وضع السيد بنكيران حدا لمتاهات مشاوراته لأجل بناء حكومته ، بنكيران وبصرامته المعهودة فاجأ أخنوش ومن معه ، حين صاحها صيحة “خلاص اللي بينا خلاص” ، وزاد ” من النهار ده مفيش كلام خالص” ، والثابت أن بنكيران تحمل كثيرا دلل أخنوش ، الذي بدا مثل طفل صغير عنيد في متجر ألعاب ، يطلب هذه اللعبة ، ثم يرميها ليطلب تلك ، ثم يرمي الكل ليصيح باكيا ولو اقتنيت له المتجر كله لما راقه الأمر ، أخنوش الذي زاد فيه شوية ديال لفشوش ، طلب من بنكيرا ابعاد حزب الاستقلال من مفكرته ، وبعد ابعاد حزب الميزان بسبب “زلة اللسان” .
عاد اخنوش ليطلب من بنكيران “يريزيرفي ليه” مقاعد أمامية له ولثلاثة أحزاب ضيوف أحضرهم معه ، وهي أحزاب الوردة والسنبلة والحصان ، حينها انتبه بنكيران أن اخنوش وإن كان مليونيرا ويملك من هم الدنيا “اللي يتحرق ما يتقاضى” ، هو فقير برلمانيا ، فهو لا يملك سوى 37 مقعدا ، وهذه السبعة والثلاثين ” متجيبش ليه حتا شربة ديال الما تحت قبة البرلمان ، أخنوش الذي أزاح الفعفاع من فوق الحمامة ، وركبها وهي لا تملك في جناحيها سوى 37 ريشة ، لا تقوى بها حتى على القفز من سطح الى سطح ، لذلك فكر المليونير او الملياردير “واللهم لا حسد” ،في اقتناء شركاء او شركات جاهزة ، كما يفعل الرجل في عالم التجارة ، حيث استمال اخنوش صفائح حصان الدستوري ، وحبيبات سنبلة الشعبية ثم قطف وردة الاتحاد ، وصنع من هذا “الماتريال المتهالك” مقاعد برلمانية ، حملها تحت إبطه وراح يتحدى بها رئيس حزب حصد 126 مقعدا جملة وتقسيطا ، وفطن بنكيران الى مناورة اخنوش ، وعلم ان الرجل ابتلع الحصان والوردة والسنبلة ، وهو في طريقه الى تكسير مصباحه اليدوي ، فكان أن أوقفه عند حده ، وذكره ـ ولو أن الذكرى لا تنفع السياسيين ـ بأن هؤلاء الذين جاء يبحث لهم عن “عراضات في وليمته ” هم غير مدعوين أصلا ، وختمها بنكيرا بكلمته الشهيرة ” انتهى الكلام ” ، بمعنى “صافي سالينا ” ، بمعنى ” زدتو فيه ” .
أنهى بنكيران كلامه ، وسكت عن الكلام المباح ، وبات يبحث عن الحل المتاح ، هل يعود الى صناديق الاقتراع ويبكي على الناخبين ظلم أحزاب نفرت منه نفور السليم من الأجرب ، وأخرى ابتزته ، وثالثة تتفرج و”كتشفا”؟ ، لا أعتقد أن الدولة العميقة لها استعداد الى “خسران لفلوس والوقت من أجل أن يشكل بنكيران حكومته ” ، هل سيقبل بنكيران بحل وسط بأن “يدير بلاصة للحصان مع الحمامة السبولة ” ويضيفهم الى “معقول نبيل” ، فينير طريقهم بقنديله ؟ ، أم ان اخنوش ” سيعطي حماره ” ويهجر الحصان والوردة ويتركهما الى سنة فلاحية توحي بجفاف ؟، أم أن صاحب الجلالة سيلطف الأجواء بفتوى تخرج “الجرانة من فم لحنش ” و ” تسل الزغبة من لعجينة ” ؟.