محمد الشمسي يكتب :”السوبرمان الداودي ” في مسيرة “ولد زروال الثاني”

سيكتب التاريخ الوزير لحسن الداودي بأنه أول وزير في الحكومة خرج إلى الشارع للاحتجاج ضد الحكومة ، كان ذلك ليلة ثلاثاء سيظل أسودا في سجل وزير أخذته حماسة “بيعة سنطرال ” بعيدا ، حتى نسي صاحبنا أنه “وزير وليس مجرد مواطن ” على حد حكمة “أخيه في الحكومة ” يتيم ، فهب وزير حكامتنا ، ـ “وشوفو شكون الوزير ديال الحكامة المغربية ” ـ ، وسط حشود يزعمون أنهم يعملون بعقود محدودة المدة مع شركة سنطرال ، وأنهم تجمهروا قبالة البرلمان ، للمطالبة بوقف المقاطعة ، في مسيرة غريبة ، قريبة من مسيرة ولد زروال الأول ، فهي أول مسيرة في تاريخ المسيرات تنظم ضد الشعب أو ضد جل الشعب ، وهي أول مسيرة يشارك فيها وزير هتف مع المتظاهرين بالصوت الصداح ” الشركة تريد إسقاط الشعب” ، ونعني هنا “شعب المقاطعة ” ، لا تعنينا هنا مسيرة القوم فهم فئة قليلة خرجت ضد الفئة الكثيرة ، وما إذا كانت عفوية أم تم التخطيط لها مع سبق الإصرار والترصد من طرف “ولد زروال الثاني ” ، ممن يحسب “أن ماله أخلده” ، ولا تعنينا الجهة التي تبنت تلك المسيرة وأمرت بها ، وقررتها في تلك الليلة الرمضانية ، ولا يهمنا حظوظ نجاحها في تأجيج غضب المقاطعين ، بل يعنينا هنا حشر وزير لنفسه في مسيرة ، يفترض أنها ضد سياسة الحكومة التي هو واحد منه ، وكأن وزيرنا بالنهار هو عضو في الحكومة يدافع عن توجهاتها ، وفي الليل هو مواطن ثائر ضدها ، بل هو بالنهار وزير وبالليل أجير، لدى “شركة سنطرال” ، ” والله ينعل اللي فهم شي زفتة في هاد الشي ” .
الحقيقة تقال أن وزراء العدالة والتنمية أبانوا عن صمود وإلحاح غير مسبوقين في التصدي للشعب الذي قرر “وهو حر في قراره ” ، مقاطعة منتوجات ثلاث شركات لعل شركة الحليب الفرنسية واحدة من هؤلاء ، وفي الوقت الذي يعجز فيه كبار المحللين وحتى “المحرمين” ، عن تفسير تلك الاستماتة في الانحياز ضد الشعب لوزراء خلقهم الشعب من عدم ، ونصبهم وحزبهم في مناصب لم ولن يكونوا بالغيها ولو بشق الأنفس ، في وقت كاد فيه قرار “حل حزبهم ” أن يوقّع بعد أحداث 16 ماي الإرهابية لولا ….، فما بال هؤلاء الوزراء ، هل ينفذون تعليمات صدرت لهم من “الفوق” ، تقول لهم ” انتوما اللي شعلتوها انتوما اللي تطفيوها ” ؟ ، هل يقدمون “رصيدهم الشعبي” عربون وفاء و”تبعية” ل”ولد زروال الثاني” ، فأعفوه حتى من الخروج من “جحره ” الذي دخله منذ تاريخ المقاطعة ؟ ، علما أن حقيبته هي المعنية ، وأكدوا له استعدادهم ل”موت سياسيا بدلا عنه ” ، لكي يعفو ويصفح ويكتبهم في أجندته “غير مغضوب عليهم ” ؟ .
مسكين ذلك الداودي ، ومسكين حزب العدالة والتنمية ، فوزراؤه يقودونه إلى “مشنقة التاريخ” ، فأما الداودي فبرر رعونته و نزقه في تلك الليلة “اللي ما فيها ضو ” ب” بكونه “عا كان دايز ” من قرب المتظاهرين ، فقرر “ينزل يدير معاهم الصواب” بحجة أنه “مواطن وليس دائما وزير” ، وهو بهذا التبرير ذكرني ب” سوبرمان” عندما يتحول في ساعة الخطر من مواطن عادي إلى رجل خارق ، مع فارق بين السوبرمان الأمريكي الذي يقوم بإنجازات بطولية عندما يتحول ، في حين قام سوبرماننا المغربي ب”حماقة ” لم يقم بها وزير من قبل ولا من بعد ، فإذا كان الوزير يشارك في وقفة احتجاجية هي موجهة أصلا ضد حكومته ، فماذا ترك “السوبر داودي ” للنقابيين ؟ ، أقول قولي هذا وأعوذ بالله العظيم من “شر خرف المنصب و من شر كل حزب منقلب ” .