الرأيسياسة

قرار ملكي يعيد رسم ملامح الانتخابات: هل انتهت مرحلة عزيز أخنوش قبل أوانها؟

عبد الهادي فدودي: فاعل سياسي

في خطوة سياسية لافتة كسرت أعرافًا انتخابية دأبت عليها الحكومات المغربية منذ دستور 2011، أوكل الملك محمد السادس بشكل مباشر لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مهمة الإشراف والتحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة، متجاوزًا رئيس الحكومة عزيز أخنوش. قرار يثير أسئلة عميقة حول موازين القوى ومستقبل المشهد السياسي لما بعد 2026.
منذ انتخابات 2016، اعتُبر إشراف رئيس الحكومة على الاجتماعات الأولى الخاصة بالتحضير للانتخابات أمرًا طبيعيًا ومنسجمًا مع مقتضيات الدستور الذي يمنحه صلاحيات واسعة في التنظيم الانتخابي كما جرى مع عبد الإله بنكيران عند التهيئ لانتخابات 2016 حيث ترأس أول اجتماع تحضيري بصفته رئيسًا للحكومة، وكذلك سعد الدين العثماني قام بالدور ذاته، في احترام واضح للمسار المؤسساتي لسنة 2021.
اليوم، المشهد مختلف تمامًا. لأول مرة، يتم تكليف وزير الداخلية مباشرة من القصر، دون حضور أو علم رئيس الحكومة الحالي، وهو تحول سياسي غير مسبوق منذ عقد من الزمن.
ويصف محللون هذا القرار بأنه أكثر من مجرد إجراء إداري، بل رسالة سياسية تحمل دلالات واضحة:
تراجع دور رئيس الحكومة: تجاوز أخنوش في هذا الملف يُظهر ضعفًا في الثقة بقدرته على إدارة محطة انتخابية مفصلية.
عودة وزارة الداخلية كلاعب رئيسي: بعد سنوات من محاولة نقل ثقل العملية الانتخابية للحكومة المنتخبة، يبدو أن القصر يريد إعادة الإشراف المباشر عبر وزارة الداخلية، كما كان قبل دستور 2011.
إعادة ترتيب المشهد الحزبي: القرار قد يكون مؤشرًا على مراجعة شاملة للمنظومة الحزبية الحالية، وربما البحث عن بدائل سياسية لقيادة المرحلة المقبلة.
رغم أن حزب التجمع الوطني للأحرار يتصدر المشهد الحكومي منذ 2021، إلا أن هذه الخطوة الملكية قد تعكس بداية انحسار نفوذه
وشعبيته في تراجع بفعل تحديات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، مع أداء الحكومة الذي لم يرقَ إلى مستوى التوقعات، خصوصًا في ملفات الأسعار والتشغيل. مع بروز أحزاب منافسة مثل حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة يعزز احتمال إعادة توزيع الأدوار في الانتخابات المقبلة.
كما يرى المراقبون أن تكليف الداخلية مباشرة ليس موجهًا ضد شخص أو حزب بعينه، بقدر ما هو تدبير استراتيجي لضمان تحكم دقيق في العملية الانتخابية بعيدًا عن التجاذبات السياسية، بل انتقال سياسي سلس نحو مرحلة جديدة دون مفاجآت أو أزمات، الى تهيئة مشهد حكومي أكثر توافقًا مع توجهات القصر لمغرب ما بعد 2026.
و أن هذا القرار الملكي يفتح الباب لعدة احتمالات حول مستقبل رئاسة الحكومة المقبلة الى عدة سيناريوات منها:
استمرار أخنوش: رهين بتحقيق نجاحات اقتصادية واجتماعية ملموسة قبل نهاية ولايته.
صعود تكنوقراط: شخصية مقربة من القصر قد تتولى قيادة حكومة مقبلة.
إحياء أحزاب تقليدية: حزب الاستقلال أو الأصالة والمعاصرة قد يعودان للواجهة بقوة.
حكومة وحدة وطنية: خيار مطروح في حال فرضت التحديات الإقليمية والإصلاحات الكبرى توافقًا واسعًا.
وفي هذا الصدد نرى أن القرار الملكي يعكس رغبة في إعادة ضبط العملية الانتخابية وإعادة رسم التوازنات السياسية بالمغرب، مع احتمال تغيير في قيادة الحكومة المقبلة نحو مشهد سياسي جديد يتماشى مع توجهات القصر بعد 2026.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى