياتهم، حسبهم، ويتركون المدينة عرضة لجبال من القمامة والنفايات والأزبال التي تكاد تغرق أحياءهم وأزقتهم.
بمقاطعات أنفا والمعاريف وسيدي بليوط وجزء من ابن امسيك ومولاي رشيد وسباتة قد تجد ما يبرر سخط السكان على خدمة النظافة، أولا، بسبب طبيعة هذه الأحياء المصنفة راقية وتتوفر على عدد أكبر من المحلات التجارية والإقامات السكنية ومجموعات أحياء الفيلات والإدارات العمومية والشركات والمكاتب الخاصة، وثانيا، بسبب ثقل التجربة السابقة وسلبياتها التي أثرت على صورة النظافة بهذه المقاطعات ووضعتها مباشرة تحت الملاحظة والمراقبة، خلال التجربة الجديدة، سواء من قبل السكان أو المنتخبين أو السلطات الإدارية.
العلمي البسباس، مدير القطب الجماعات المحلية بسيطا البيضا، يقر بصعوبة تنزيل النموذج الجديد لحلول النظافة المعمول به في أكبر عواصم العالم على أرض الواقع، لكنه لا يقر باستحالته، مؤكدا أن الأمر يتطلب بعض الوقت، قد يصل إلى نصف سنة من بداية الاشتغال الفعلي بالعقد الجديد بالبيضاء، وهي مدة كافية لإنجاز تقييم يفضي إلى خلاصات، بعد أن يتأقلم المواطنون مع هذه الحلول المبتكرة.
وقال البسباس، في حديث لـ”الصباح”، إن “سيطا البيضا” تتكلف بمنطقتين تضمان ثماني عمالات، وهي المنطقة 1 التي تضم عمالات أنفا والفداء، ثم المنطقة 3 التي تضم عمالات مولاي رشيد ابن امسيك، وهما المنطقتين اللتين يتواصل بهما المجهود نفسه سواء في المرحلة الانتقالية، أو المرحلة الفعلية الحالية، علما أن مجهودا استثنائيا يبذل من قبل مسؤولي الشركة ومستخدميها وأطرها لخلق نوع من الألفة بين المواطنين والشكل الجديد للحاويات المسمى (بورن دابور فولنتير-باف)، وهي الحاويات التي وزعت منها الشركة حوالي 3 آلاف وحدة عبر تراب المنطقتين.
وأكد البسباس أن اعتماد هذا النوع من الحاويات يعتبر ثمرة دراسة علمية أظهرت عددا من الإيجابيات مقارنة مع الحاويات القديمة ( أكبر حجما، وأحسن جمالية، وفعالية أكبر لمنع التسربات وقوة التحمل لأنها مصنوعة من المعدن وليس البلاستيك)، كما أنها مزودة بفتحات صغيرة، نزولا عند عادات مواطنين يفضلون طرح الأزبال في أوقات متفرقة في اليوم وبكميات قليلة يمكن استيعابها في كيس من الحجم الصغير.
ولتفادي عدد من المشاكل وسوء الفهم التي خلقتها هذه الحاويات بالنسبة إلى بعض المواطنين، تعمل “سيطا البيضا”، خلال الأيام المقبلة، على تدشين حملة تحسيسية وتواصلية حول هذا الموضوع لشرح مزايا وخصائص الـ”باف”، من أجل تطبيع السكان مع هذا الشكل الجديد، علما أن جميع مستخدمي الشركة وأطرها ملزمون بالتواصل مع المواطنين حول هذا الموضوع على مدار اليوم، شأنهم في ذلك شأن “سفراء النظافة” الثمانية المعتمدين خصيصا للتوعية وتحسيس البيضاويين بأهمية مردودية الحفاظ على مدينة نظيفة ونقية.
هدى الشيشاوي، رئيسة قسم النظافة بجماعة الدار البيضاء، قالت “بالفعل، مازلنا نرى بعض السلوكيات غير المنضبطة مع المرحلة الجديدة، خاصة على مستوى التعامل مع النوع الجديد من الحاويات الذي نأمل أن يستوعبه المواطن في أقرب وقت، للانتقال إلى مستويات أخرى في العلاقة بين الشركات والمواطنين عبر مجموعة من المحطات، تم تسطيرها في المخطط التواصلي الاستراتيجي”.
وأكدت الشيشاوي “إن الجماعة الحضرية للدار البيضاء واعية كل الوعي بالصعوبات الحالية، وتسعى للتخفيف منها في أفق معالجتها بشكل كلي، دون أن تفرط في الالتزامات الموضوعة على عاتق الشركتين اللتين نتواصل معها باستمرار لتنبيههم لهذه المشاكل وحثها على حلها في الآجال المنصوص عليها قانونيا، قبل الانتقال إلى مرحلة الجزاءات التي ستكون صارمة ولا مجال للتهاون فيها”.
إضافة إلى رفض الحاويات الجديدة من قبل عدد من السكان، يقاوم بعضهم التحولات التي تعرفها الدار البيضاء في قطاع النظافة بطرق أخرى، مثل سرقة صناديق القمامة وتدميرها وإحراق بعضها في عدد من الأحيان، والكتابة فوقها، ناهيك عن عمليات الترحيل والتحويل المستمر التي تخضع لها هذه الحاويات من قبل سكان يرفضون أن توضع قرب إقاماتهم ومحلاتهم التجارية.
صعوبة التألم مع صناديق القمامة الجديدة تبدو بشكل أقل في المقاطعات التي تديرها الشركة اللبنانية “أفيردا”، وهي أول تجربة لها في الدار البيضاء. وعزا مواطنون ذلك إلى سهولة الولوج إلى هذه الصناديق التي تشبه كثيرا الحاويات القديمة مع وضع غطاء لها، كما أن انتشارها بأعداد كبيرة، ربما يسهل عملية التأقلم معها من قبل السكان بهذه المناطق، ما لاحظته “الصباح” خلال جولتها.
يقول فراس عقرجي، المدير العام “لشركة أفيردا المغرب”، إنه يمكن “اليوم الحديث عن تحسن ملحوظ خاصة بعد مرحلة دخول الأسطول الجديد من الشاحنات والآليات والمستوعبات الخدمة الفعلية في كافة العمالات والمقاطعات التي نخدمها”، موضحا لقد ساهمت هذه الموارد من تمكيننا خاصة خلال عيد الأضحى من القيام بخدمة لاقت استحسانا لدى السكان بفضل سرعتها ونجاعتها بالتخلص من نفايات العيد”.
وأكد عقرجي أنه رغم النقاط الإيجابية التي تحققت خلال المدة الوجيزة للدخول الفعلي للعقد الجديد، إلا أن تحقيق الاستدامة ومستوى ثابت من النظافة يتطلب المزيد من العمل والمثابرة على ثلاثة محاور رئيسية:
أولا: العنصر الأساس في هذا القطاع أي العمال الموظفون والجماعيون، إذ لا بد من الوصول إلى مستوى عال من الفاعلية والكفاءة. ونحن نتأمل من خلال التعاون والشراكة مع الفرقاء الاجتماعيين من الوصول إلى صورة لعامل النظافة تليق بالمجهودات الكبيرة المطلوبة في سبيل تحقيق مستوى النظافة المنشود.
ثانيا: “إشراك السكان في عملية النظافة عبر تحسيسهم بضرورة المحافظة على بيئة نظيفة و جعل أحيائهم مكانا أفضل وإلهامهم للاعتناء ببيئتهم ونرى أن دورنا هو أن نبين لهم كيفية القيام بذلك”.
ثالثا: “الانخراط في تنظيم عملية الفرز لتفادي سلبيات الطريقة الحالية ودورنا هو بوضع كافة خبراتنا في مجال الفرز وإعادة التدوير لإيجاد حلول مستدامة قابلة للتطبيق”.