قيادي بالبيجيدي يقود المشاورات الحكومية من خيمة في عهد “قريش”

لعل هذا اليوم الذي يصادف الـ24 من شهر مارس 2017 سيدخل التاريخ من بابه الضيق، وهو يتلحف مسارا أريد له أن يكون استثنائيا من بين جميع المراحل السابقة لمشاورات تشكيلات حكومات المغرب. وكعادته، لم يكن بطل هذا المستجد سوى حزب العدالة والتنمية في شخص نائب أمينه العام سليمان العمراني، الذي خرج بتدوينة خلص من خلالها، بنباهة الواهمين، إلى تشابه المفاوضات الجارية في لقاءات سعد الدين العثماني وباقي الأحزاب مع ما أحاط صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقوم قريش من ظروف وحيثيات.
ومن غير التساؤل عمن هم المسلمين وأيضا الكفار في مشاورات مخاض الحكومة المقبلة، أو حتى الإستفسار عن المشمولين بحمل شعار السلم وكذا التواقين لتلطيخ أيديهم بفظاعات القتل والفتك. يبدو أن من أقرب المعضلات التي كشفت عنها هذه الزلة المزلزلة نية إخوان بنكيران في الإصرار على ربط كل ما هو معاش سياسيا على أرض الواقع بأمور دينية انفردت بطابع خاص حكمها. ولو أن الرسول الذي يتطاولون على إدخاله متاهات حساباتهم المعاقة كلما سنحت الفرصة أو لم تسمح، حث في أكثر من حديث على هذا التمييز لسذاجة عدم التقيد بقواعده.
ليبقى الأشد انحرافا إسقاط أحداث بعينها ذات حمولة صدامية، وتناقضات الخير والشر، الهدنة والحرب، الإعتدال والتطرف، الحب والبغضاء، للإنتهاء إلى حمل مفاتيح الجنة والنار. وهو الشأن الموغل في الخطورة بين أفراد شعب يعيش سنة وصل رقمها 2017، وتنشف أسماعه، صباح مساء، خطابات التسامح والتعايش كجزء لا يتجزأ من بلدان عالم لا يعترف بالأصوات النشاز أيا كانت نوعية إيديولوجيتها أو مرجعية أفكارها.
وحتى إن كانت خطيئة سليمان العمراني هاته ليست الأولى في سجل الحزب الإسلامي، بعد أن سبقه آخرون بلغت بهم جرأة اللهث المجنون وراء الكراسي الفخمة والمكاتب المكيفة لخدمة مقاصد معاقة، حد ادعاء كلام القرآن الكريم عنهم. فإنها، أي خطيئة سليمان، أدرجت في أشد صفحات “البيجيدي” حلكة، والتي لن ينفع لتبيضها لا “مصباح” الحزب ولا محاولات تبرير ما لا يبرر بدعوى قصور جميع المغاربة عن فهم المغزى الحقيقي الذي لا يستوعبه سوى هؤلاء “الراسخون في العلم”.. ما شاء الله.
وبما أن تهور البعض وإفراط معتقداته المصابة بحَوَل واقعي في إدمان مخدر الخبل، يفرض أحيانا توظيف صيغ قريبة من طبيعة ذلك التفكير، يبقى في السياق توقع انتظار طلعة أحد علماء الحزب الحاكم يوما وهو يُسقط على غير “البجيديين”، طبعا، قول الله: “.. بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا”. طالما أن لا شيء صار مستدعيا الإستغراب من قوم “العدالة والتنمية”، والكل مباح في مجالسهم تحت طائل “الغاية تبرر الوسيلة”، حتى وإن صحوا يوما على قرار تغيير أسماء هذا المفكر أو هذه السياسية أو ذلك النقابي بألقاب “أبو جهل” و”هند بنت أثاثة” و”مولاة بن جدعان” و”عكرمة”، ولِما لا استحضار روح “مازن الطائي” في جسد معارض قاده القدر للعيش في زمن عشيرة تُحرِّم التعايش السلمي مع كل ما هو عقلي ومتزن براية “طائفة العدالة والتنمية”.